%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AA %D8%A8%D8%B7%D8%B1%D8%B3 %D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%BA أوكرانيا

سانت بطرسبورغ مدينة الجمال، مدينة الذاكرة والذكرى

/د.خالد ممدوح العزي
سانت بطرسبورغ مدينة روسية بثلاثة أسماء ،بتروغراد ، لينيغراد، سانت بطرسبورغ، أسس هذه المدينة الروسية الشمالية القيصر بطرس الأكبر عام 1703 م، وسميت المدينة فيما بعد على اسم مؤسسها “بترو والمدينة باللغة الألمانية تعنى غراد فأصبح اسمها “بتروغراد”، لقد تم بناء المدينة على الطراز الغربي 5555 أوكرانيالتكون نافذة روسيا على أوروبا كما ادعى مؤسسها، عكس مدينة موسكو والمدن الروسية الأخرى التي تم بناءها على الطراز الشرقي البيزنطي، لهذا الهدف تم استدعاء أفضل مهندسي “البناء ،الديكور، والمدني ” والمصممين الايطاليين، فكان التصميم المميز لازدواجية شرقية غربية تركت بصماتهم على معالمها أفضل العباقرة الذين صنعوا منها تحفة فنية مفتوحة على السماء فهي جنة الله على الأرض  ،فالذي يذهب إلى روسيا ولا يذهب إليها فانه لم يره شيئا من الجمال، لبتروبورغ صفات مميزة وخاصة جدا في روسيا وشعب روسيا وتاريخ روسيا القديم والحديث.

الموقع الجغرافي :

تقع بترسبورغ على نهر “النيفا”في الشمال الذي يتلوى وسط المدينة كالحية التي تلتف حول المدينة. بتربورغ هي عبارة عن عدة جزر تم ربطها بعضا ببعض من خلال عدة جسور خشبية قديمة لايزال البعض موجودا حتى اليوم وهذه الأخشاب القوية تم استيرادها من لبنان، وهي من خشب الأرز الثمين، يبلغ عد د الجزر حوالي 350 جزيرة صغير،ويبلغ عدد الجسور حوالي مئة وعشرون جسر ، فالمدينة تقع على الخليج الفنلندي الذي يشكل حدودا مائية مع فليندا على بحر البلطيق ويربطها حدودا أخرى مع دول البلطيق الثلاثة وروسيا البيضاء وتشكل بحيرة “لادوغا “التي تسمى بحيرة الحياة الحدود الطبيعية لروسيا مع المدن الشمالية الأخرى.

أسس بطرس الأكبر مدينة روسية نموذجية جديدة في روسيا واصبحت العاصمة الجديدة لروسيا القيصرية ،شيد فيها القصور الجميلة التي سكنها هو وافراد عائلته لقد بنى القصر الشتوي في وسط المدينة والذي أطلق على ساحته فيما بعد ساحة الثورة وأصبح القصر المتحف الروسي والعالمي والذي أطلق عليه الارميتاج . يعتبر متحف الارميتاج من أهم وأضخم المتاحف العالمية نظرا لأهميته وضخامته وغناء المحتويات التي بقيت من ذلك الزمان،فهو لا يقل أهمية عن متحف اللوفر في باريس. وكذلك القصر الصيفي الذي تم تشيده في ضواحي المدينة منطقة بترغوف على الخليج الفنليندي من بحر البلطيق ،يتميز هذا القصر بالحدائق والشلالات الكثيرة والكبيرة المرصعة بالأحجار الكريمة ،وتماثيل الذهب، لتصبح اليوم مقصد السواح من كل جهات العالم ،فالشلالات يتم افتتاحها في الأول من أيار من كل عام من خلال مهرجان شعبي غنائي في مركز المحافظة وبمشاركة الأهالي والضيوف.

