د.خالد ممدوح العزي / من الواضح جدا بان الدبلوماسية الروسية العرجاء تلقت صفعة عربية في سورية، ويرى المتابع للموقف الروسي الرسمي من خلال مجريات الاحداث ف في الاونة الاخيرة ،فان الدبلوماسية الروسية باتت تعاني من اضطراب نفسية بسبب تطور مجرى الاحداث الاخيرة في سورية،وبعد سيرالمعارك العسكرية التي تخوضها كتائب الجيش الحر في دمشق والمدن الاخرى التي تفرض انتصارات رهيبة في ساحة الميدان ،مما وضع موسكو بموقف حرج ولاتحسد عليه بسبب الانقلاب النوعي لمجرى الاحداث ،.
من عبد الباسط ساروط الى لا فروف:
الجميع تابعوا الاحاديث والتصريحات المتكررة واليومية لوزير الخارجية الروسي سرغي لافروفالناطق الرسمي باسم الاسد ، والذي كان اخرها بمثابة تهديد علني للعالم :”بانه لا حل في سورية دون بشار الاسد واذا كان لبد من التغير فعلى الشعب السوري ان يقرر عملية التغير ….
” لقد اتصفت شخصية لافرور بالمتعالية والمتعجرفة في تعطيها مع الازمة السورية ومع وفود المعارضة التي زارت روسيا دوما ، وحسب اقوال المعارضين التي اجتمعوا به في وعاصمة القياصرة اجمعوا على كونه متعصب وغبي وفاشل في قيادة دبلوماسية روسية الجديدة .
“، تصريحات جافة شوفنية لوزير علماني وضع نفسها في حماية الاقليات والدفاع عنها فكان الملئ لافروف دون حرج ،لكونه وضع مصالح بلاده في بيض الاموال الايرانية وبدون خجل مدافعا عن الاسد تحت شعار حماية القانون الدولي الذي اخترقه هو وبلاده باستمرار في التدخل والدعم والاشتراط وافشال المبادرات ووضع العراقيل ، تعاليه في خطاباته وتصرفاته الفوقية،وكلامه المتشنج حيال الازمة الاسوريةودافعه الغير منطقي عن الاسد والذي بات الناطق الرسمي لعصابات الاسد ،التي وتمارس والقتل ووالبطش بغطاء ومن ساسة الكرملين التي تهدد برفع الفيتو باستمرار باي عقوبات واي قرارات تدين الاسد وعصاباته ،حتى بات للعالم كله بان الاسد هو عصابة من عصابات المافيا الروسية التي هي وحدها تملك الحل النهائي في سورية لاقاف القتل .
فجأة تغير كلامهبقدرة قادر طبعا تحت قوة الجيش الحر التي بات تهدد مصالح روسيا في قلب عاصمة الامويين ،فقال لافروف ن بتاريخ 18 تموز “يوليو 2012،” بان سورية في معركة حقيقية مما فرض على روسيا ايقاف ارسال المعدات العسكرية و الحومات التي تقتل بها الشعب السوري الى حيث يتم الهدوء في سورية،لكن عبد الباسط ساروت الثائر المحاصرفي حمص عاصمة الثورة السورية لم يهتم لكل تصاريح لافروف وعنجهياته وتهديداته المستمرة وفي مقابلاته المتعددة قال :” نحن الشعب السوري لم ناخذ تصريحا بثورتنا من احد ونحن مستمرون في الثورة حتى اسقاط الباشار ونظامه رغما عن انف موسكو وسلاحها الذي يقتلنا ” .
روسيا والفيتو :
لقد رفعت موسكو الفتيو مرتين بوجه الغرب والعرب لحماية ايران ونظام الاسد في محاولة منها لاعادة امجاد الفيتو السوفياتي الذي رفع سابقا 120 مرة اثناء الحرب الباردة ، فكانت محاولة روسيا الامساك بالورقة السورية لحل مشاكلها وازماتها العالقة مع المجتمع الغربي وتسوية ملفاتها على حساب الشعب السوري والدم الذي سمحت للاسد استباحته، موسكو التي تحاول اعادة نفسها لاعبا دوليا على الساحة الدولية عن طريق التعطيل في مجلس الامن من خلال سلاح الفيتو الذي رفعته في المرتين السابقتين ،كان مندوبها يخرج من ازقة مجلس الامن بحالة نصر على المجتمع الدولي .لكن المرة استخدمت روسيا الفيتو لحماية خسرتها التي اضحت تتلقها في المنطقة العربية ولم يرفع فاليري تشوركين شارة النصر بل غيبتها الهزيمة في الدول العربية ،لقد استخدمت الفيتو ودمشق في قلب العاصفة والمعارك تسطر اروع البطولات والقادة الامننين اضحوا هدفا دسما للثورة السورية وثورارها ، بغض النظر عن كيفية تنفيذ العملية وطريقة تنفيذها والجهة المسؤولة ،فالعملية ضعضعت كيان الاسد وزلزلة عرشه.
