فتـــــــــح ديمـــــــومة الثــــــــــورة … والقدس تاج الوقار

م. أحمد منصور دغمش/ فهي من نقلت شعبنا من شعب لاجئ يعتاش على معونات الأمم المتحدة إلى شعب يقاتل من أجل قضية عادلة وهدف سامي وهو تحرير الأرض والإنسان الفلسطيني من هيمنة وغطرسة الإحتلال الذي لم يدخر سبيلاً لتهويد الأرض العربية ويسابق الزمن بالاستيطان ومُصادرة الأرض وحقوق المواطنين ناهيك عن أساليبه الفاشلة في تضييق الخناق على قدسنا وأهلنا داخل القدس من سحب هويات المواطنين وإثخانهم بالضرائب الباهظة ليهجروا مدينتهم لكن أهلنا في قلب عاصمتنا أوعى بكثير وهم صامدون على أرضهم وفي بيوتهم كالصخر التي يتحطم عليه كل مؤامرات العدو الغاصب لأنهم يعلمون علم اليقين مدى قدسية مدينتهم مسرى سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وبوابته إلى السماء وهي أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ومهد سيدنا المسيح عليه السلام وصفوة الله من ملكه وهي من باركها من فوق سبع سماوات وبارك حولها وهي أرض المحشر والمنشر وهي من ضحى زعيمنا الراحل أبو عمار بحياته من أجل ترابها وكان دوماً يردد ” اللهم يا رب الكون أجعلني أن أكون شهيداً من شهداء القدس ” لِما يعرف من مكانة شهدائها وأجر وثواب المرابطين فيها لأن بها المسجد الأقصى الذي لا تُشد الرحال إلا له وللمسجد النبوي والمسجد الحرام …

تلك هي المعادلة فهي صراع ديني وعقائدي على أطهر بقاع الأرض ومنذ اللحظة الأولى أدركت حركة فتح مدى قدسية القدس ولم تقبل أي تسوية بدون سيادة حقيقية فلسطينية على كل ما تحتوي تلك المدينة بعكس غيرنا أصحاب مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة وممر فقط للمسجد الأقصى دون حق عودة اللاجئين الذي لو تم تطبيقه لا سمح الله سيكون حلاً نهائياً وهو ما ترفضه حركة فتح من ألفه إلى يائه … ففي كامب ديفيد في صيف عام 2000 لم يستطيع أحد أن يقنع أبو عمار بأن يقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأرض والماء والهواء وغير مجزأة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى ديارهم وأضاف عليها لاحقاً خليفة أبوعمار الرئيس أبو مازن تحرير كل الأسرى وتبييض سجون العدو من أسرانا البواسل …
هذه هي فتح وها هم رجالها يحملون الراية جيل بعد جيل وسيتحقق حلم رئيسنا الخالد ياسر عرفات بأن يرفع شبل من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين عالياً خفاقاً فوق مآذن القدس وكنائس القدس وأسوار القدس ونحن نقترب يوماً بعد يوم من تحقيق ذلك الحلم الجميل الذي لا يروق للكثيرين ممن هم وللأسف الشديد محسوبين على شعبنا لكن ما يعشش في عقولهم أفكار ولاية الفقيه وفي جيوبهم أموال بنو فارس وإستراتجيتهم صُنعت في طهران … فالعار كل العار لمن يبيع نفسه وقراره للآخرين لأن الثورة الفلسطينية خاضت معظم معاركها من أجل الحفاظ على إستقلالية القرار الفلسطيني بنسبة 100% وبعيداً عن كل الوصايات العربية والإقليمية والدولية ولم تعمل إلا لمصلحة القضية وليس من أجل أن تكون أوراق يلعب بها أصحاب البرامج النووية التي تهدف لتدمير دولاً عربية وفي مقدمتها قبلة المسلمين وباقي دول الخليج العربي طمعاً في ثرواتها وحلماً بإعادة هيمنة الفرس على المنطقة وليس لإزالة دولة إسرائيل من الوجود كما يدّعون والدليل على ذلك إحتلال إيران لأراضي عربية منها الجزر ” طمب الكبرى والصغرى وأبو موسى ” التابعة لدولة الإمارات العربية ناهيك عن عبثها في الساحات العربية كالعراق واليمن وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وغزة وغيرهم …
ففتح مدركة قبل الجميع أن لا إنتصارات تأتي من الفرس لذلك لم تعول على أحد بل عولت على السواعد الفلسطينية أولاً وعلى عمقها العربي والدول الصديقة بعد ذلك فأصبحت كوفية أبو عمار رمزاً لكل ثورات الأرض وبقيت فتح برغم مرور نصف قرن من الزمن على إنطلاقتها ديمومة الثورة وعاصفتها شعلة للكفاح المسلح ولم تُشهر بنادقها يوماً في وجه شعبها ولم تستعمل معاولها وقدراتها إلا لبناء الوطن وليس كغيرها لهدمه فهذه هي مدرسة الختيار وتلك هي تربية وأخلاق الفتحاويون …
رحم الله شهدائنا الأبرار وأسكنهم الفردوس الأعلي والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا والعودة للمشتتين .. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.