مدينة بتروغراد :

بعد موت بطرس الأكبر سميت مدينة سانت بطرسبرغ ، والذي بنى أهم معالمها الأساسية، وجعلها العاصمة الرسمية للدولة الروسية والإمبراطورية القيصرية ، ومركز حاضرتها ، ونافذة أوروبا على العالم لقد بنى بطرس الأكبر حضارة روسية جديدة بمعالم أوروبية حديثة ، لذا قدر أهل المدينة قدرات هذا القائد ، والقيصر الأول، لذلك أعيد تسمية المدينة بعد وفاته تيمنا باسمه،فأطلق عليها اسم بتروغراد” فاحتفظت المدينة باسم مؤسسها إلى يوم الثورة البلشفية والانقضاض على القياصرة سميت باسم قائد الثورة لينينغراد.

تغير الاسم إلى سانت بطرسبورغ :

على صوت المكرفون الذي يعلو أثناء ركوب قطار الحديد وعند وصول القطار الذي استقليه من مدينة موسكو العاصمة ،باتجاه مدينة لينينغراد حيث كانت إقامتي الدراسية فيها سمعت ربان القطار ينادي بجملة يبلغ الركاب بوصول القطار السريع الى محطة موسكو للقطار في مدينة سانت بتربورغ ،فلم انتبه لما حدث،لقد ظننت باني أخطئت ركوب القطار وها انأ موجود في مدينة أخرى كالعادة التي نتميز بها ،لكني سمعت تزمرا وكلام شديد اللهجة يظهر عدم ارتياح الركاب الذين ترجلوا من عربات القطار نحو الرصيف للذهاب إلى المدينة ،عندها تجرأت بالسؤال إلى إحدى العجائز التي سألتها ما الأمر لقد أجابت بسرعة هذه الديمقراطية الجديدة في البلاد تحاول تغير التاريخ من خلال محو الذاكرة فهمت بان الحرب بدأت على المدن، وهنا فهمت ما الذي حصل سافرت إلى لينينغراد فوصلت في اليوم التالي إلى سانت بطرسبورغ ، أعيد اسم المدينة السابق إلى سانت بطرسبوغ في أب ، العام 1991 بعد الانهيار الذي تم في الاتحاد السوفياتي ،وبدأت عملية الاستقلال ،وخاصة بعد وعود الرئيس الراحل بوريس يلتسين لكل المقطعات والجمهوريات ذات الاتحاد الكنفودرالي في تركيبة الاتحاد الروسي بأخذ الاستقلال حيث يشأون، إلى تغيير كل معالم العصر السابق ابتدأ من تغير الشوارع والمدن التي تحتل أسماء قادة شيوعيين سابقين انتقاما من العهد السابق ، فكان حظ هذه المدينة باعده اسمها الأساسي عليها. نسبة إلى بطرس الأول الذي شيدها .

مدينة لينينغراد :

بدأت الثورة البلشفية في روسيا وكانت إحدى محطاتها الأساسية هي مدينة لينينغراد، التي تسمى مدينة الثورة ،خاض حزب البلاشفة صراعا مريرا مع نظام القياصرة في روسيا عامة وبتروغراد خاصة، ففي العام 1917 وصل الصراع الى نهايته حيث عمد البلاشفة مع شركائهم المناشفة وحزب العمال والمثقفين الروس، بالانقضاض على حكم القيصر وعائلة رومانوف الحاكمة تمكن قائد الثورة الروسية من الوصول إلى المدينة عن طريق فينلندا المنفى الاختياري له حيث مكث فيها وقتا طويلا متنقلا  بين دول أوروبا ،لكون هذا العام النهائي لاندلاع الثورة الشيوعية التي سوف يكتب لها النجاح والاستمرار لمدة 72 من الحكم المتسلط “بالساطور والبوستار” على رأس الشعب الروسي والشعوب الأخرى التي دخلت هذا الاتحاد. 7 تشرين الثاني من العام 1917 اليوم العالمي لثورة الفلاحين والعمال “ثورة المتسلطين والمخابرات الحديدية ” أعلن فيها بان نظام القيصر سقط وإعلان نظام السوفيات الجديد هو تحالف العمال والفلاحين والجيش والطلبة وكل فئات المجتمع الذي سوف يقوم بحكم نفسه بنفسه. بعد الطلقات العديدة للبارجة “افروارا” الذي صوبت حمم نيرانها نحو القصر الشتوي للقياصرة سقطت المدينة واعتقلت عائلة رومانوف كلها، لتعدم فيما بعد في إحدى المدن السيبيرية وتخفى أثارها التي تم التنقيب عنها في العام 1996 ودفنها في مدافن العائلة من خلال تكريم شعبي ورسمي لهم جميعا وإعادة الاعتبار لهم.

