غزة ليست للبيع
21 أكتوبر, 2012
مقالات, ملفات خاصة
موفق مطر / يحق لأمير دولة قطر الشقيقة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني دعوة من يشاء لزيارة الدولة التي يحكمها، لكن أن تتسرب أنباء عن دعوة وجهها للرئيس أبو مازن لزيارة غزة وهي جزء عزيز من وطنه فلسطين للاعلان عن بدء اعمار غزة, فهذا يبعث على الاعتقاد أن أهدافا وأبعادا للزيارة تتجاوز الجانب الانساني, فالأعراف السياسية والدبلوماسية لا تجيز لحاكم دولة صديقة او شقيقة، القيام بزيارة رسمية لجزء من وطن او بلد انشأ عليه انقلابيون انفصاليون سلطة أمر واقع وحكومة لا شرعية, فسمو الأمير وزوجه الفاضلة الكريمة يعلمان جيدا أن اعطاء أي «صيغة رسمية وابعاد سياسية» لزيارتهما لن تكون في صالح قضية الشعب الفلسطيني، اذ ستكرس الانقسام الجغرافي والسياسي الفلسطيني, وترفع من شأن العاملين على اغتيال المشروع الوطني الفلسطيني, الذين ينتظرون المدد لاستكمال حملتهم الدموية الانقلابية الانقسامية ضد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وتفجير مقدراتها من الداخل, كما سترفع الزيارة – اذا ما أخذت طابعا رسميا- من شأن ومكانة العاملين على تفكيك وتدمير وحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير لشعبنا فيما قيادتها الشرعية المنتخبة المعترف بها عربيا وعالميا برئاسة الرئيس ابو مازن على ابواب الجمعية العامة للأمم المتحدة، تطالب باسم كل الفلسطينيين بأخذ فلسطين دولة عضو بصفة مراقب.
كان ياسر عرفات على بعد خطوة واحدة من القدس، لكنه لم يزرها بصفة شخصية, حتى لاتأخذها سلطة الاحتلال حجة رسمية عليه وعلى الفلسطينيين من بعده, فقضى شهيدا دون ان يصلي في مدينة اولى القبلتين بعد عودته الى موطنه المحتل باتفاق مع اسرائيل على حل سياسي سلمي للصراع.
ودعا الفلسطينيون الأشقاء العرب أيا كانت مواقعهم ومراتبهم ومكانتهم الشخصية والرسمية لزيارة فلسطين، لكن لفلسطين بوابة رسمية شرعية إسمها منظمة التحرير الفلسطينية وللمنظمة سلطة وطنية وهذه لديها حكومة ومؤسسات رسمية شرعية تعترف بها أكثر من 130 دولة, فمنظمة التحرير الفلسطينية هي بوابة الدخول الى فلسطين لمن أراد لزيارته ان تكون رسمية, ورئيس اللجنة التنفيذية رئيس الشعب الفلسطيني ابو مازن هو العنوان الرسمي الشرعي, فحتى ونحن سلطة وطنية تحت الاحتلال فان رئيس الشعب وقائد حركة تحرره الوطنية استقبل رؤساء دول عظمى، ورفعنا علم فلسطين الى جانب أعلام دول صديقة وشقيقة وعزفنا النشيدين الوطنيين.
كنا نتمنى استقبال الأمير حمد وكل القادة والرؤساء والملوك العرب رسميا وشعبيا في القدس المحررة عاصمة وطننا الواحد فلسطين, أو في مقر الرئاسة المؤقت في رام الله، فالقدس هي أم المدائن الفلسطينية والعربية المحتلة، ونصرة مقاومة الفلسطينيين لمشروع ومخطط تهويد المقدسات الاسلامية والمسيحية فرض عين وواجب، ووفاء الزعماء العرب لتعهداتهم بنصرتها في مؤتمرات القمة وتوفير سبل الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي لنصرتها وتعزيز مقومات صمود اهلها للحفاظ على هويتها العربية اولوية, مقدمة على اكتساب ولاءات «اخوانية وحماسية» هنا وهناك, فالفلسطينيون في غزة يستحقون التحرر من الحصار، واعادة اعمارمادمرته آلة الحرب الاسرائيلية في حملة الرصاص المصبوب العسكرية عليهم, لكن ليس على حساب مركز القضية الفلسطينية, فمن يفكر باعمار غزة على حساب ركام القضية ووحدة الشعب الفلسطيني جغرافيا وسياسيا, أو يظن أنه بمناصرته مشروعات حزبية خاصة, انما يسعى لادامة احتلال وحصار القدس والضفة وقطاع غزة ايضا, فدولة فلسطين المطروحة حدودها للاعتراف في الأمم المتحدة كلها محتلة بما فيها غزة, أما اعلان غزة كدولة محررة كما ارادها زعيم اخوان «الاسلام السياسي» الدكتور محمود الزهار، فهذا لغم توقعنا أن تفجره حكومة دولة الاحتلال لحظة إعلان الأمم المتحدة الاعتراف بأن حدود دولة فلسطين محتلة, لكنا حتى اللحظة نأمل ألا يرتكب فلسطيني أو عربي مهما كان موقعه السياسي او الشخصي جريمة الضغط على زر المفجر. فغزة ليست للبيع.