بعد الهزيمة سارع الرئيس بوتين الى التحذير والتهديد المبطن، للدول الغربية بان لا يقوموا باي سيناريو ضد سورية خارج مجلس الامن ،طبعا كان هدف روسيا الاساسي اثناء الازمة السورية هو ابقاء ملف سورية في مجلس الامن من اجل فرض التعطيل في استخدام الفيتو، وكانوا يحاولون المماطلة والكذب الدائم من خلال طرح مشاريع للتسوية واستضافة المعارضة والمناورة الدائمة مع الغرب كي لا يخرج الملف من خارج ازقة مجلس الامن وتقوم امريكا في تصرف احادي الجانب مع الغرب تعيق عمل موسكو ،فكانت تشتري الوقت لنظام الاسد من خلال المناورات الدائمة والموافقة على خطط تتنصل منها و الالتزام بها قبل الاسد ،لقد ساهمت موسكو بطريقة مباشرة باطلاق زائير الاسد وشجعته على ممارسة القتل واستخدام القوة ومدته بالسلاح والمعدات والخبراء والتكنلوجيا لقتل شعبه …
الغرب ورده على موسكو :
طبعا بوتين يعلم جيدا بان الحلف الحالي الغربي الامريكي العربي التركي هو نفسه كان قائم في العام 1979 ،عندما تورط الجيش الروسي في المستنقع الافغاني و ساهم هذا الحلف بطريقة اساسية في حل عقدت الاتحاد السوفياتي ،وبوتين نفسه الذي كان رجل المخابرات السابق هو رئيس الدولة الحالية لروسيا ،يعلم جيدا تاثير هذا الحلف المتجدد في دعم تورة وثوار سورية التي غيب نفسه وبلاده عن دعم الشعب السوري ونيل استقلاله واخذ حريته من دكتاتورية حكمته 48 سنة وطغمة مالية وعسكرتارية عانى منها بوتين وشعبه في ظل الاتحاد السوفياتي السابق ،لكن بوتين لم يلغي من ذاكرته محاولة الانتقام من المرحلة السابقة التي انهار فيها الاتحاد السوفياتي ،لكنه وضع نفسه في مواجه مباشرة مع الشعوب العربية والاسلامية عامة ودول المجتمع العالمي بسبب دعمعه للدكتاتورية العربية البائدة ،فالاتحاد السوفياتي السابق الذي هو وريثه اليوم كان نصيرا للشعوب العربية وشعوب العالم الثالت ومساعدها في حركتها التحررية ضد الاستعمار ،لكن بوتين كان نصيرا للدكتاتوريات ،التي ذهبت وبقى الشعب ،لكن روسيا ضمنت لنفسها ورقة حمراء لخروجها الغير مشرف من الدول العربية شأ من شأ وابى من ابى .
القانون الدولي والسلم الاهلي :
لقد طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمحاكمة الناتو على الجرائم التي ارتكبت في ليبيا ضد شعبها اثناء مساعدة ثوارها في تحريردولتهم من طاغية ليبيا …طبعا كانت جرائم بشعة والشعب الليبي رد في انتخاباته البرلمانية بان ليبيا حرة ،واحدة ،وطنية،ديمقراطية. ليست ارهابية وتعصبية كما يصفها الروس الذين لا يردون تكرار الماسي في سوريا … لكن الروس لا يذكرون ابدا جحافل خميس ذات الصناعة والتصدير الروسي ،ليكن تحقيق شامل في كل الجرائم …الروس وحدهم يعروف الخراب التي ارتكبتها المرتزقة السلافية …
اليوم الشعب السوري سوف يرد على لافروف والرئيس بوتين بانهم يطالبون بفتح تحقيق دولي شامل لم تم اقترافه من جرائم بشعة من قبل النظام السوري وعصاباته التي تم دعمها سياسيا وعسكريا واستخباراتيا ولوجستيا من قبل الروس …فهل هم يتحملون هذه المواجه القادمة ….على كل الاحوال ميزان القوى اضحى لمصلحة الثوار التي تصفهم روسيا بانهم مرتزقة وعصابات ارهابية وويقمون بقتل المدنيين، روسيا التي لا تدين اية عملية او مذبحة ارتكبها الاسد بل شجبت سريعا قتل قادة خلية الازمات المسؤولة عن القتل التاريخي في سورية …فالروس وضعوا انفسهم في مواجهة الشعوب العربيةوالاسلامية لكونهم وقفوا بوجه الثورات العربية وبوجه صعود الاحزاب الاسلامية الى السلطة
روسيا ومرض المؤامرة :
تتميز روسيا منذ عهد الاتحاد السوفياتي بمعاناتها بمرض المؤامرة المزمن الذي تصف الشعوب التي تحاول التحرر و تقف بوجه الاستبداد والقمع والاحزاب الشمولية والدكتاتورية منذ ربيع بدابست في العام 1956 وربيع براغ 1968حتى ربيع سورية مرورا بشتاء موسكو في هذا الشتاء ،ففي العام الماضي الرئيس مدفيديف في مدينة يورسلاف عندما استضافة روسيا مؤتمر السياسات الدولية :”اثناءها سقت باب العزيزية سقطت العاصمة طرابلس وهرب القذافي وعصاباته الى سرت فاكان جواب مدفيديف وقتها:” اليوم اضحى في ليبيا نظامين فعليهم التفاوض “.