نجحت الثورة في المدينة وعمت الفوضى فيها أتى لينين إلى المدينة ،معلنا النصر ، متوجها إلى العاصمة الحالية ليعلنها عاصمة جديدة للدولة الحديثة ملغيا العاصمة السابقة ،وإكراما إلى لينين ودوره في الحزب والقيادة سميت العاصمة باسم ليننغراد.

لينينغراد مدينة الثورة :

أصبحت لينينغراد المدينة الثانية لروسيا الشيوعية وللاتحاد السوفياتي، حول الحزب كل القصور القديمة إلى متاحف ومركز ثقافة عامة يجول بها كل الروس والقادمون لمشاهدة المدينة فأصبحت المدينة من المعالم السياحية الهامة في العالم من خلال قصورها ومتحفها وكنائسها الكبرى التي حولها النظام الشيوعي إلى مركز للإلحاد، لتصبح هذه المدينة مركزا اقتصاديا وسياحيا وعلميا وثقافيا مهم جدا ليس في روسيا وإنما في العالم.

فالمدينة التي تمتلك أرثا قديما بناه القياصرة من خلال بناء المدينة بطريقة مختلفة عن المدن الروسية الأخرى لجهة العمارة والشكل، لكن طبيعة المدينة ودورها كعاصمة تركت أرثا ثقافيا هاما في الدولة الروسية من خلال بناء بنية علمية وثقافية وتكنولوجية ضخمة تركت أثرها الحالي في بناء الدولة الروسية الحديثة، خرج الكتاب والشعراء من المدينة ” الكسندر بوشكين مؤسس علم اللغة الروسية الحديثة ،فيدور دستويفسكي ، الكسندر بلوك ،أنا اخماتفا،…الخ هؤلاء الذي لايزال أثرهم موجود في حياة الشعب الروسي ،هذه المعاهد الذي كانت تنافس العالم الغربي من خلال قوتها العلمية والاختراعات المميزة في مجال العلم والتطور ، وفي الإنتاج العلمي المميز لصالح البشرية .

لينينغراد مدينة السياسيين وبوتين هو واجهتها الحديثة “بوتين ،ميدفيديف، ايفانوف ، فالنتينا متفينكا، شركاسف ، سرغي ميرونف ..؟الخ “

لينينغراد عاصمة التسليح والقوة في حياة العالم الجديد التي أخذت روسيا جرعتها القوية في استعادة قوتها ودورها الجديد على الصعيد العالمي”مصانع السلاح الثقيل لقوات البحر”الغواصات والسفن وكلية البحرية ، وزارة البحرية والمرافئ التجارية والعسكرية والأسطول البحري في مدينة مارمونسك ومدينة كرنشتاتك البحرية المغلقة للإغراض العسكرية البحرية، ولسلاح المدرعات من خلال اكبر مصنع عسكري الذي يسمى مصنع كيرافا،وكذلك مراكز الأبحاث العسكرية والكليات العسكرية والمدنية المتعلقة بصناعة وتطوير العمل الالكتروني والتكنولوجي.

حصار المدينة :

حاصر الألمان المدينة مدة 90 يوما محاولين الدخول إلى مدينة الثورة ،لكنهم فشلوا بسبب صمود مدافعيها العمالقة الذين تصدوا لكل الهجمات التي قام بها الجيش الفاشي على المدينة،بالرغم من حالة المجاعة التي تعرض لها السكان طوال هذه المدة والفصل القسري للعائلة التي تم ترحيلها إلى مناطق روسية أخرى ،لكن روح المعنوية لم تهزم فقرر أهلها الصمود والتصدي لآلة الحرب الفاشية رافعين شعار “نموت واقفين ولن نركع “هذا الشعار استخدمه الثور الأسبان من قبلهم في حربهم ضد جيش فرنكو الفاشي،لكن الألمان الذين وعدوا أنفسهم باحتلال المدينة بسرعة رهيبة عمدوا إلى تدميرها وسرقة أثارها وممتلكاتها الاثرية، فسلبوا كل ما وقع تحت أعينهم والذي لم يتمكن الروس من تحيده أو نقله إلى مدن أخرى، فدمر القصور التي تم إعادة ترميمها لاحقا بعد الانتصار اختفت غرفة الفيروز “إلينطار” التي كانت ملكا للملكة كثرينا الثانية التي لم يعرف لها اثأرا حتى هذا اليوم بالرغم من بناء غرفة أخرى على نفس الشكل التي تتمتع به وفي المكان نفسه من قصر الملكة كثرينا وعلى نفقة الدولة الألمانية في عهد المستشار شرودير، ولايزال البحث قائما عن العديد من القطع النادرة التي لاتزال مفقودة من أيام الحرب .

