صراحة مشعل هل تُحدث تغيير؟!
26 سبتمبر, 2016
مقالات, ملفات خاصة
اعترف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خلال حديثه في ندوة “التحولات في الحركات الإسلامية”، التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات بقطر بارتكاب حركته أخطاء في طريقة تعاملها مع الثورات العربية، وقد تجرأ الرجل بالحديث عن تلك الأخطاء على ما يبدو في لحظة ربما نسميها وخز الضمير، حيث قال في مستهل كلمته بأنه قَبِل بالمشاركة والحديث بموضوع الندوة رغم أنه تحدي كبير حيث ذكر كلمات (الضمير- العقل)، وأنه اجتهد لئلا يشتبك مع دول وحتى في الحقل الإسلامي، وأن حديث الإخوان يجب أن يكون ملتزماً بما لا يضر بأبجديات الفكر الإخواني، وإن كان الحديث بالعقل والمنطق.
الحديث عن التأثير المتبادل بين حماس والثورات العربية فأوضح مشعل أنه بلا شك المقاومة الفلسطينية (حماس) كانت ملهمة لشعوب المنطقة، وهي قد أثرت بنموذجيها المقاومة العسكرية، والنموذج الشعبي لمواجهة قمع السلطات، وفي هذا السياق ربما اعتراف من مشعل على التعاون بين الجناح العسكري للحركة والتنظيمات الإرهابية الناشطة في شبه جزيرة سيناء، كذلك في مناطق أخرى كسوريا وليبيا، وهو ما تثبته الوقائع بمقتل عدد من الشبان الفلسطينيين من غزة منتمين لداعش في تلك البلدان، وهنا يبرز اعتراف مشعل ضمنياً بتدخل حركة حماس بالشأن العربي الداخلي، وهو ما نفته حماس ولا زالت ويؤثر بصورة تدميرية على القضية الوطنية الفلسطينية وعلى سكان قطاع غزة تحديداً.لقد أوضح مشعل بأن الإسلاميين وقعوا في خطأين خلال مرحلة (الربيع العربي)، أولهما المبالغة في تقدير الموقف بالنسبة للواقع، وسلوك القوى المتضررة من الربيع على المستوى المحلي والإقليمي، وأرجع ذلك إلى قلة الخبرة، وغياب المعلومة الدقيقة، والوقوع في فخ تضليل الطرف الآخر، والمبالغة في الرهان على القوى الذاتية، وأن الخطأ الثاني، فهو خلل ونقص في التعامل مع شركاء الوطن، مضيفًا “ثبت بالتجربة العملية أن الأغلبية في الصناديق مهمة لكنها لا تكفي للانفراد بالقرار والمؤسسات”، وهو ما مارسته حماس ولا زالت في المؤسسات العامة في قطاع غزة بالمكابرة دون تراجع.
إن صراحة رأس حماس خالد مشعل واعترافه بالخطأ الذي ارتكبته حركته باستسهالها حكم غزة وحدها، في إشارة إلى أنها تجربة سياسية قاسية، وأن حماس اكتشفت أن ذلك صعب، وأن نظرية البديل نظرية خاطئة، بمعنى أن تأتي حركة وتقول إنها بديلة عن أخرى، منوهاً إلى أن المنهج الصحيح هو الشراكة والتوافق، هذا الاعتراف النابع على ما يبدو كما أسلفنا من صحوة ضمير لرجل سيرحل عن منصبه بعد الانتخابات الداخلية للحركة التي ستجرى مطلع العام المقبل لانتخاب رئيس جديد للمكتب السياسي، حيث أشار بوضوح لعدم نيته الترشح للمنصب الذي شغله في دورتين متتاليتين، فالسؤال الموثوق من إجابته، هل يحمل هذا الاعتراف لأي تغيير في سلوك الحركة وفكرها المتصلب بإجراء مراجعة شاملة لما أوصلت سكان قطاع غزة إليه من حالة اليأس والإحباط التي يعيشها؟ أم تبقى رهينة المصالح الحزبية والتمادي بالأخطاء التي تحدث عنها مشعل؟