لكن في كلمته التي القاها في افتتاح المؤتمر نفسه قال:”بان روسيا تخلت عن الاتحاد السوفياتي طوعيا لكونه اضحى نظام فاشل اقتصاديا وغير قادر على التنافس “،فكيف روسيا بسياستها الحكيمة تحاول التخلي عن نظامها الفاشل واجبار الشعوب العربية بالقبول بانظمة فاشلة بكل شيء،طبعا الازدواجية الروسية اضحت مهتمة بالمصالح الاقتصادية والمالية التي تقاس في كافة ايديولوجيتها الجديدة تحت معاير الحفاظ على القانون الدولي …
روسيا اليوم هي خارج كل المعاير الجغرافية والتاريخية التي لم نتمنى لها يوما الوقوع في هذا الموقف الحرج ، الذي اضحى عدئيا للعرب خاص ،فالمشكلة ليست تباركا في الموقف الامريكي الذي لا يختلف ابدا عن الموقف الروسي والذي بالاساس ساهم في غطرسة الروس ومساعدتهم على التعنت والتشدد بالمواقف من خلال التمسك بافضل دبلوماسي عالمي فاشل في كافة مساراته الدبلوماسية “كوفي انان “الذي غازل موسكو على حساب العديد من القضايا واخرها سورية ، و لم يحقق لها اي نصرا يعرف بل مزيدا من الهزائم المتتالية والممتكررة …
ملفات روسيا بيد المجتمع الدولي :
المجتمع الدولي فاشل…و فشل فشلا ذريعا في عدم حل ازمة سورية واضحى يعاني من ترهل و الملف السوري وضعه في العناية الفائقة …اليوم وبشكل سريع على الغرب التقاط الانفاس التي فرضتها معركة دمشق لالتقاط زمام المبادرة ،وانهاء الازمة السورية قبل فوات الاوان وعدم اطالت عمرها ودفع فواتير كبيرة من دماء الشعب السوري.وعلى موسكو ان تعلم بانها لا تقرر حركة السياسةالدولية من خلال التعطيل في مجلس الامن وشله ، لموسكو العديد من الملفات الساخنة التي يتحكم بها الغرب ويستطيع لوي الذراع مع العرب :
1-الملف الكوري النووي .
2- الملف الايراني النووي .
3-ملف جورجيا ومشكلها مع روسيا .
4- ملف كوسوفو ورفض روسيا انضمامها لمجلس الامن .
5-ملف افغانستان والخروج الامريكي القريب، وتاثير حركة طالبان على مناطق روسياالاسلامية.
6- القوقاز الملتهب والغني بالحركات الانفصالية ذات التوجه الاسلامي .
7- ملف الجمهوريات الاسلامية ذات الانظمة الدكتاتورية في اسيا الوسطى المسيطر عليهم من روسيا .
8-ملف الدرع الصاروخية في اوروبا الشرقية وتاثيره على روسيا .
9- المعارضة الداخلية الروسية وعملية تداور السلطة في طبقة الحكم الديقة التي تعاني منها روسيا .
10-ملف حقوق الانسان في روسيا والحريات الاعلامية ومنظمات المجتمع المدني .
11- العلاقات الاقتصادية مع اوروبا .
12 ازمة الانابيب والناقلات “الصراع على الغاز”.
هذه الملفات كلهاكانت العامل الاساسي بالتشدد الروسي لمغازلة الغرب على حساب الملف السوري التي كانت موسكو تحاول التفاوض عليه ،لكن اليوم على الغرب والرب وامريكا الضغط على روسيا من خلال هذه الملفات التي تؤدي الى خروج روسيا نهائيا من حماية الاسد واطلاق عملية تغيرواسعة وخاصة بعد سيطرت الجيش الحر على العديد من المناطق والمدن السورية .
فالدول العربية معنية مباشرة برفع هذه الملفات نظرا لامتلاكها الصلاة المباشرة التي تهدد بها روسيا لان الدم السوري اغلى من كل شيء.
لكن ثوار سورية بقوتهم وايمانهم بواطنهم سوفي ينهون حكم الدكتاتور،ويبنون سورية الحرة دون اي تدخل خارجي سورية ليست بحاجة لعسكر ومقاتلين بل بحاجة لحماية المدنيين من القتل والبطش ،روسيا سوف تدفع الثمن وستكون هزيمة كبرى لها في سورية كما كانت في ليبيا،ويبزغ فجر الديك ، وستكون الحرية على ابواب دمشق وتنتج سورية وشعبها دولتهم الديمقراطية الحرة والليبرالية .
باحث اكاديمي وخبير بالشؤون الروسية ودول الكمنولث .
[email protected]