لذا يتمتع أبناء هذه المدينة بنوع خاص من العنفوان والروح الوطنية العالية التي يتميزوا بها عن باقي المدن، فهم يحسون بالاهانة الكبيرة من خلال تغيير الاسم الذي لا يزالون حتى اليوم،لم يتعودوا على الاسم الجديد، بالرغم من عقدين من الزمن الذي لا تزال تسمع فيه باسم لينينغراد ،يتم التداول به بين الجميع وحتى في المدن الأخرى،لكن تغير الاسم في الأوراق والمعاملات الرسمية .

بحيرة لادوغا :

تعتبر بحيرة ردوغا هي البحيرة العذبة الأساسية في المدينة والمدن الأخرى المجاورة لها نظرا لعمقها وكبرها، هذا البحيرة التي تعرف ببحيرة طريق الحياة فهي خط الإمداد الوحيد للمدينة التي كانت تعتبر شريان الحياة الذي يصل مدينة ليننغراد بمدن الشمال أثناء الحرب العالمية الثانية ،وفي فترة الحصار المحكم والمفروض على المدينة البطلة وسكانها العظماء الذين تحدوا الموت وتحدوا هتلر نفسه بصمودهم العجيب، فهذه البحيرة التي تتجمد طوال فترة 9 أشهر في العام ،فكانت الاحصنه تجر العربات فوقها، وتمرر الآليات المدفعية والمحملة والعتاد والنفط والأكل وكل ما يحتاجه الجنود، والسكان فكان العديد من هذا المخزون يهبط في قاع البحيرة بسبب تفسخ الجليد، وقد تم انتشال العديد من هذه الآليات التي أصبحت نادرة اليوم ووضعت في المتحف الحربي التي تميزت به مدينة لينينغراد عن باقي المدن الروسية والتي لها سمة خاصة ، فالمتحف لوحة فنية مميزة تجسد فيه حصار المدينة والجبهات التي كانت موجودة أثناء فترة الحصار الذي ضرب على المدينة لوحة فنية “بنورا ما ، مفتوحة في الفضاء صيفا شتاء إضافة إلى السلاح والعتاد الذي استخدم في الثورة والحرب الوطنية وصناعة المدينة .

