أوكرانيا اليوم / كييف / فتحت الطائفة السامرية القديمة مجتمعها الضيق امام “زوجات مستوردات” من اوروبا الشرقية، في مسعى يائس للمحافظة على ثقافتها القديمة. في الاعوام الاخيرة، جاءت خمس نساء من روسيا واوكرانيا للزواج من سامريين، بادئات حياة جديدة في طائفة ابتُلِيت بامراض جينية سببها زواج قربى مزمن.
تلك الزيجات ليست مثالية، في رأي حسني كوهن (69 عاما)، احد كبار الجبل، لوجود مخاطرة في امكان ان تقرر الوافدات الجديدات المغادرة. لكن في مجتمع لم يعد يزيد افراده عن 360 شخصا، الخيارات المتوافرة قليلة. واذا كان الزواج باجنبيات “الحل الوحيد للمشكلة، فيجب سلوك هذا الطريق”، على قوله. غير انه يحذر من انه اذا لم تندمج تلك العائلات بديانة السامريين وتقاليدهم، “فعندئذ يكون مستقبلنا في خطر”. حتى اليوم، الوضع جيد بالنسبة الى ايلا ايفدوكيموفا (26 عاما). تركت اوكرانيا، تزوجت، وانضمت الى مجتمع السامريين قبل عامين. “لقد جئت الى هنا، ووجدت عائلة كبيرة”، تقول.
في القرنين الرابع والخامس، وصل عدد السامريين، على ما يُعتَقد، الى 1,5 مليون. لكن الاضطهادات الدينية والصعوبات الاقتصادية كادت تمحوهم بحلول القرن العشرين. واليوم، هناك 750 سامريا موزعين بين حولون قرب تل ابيب، وجبل جرزيم، “جبلهم المقدس”، قرب نابلس. في الاعوام الاخيرة، انخفض عددهم اكثر بقرار 10 من نسائهم الزواج خارج مجتمعهن، ما ادى الى حرمانهن. واليوم، يفوق الذكور الاناث، بنحو 3 لكل امرأة.
ومع انحسار الخيارات في اختيار الشريكات، صار من الشائع عند السامريين ان يتزوجوا في اطار عائلاتهم، حتى بين ابناء العمومة. وكانت نتيجة ذلك معاناة مواليدهم عيوبا خلقية وامراضاً جينية بمعدل اكبر بكثير من عامة السكان. استقدام غريبات، اضافة الى اجراء فحوص جينية متقدمة في المستشفيات الاسرائيلية، ساعد في خفض نسبة الـ 15% من الاطفال المولودين بعيوب خلقية. ومنذ العام 1996، عانى فقط 4 من 97 مولوداً اعاقات، وفقا لما يفيد سامريون.
قبل 40 عاما، بدأ السامريون يتزوجون من خارج طائفتهم. وفي معظم الحالات، وجد افراد من مجتمع حولون شريكات يهوديات اسرائيليات. وفي الآونة الاخيرة فقط، وجّه سكان جبل جرزيم انظارهم نحو اوروبا. ولايجاد الشريكات المناسبات، يستخدمون التقنيات القديمة والحديثة، لاجئين الى وسطاء تعارف من جهة، ومن جهة اخرى مستعينين بخدمات الانترنت، كالسكايب مثلا، للتعرف اكثر الى المرشحات.
على النساء القيام بالتزام ضخم، بما يعني ذلك قبول قوانين الطائفة المتعلقة بالاكل، كتناول لحم الحيوانات المذبوحة فقط على يد الكهنة السامريين، وكل القيود الصارمة خلال مرحلة طمثهن. لسبعة ايام، لا يمكن النساء لمس اي شيء في المنزل، واذا لمست احداهن ابناءها، فيتوجب عليها ان تغسلهم قبل ان يتمكن الوالد من لمسهم. واذا وضعت امرأة ابنا، لا يمكن ان تقيم علاقة مع زوجها لـ40 يوما. اما اذا ولدت ابنة، فتزيد تلك المدة الى 80 يوما…
الكسندرا كراسكوك (28 عاما) كانت اولى الواصلات من اوكرانيا قبل 10 اعوام. زوجها وضاح (50 عاما) تعرف اليها بواسطة مكتب للتعارف في تل ابيب، بعدما عجز عن ايجاد عروس سامرية. رأى صورتها، ثم سافر الى اوكرانيا للتعرف اليها. واليوم صار اسم الكسندرا: شورا الطيف. انجبت من وضاح ابنا، العازار (3 اعوام)، الذي يتمتع بصحة جيدة. “هناك امور جيدة، واخرى غير سهلة، انها حياة مختلفة”، تقول. القيود الشهرية المفروضة على النساء كانت الاكثر صعوبة، “لكنني التزمت التقاليد السامرية”.
قبل ان تنضم عروس محتملة الى الطائفة، يجب ان يوافق الكاهن الاعلى على الزواج. قبل اي شيء، تمضي اشهرا عدة في تعلم التوراة القديمة وكتاب السامريين المقدس، اضافة الى عدد التقاليد. في المجمل، جاءت خمس نساء خلال العقد الماضي، ووجدن تعزية في بعضهن البعض. في عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، يلتقين معا. وفي الايام المشمسة، يترافقن الى اسرائيل لتناول المشاوي.
احدث الواصلات، ايفدوكيموفا، التي باتت تُعرَف باسم ألع الطيف. وقد انجبت من زوجها عزام الطيف (53 عاما)، ابناً، مراد (عامين). في اوكرانيا، كانت ساقية في بار وتذهب الى الكنيسة في المناسبات. غير ان التغير الجذري في حياتها لا يزعجها. اليوم صارت تتكلم العبرية، بما سهل تواصلها مع زوجها، وتتعلم العربية. “السبوت كانت صعبة في البداية. لكن في النهاية عندما تجتمع كل العائلة، يكون ذلك لطيفا”.
بعد وصولها، دبرت ايفدوكيموفا لصديقة في اوكرانيا عريسا من اقرباء زوجها، والزواج تقرر في آب. عزام يقول ان مجيء ألع بمثابة بركة. كانت المرأة الخامسة من 17 التقاهن في اوكرانيا العام 2010، في سعيه الى ايجاد عروس، بعدما فشل مرارا في ايجاد زوجة سامرية. وبزواجه بألع، “كان عدد من الناس سعداء، بينما قال آخرون ان الامر صعب. لكن لا حل آخر. اما هذا، أو ابقى عازباً”.