s 20 أوكرانيا

عيونهم جميعا متجهة نحو فلسطين…

د. صلاح زقوت  / ثلاثون عاما مضت على خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت بعد حصار استمر لمدة ثمانية و ثمانون يوميا و حرب دموية بكل انواع الاسلحة شنها العدو الاسرائيلي على لبنان و اجتياحه عام 1982 و حصار عاصمة عربية في ظل صمت و تواطؤ s 20 أوكرانياعربي رسمي لتصفية منظمة التحرير الفلسطينية و الحركة الوطنية و اللبنانية التي شكلت حالة التمرد على الواقع العربي الرسمي المهادن للعدو الاسرائيلي الذي يحتل كامل فلسطين و اراضي عربية اخرى.

لن اتحدث عن بطولات فردية و هي على كثرتها لا تحصى او عن رفيق او صديق استشهد المجد و الخلود لكل شهيد سقط على ثرى بيروت الغربية ، بل عن البطولة الجماعية لكل من صمد و دافع فقد عزفت بيروت الغربية بكل من فيها سيمفونية الصمود الاسطوري و التحدي لاقوى آلة عسكرية في الشرق الاوسط آلة الدمار الاسرائيلية كل حسب دوره و طريقته الخاصة رجالا و نساء و اطفالا و شيوخا مقاتلين و مدنيين في منطقة جغرافية لا تتعدى عشرات الكيلومترات المربعة و التلاحم بين المقاتلين من مختلف البلدان العربية و اصدقاء الشعب الفلسطيني و اختلطت دمائهم جميعا لتنير لنا طريق الحرية و الانتصار فلم تكن هناك فصائلية او طائفية او اقليمية او قطرية من كل المسميات التي نسمعها الآن – و تشكل تلوث سمعي – و ما احوجنا اليوم الى هذه الروح التي كانت تناضل من اجل هدف و هو تحرير فلسطين قضية العرب الاولى و كل الشرفاء في العالم.

خلال ثمانية و ثمانين يوما مررنا بمراحل – حالة من الخوف الانساني من المجهول او الموت الى مرحلة تساوي الحياة مع الموت الى مرحلة طلب الشهادة – فكنا نرى الفرح الطفولي و الرعب في نفس الوقت في عيون الصغار و الكبار و نتذكر يوم الاول من اغسطس عام 1982 في اعنف قصف شهدته بيروت في ذلك اليوم و استمرت لمدة ثلاثة عشرة ساعة متواصلة بدون انقطاع من الخامسة صباحا حتى السادسة مساء من قصف بري و بحري و جوي غير مسبوق حيث نفذ في ذلك اليوم اكثر من 260 طلعة و غارة جوية للطيران الاسرائيلي و قدر ما انزل من حمم مدفعية و صاروخية على بيروت بما يعادل قنبلة هيروشيا و لم يسلم شيء من هذا القصف المجنون حتى جثث الشهداء “بل احياء عند ربهم يرزقون” حيث تم قصف مقبرة الشهداء و بعد توقف القصف في السادسة مساء خرج الجميع و كأنه يوم البعث و الكل متأكد انه لن يرى صديقه او رفيقه و كان اللقاء الاكبر في منطقة ابو شاكر حيث مقر القيادة الفلسطينية و الحركة الوطنية اللبنانية و قد كانت لحظات العناق و الفرح و الالام و الدموع.

و كانت محاولة اقتحام بيروت من مختلف المحاور و كان المقاتلون يتسابقون لصد الهجوم و الانزال على مختلف المحاور و تم التصدي لكافة محاولات الانزال ووقف تقدم الدبابات على محور طريق المطار و الرملة البيضاء و المتحف حيث اكبر مسافة تم قطعها خلال هذه المعارك سبعة امتار اي ان عجلات الدبابة لم تستكمل دورتها و قد تكرر هذا القصف المجنون و حمم و كتل النار كأنه الجحيم مرة أخرى يوم الثالث عشر من اغسطس عام 1982 بايعاز من المبعوث الامريكي فيليب حبيب.

برغم كل ذلك لم تستطيع كل العنجهية الاسرائيلية و آلتها العسكرية المدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية و بتواطؤ عربي رسمي ان ينتزعوا ارادة القتال و الصمود من المقاتلين و الاهالي الذين دافعوا عن شرف الامة و شكلوا مدرسة في الصمود الثوري ثم الاستفادة منه في مواجهة العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006 و العدوان على غزة في نهاية عام 2008 و لم تستطيع القوات الاسرائيلية بكل آلتها العسكرية ان تدخل بيروت و لكن بعد خروج قوات الثورة من بيروت و لخسة هذا العدو و جبنه نفذ مجزرة صبرا و شاتيلا و التي تشكل وصمة عار في جبين الانسانية لانها حتى هذه اللحظة لم تحاكم مرتكبي هذه المجزرة كمجرمي حرب.

و قد كان الاحتضان الشعبي العربي لهذا الصمود في كافة البلدان العربية و قد توافد للدفاع عن الثورة آلاف المتطوعين الفلسطينيين و العرب فتحية لكل طالب ترك مقعد دراسته و لكل موظف ترك عمله و للفنانيين و المثقفين الذين أتوا الى بيروت و هي محاصرة و هم كثر و منهم الفنانة الاصيلة و الملتزمة نادية لطفي و لا ننسى فريق كرة القدم الايطالي الذي فاز ببطولة كأس العالم عام 1982 و اهدائه للمحاصرين في بيروت، ان كل ذلك ساهم في الصمود الاسطوري حيث استطعنا ان نحاصر حصارنا.

و لا ننسى اللحظات التاريخية للوداع عند الخروج من بيروت ما بين المقاتلين و الاهالي و التي استمرت مدى ايام الخروج حيث تخرج الجماهيرعن بكرة ابيها من الصباح حتى المساء و هي ترمي الارز و الزهور على المقتالين و تودعهم بالزغاريد و لقد خرج الجميع مرفوعي الرأس و هم يشعرون بالفخر و الاعتزاز بزيهم العسكري و شرفهم من خلال بنادقهم و كان من الصور التي لا تنسى من الذاكرة عندما استلم جنود البحرية الامريكية مرفأ بيروت و كان المقاتلين تنقلهم سيارات النقل العسكري و عند دخولهم الى المرفأ رفعوا شارات النصر و اذ بجندي من مشاة البحرية الامريكية من ذوي البشرة السوداء يبادلهم شارة النصر. و خرج الجميع من بيروت بسفن مختلفة عبر عباب البحر و بغض النظر عن وجهتهم كانت عيونهم جميعا متجهة نحو فلسطين… 

رئيس البيت العربي في أوكرانيا

شاهد أيضاً

عدنان

رحيل الدكتور عدنان كيوان.. والجالية السورية في كييف تنعى الفقيد

عمت حالة من الحزن والتسليم بقضاء الله وقدره أوساط الجالية السورية والعربية والإسلامية في أوكرانيا …