المناخ : تتميز مدينة لينينغراد بطقسها القاسي ونسبة الجليد الذي تتمتع به وبرودتها التي تمتد عشرة أشهر من السنة ،تستطع الشمس في هذه المدينة الشمالية،40 يوما فقط من السنة، تتميز المدينة في الشتاء بالعتمة الشديدة، الحالكة السواد ،ويعتبر النهار بضع ساعات قصيرة ،أما الصيف فهو صيف طويل ونهار قصير جدا يتميز بعدة ساعات 4 أو 5 ساعات ، فصيف المدينة يتميز بالليالي البيضاء التي تستمر لمدة شهر كامل ابتداء من 21 حزيران إلى 22 تموز . لكن العشرة الأوائل من هذا الشهر التي تسمى بالليالي البيضاء الذي يتصل الليل بالنهار ولا يعرف التحديد إلا من خلال الساعة التي تحدد هي الوقت ،فهذه الأيام التي يتم وصل الليل بالنهار هي 10 أيام من العمر يتمتع بها أهل المدينة وسواحلها،وخاصة الطلاب الذين ينهون اليوم الأخير من عامهم الدراسي، ففي هذه الأيام تنتشر الطلاب في كافة المدينة وينسوا أنفسهم من خلال تغير الوقت الذي تفرضه الطبيعة . لقد كتب الكاتب الروسي “فيدر ديستويفسكي”، كتابه الشهير عن الليالي البيض واصفا الحالة التي تتميز بها هذه الأيام في عاصمة القياصرة، وقاصديها الأجانب ،ففي هذه الأيام تفتح الجسور إمام حركة البواخر الماخرة في نهر “النيفا” في الساعة الواحدة ليلا ، أمام الحركة التجارية والسياحية والتي تصل المدينة بعضها عن بعض، سنوات مرت ونحن نعيش في المدينة نخرج جميعا من اجل التمتع بجمالها ولياليها البيضاء ، نبقى حتى الصبح في الشوارع بسبب فتح الجسور ننسى كل سنة موعد فتحها ، بسبب سرعة الوقت ونسيان أنفسنا، نبقى محتجزون في الجزر التي كنا نلهو فيها متفرجين على فتح الجسور ومرور السفن طوال الليل حتى الخامسة صباحا من كل يوم.

لقد تعودا سكان المدينة جميعا على هذه اللوحة المميزة لانتشار الطلاب والجيش الذين يملا ون الحدائق والمواقع إلا ثرية وخاصة في فصل الصيف الصغير جدا … في الشمال الأوروبي …

أهم المواقع الأثرية في هذا المدينة:

عند الانتهاء من فترة الدراسة وقبل مغادرتي المدينة حاولت أن أقوم بجولة كاملة، على كل معالم المدينة، جلت على كل معالم المدينة التي لم استطع أن أحقق رغبتاتي كلها في التعرف على كل أثارات ومعالم هذه المدينة الأثرية، فكل بناية تستوقفك وكل شارع يلفت نظرك، أن كان للناحية الهندسية ،أو للسكان الذين أقاموا في هذا البناء، أو من حيث هندسة العمارة وتنظيم الشوارع والأماكن التاريخية القديمة والكنائس المميزة، والمسارح ودار الأوبرا والسيرك وحديقة الحيوانات الكبيرة جدا، القلعة القديمة ،خليج الفينلندي،ورمله الأبيض الناصع،قصر الارميتاج تحف القرون ويصعب على المرء التعرف على محتويات هذا المتحف بفترة صغيرة لأنهم قدروا الفترة التي يحتاجها الشخص الواحد لكي يتمكن من التجول في غرف المتحف بسنة كاملة لكي يقول أن اعرف متحف الارميتاج وهذا الذي يهتم به سكان هذه المدينة ، ومتحف بوشكين ،ومتحف الاتنوغرافيا ومتحف العملات ، وقصر رقص البالية ، ومحطات السكك الحديدية الخمسة ،والمطارين ،ومحطات نقل الركاب البرية والبحرية ،ومترو الأنفاق الذي يعتبر من أعمق محطات المترو في العالم نظرا لوجودها تحت نهر “النيفا”، فهذا النفق ما هو إلا تحفة فنية تحت الأرض نظرا لجمال المحطات التي تم شقها بطرق مختلفة وهندسة وديزين مختلف، وطبعا مركز العلم والثقافة المتعددة والتي تعتبر من عماد العلم الحديث في روسيا الاتحادية والعالم ،ومن أهمها :” جامعة سانت بطرسبورغ” الحديثة التي تخرجت منها وحملت شاهدتها  ،و خرجت ملاين الكوادر العلمية والأدبية والسياسية ومن أهم الخرجين هم الرئيسين الحالي والسابق للدولة الروسية الحديثة ،الثنائي:”  بوتين –ميدفيديف ” والعديد من الأسماء اللامعة في التركيبة الهرمية لهذا البلد والذي يعرف باسم مجموعة بتربورغ التي تتولى إدارة البلد حاليا، والتي نحن من خريجي  هذه الجامعة والذي نعتز جدا بأننا نملك دبلوم دراسات عليا من جامعة بتربورغ الرسمية،وحتى لا أنسى منطقة أو”جزيرة فسيلي استروفسكيا” التي تم بنائها على شكل مدينة فينسيا الايطالية من خلال مد قنوات المياه العشرين وسط المدينة لكي يتمكن سكان المدينة الجديدة التنقل فيها كما هي الحالة في المدينة الايطالية ولكن لسوء الحظ وقسوة الطقس الذي لا يسمح بان تكون المياه في القنوات طبيعية لكونها تتجمد طوال فترة 10 أشهر من السنة ،فأمر القيصر بردمها وتعبيد الطرقات الحديثة فيها،لكنها ظلت تعرف بالخطوط التي تحمل أسماء الخطوط من الرقم واحد حتى 20 من خلال شوارع كبيرة وفسيحة جدا تربطها بعضها ببعض ،هناك الحدائق الجميلة في المدينة التي يقصدها ابناي المدينة للتنزه وأهمها حديقة القياصرة والحديقة الوطنية لمدينة سانت بطرسبورغ ،وكذلك شارع “النفسكي” الشارع الرئيسي في المدينة التي يبلغ طوله 35 كيلوا متر ويعتبر من الشوارع الهامة في المدينة فهو شارع السواح والمثقفين والشعراء والمغنين والعازفين والرسامين ،وكل الذين يقصدون المدنية لبد  لهم من زيارة هذا الشارع بالدرجة الأولى فكل يوم تذهب إلى زيارته ترى الشارع بعيون مختلفة ،على هذا الشارع أهم المراكز السياحية ،كالمطاعم والمقاهي ،والفنادق الكبرى والمعاهد الدراسية الهامة ،ومن أهمها مركز صناعة الأفلام التلفزيونية والسينمائية الخاصة بالإنتاج الحصري لمدينة الثورة والقياصرة والشيوعية والليبرالية ،وكذلك معهد الإخراج وصناعة الأفلام الذي يعتبر من المعاهد العالية جدا في روسيا وأوروبا الشرقية،وقد شاء القدر أن يرتبط مصيري الشخصي بفتاة من طلاب معهد الإخراج التلفزيوني  ، “تانيا” التي سوف تصبح زوجتي وأم أطفالي وناقدتي العلمية والعملية وتربط مصيرها بمصيري من خلال العمل الطويل سويا.وفي هذه المدينة كانت معرفتي بزملاء من مختلف القوميات والجنسيات ومن مختلف الاختصاصات،لاتزال تربطني بهم علاقة متينة وما يزودني شوقا لرؤيتهم  وتذكر الغائبين عنا لان المدينة لاتزال تاركة الأثر الكبير في نفوسنا جميعا

فإذا كانت المدينة تقدر أبنائها من خلال قدرتهم العالية في العطاء الذي يقوم على أسس المصلحة الوطنية والقومية، فالسؤال اليوم يطرح نفسه بقوة ؟؟؟ هل تقوم المدينة بإطلاق اسم بوتين عليها لتصبح “بوتبن غراد”، نظرا لما فعله هذا القيصر الأحمر في بناء الدولة الحديثة في روسيا وإعادة الاعتبار لها ولمكانتها الدولية،إن انجازات بوتين كثيرة جدا حيث بدأنا  نرى مفعولها ،اليوم وتحديدا بعد اتفاق ستارت 2 الذي وقعه اوباما – ميدفيديف في شهر نيسان من العام الماضي في براغ. لان بوتين أصبح لروسيا وشعبها رمزا وطنيا وقوميا ،هو أب الأمة الروسية الحديثة،وصانع مجدها الجديد الذي لا ينفصل عن مجدها وقدرتها القديمة في زمن العقود الماضية . نعم يستحق بوتين هذه التسمية بالرغم من الانتقادات الكثيرة التي توجه له يوميا من أصحاب التجربة القديمة والحالمين بالعهدين الماضيين ،الشيوعي والليبرالي ، لأنه أسس دولة والدولة لا تبنى إلا على دكتاتورية الدولة ،ومن اجل الحفاظ على مصالح شعبها وقدراتها وخيراتها ودورها ‘فكان له ما أراد وكان لروسيا وشعبها الدور الذي أعياد لهم

كاتب وباحث إعلامي مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث  

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …