زيارة بوتين .. بين المغازلة والترويض
14 يوليو, 2012
مقالات, ملفات خاصة
مأمون شحادة / المتابع لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشرق الأوسط يجزم أنها تحمل مؤشرات سياسية واقتصادية وثقافية لإثبات الذات الروسية.. ولكن لكل جولة مغزاها وتطلعاتها الداخلية والإقليمية والدولية، فما هو المغزى من ذلك؟
صحيح أن بوتين أتى إلى المنطقة لافتتاح عدة منشآت روسية في فلسطين وإسرائيل والأردن، ومعه أحلام وردية بوتينية في محاولة لإثبات الذات الإقليمية التي تجسد أولى خطوات العالمية لكسر أحادية القطب من نواحي عدة، إلا أن المغزى الأساسي لتلك الزيارة هو مغازلة إسرائيل، كإشارة إلى تخفيف حدة إعلامها المتواجد على الأراضي الروسية والمساند لخصوم بوتين في المعارضة.
تأتي تلك الزيارة كـ”محاولة” لإرضاء البيت الإسرائيلي، على حد وصف بوتين “إن التاريخ اليهودي محفور في حجارة القدس”، لترويض الإعلام الإسرائيلي في روسيا لصالحه، حيث ازدادت في الآونة الأخيرة التحركات الشعبية المناهضة لحكم القيصر الروسي، متهمين إياه بتزوير عملية الانتخابات.
إن إسرائيل لها اليد الطولى والباع الكبير في الإعلام الروسي، وكما نعرف أن اللوبي الإسرائيلي يتواجد بكثافة في أروقة الساحة الإعلامية الروسية، خصوصاً في مجالات التحليلات السياسية التي تدخل إلى العقول دون طرق أبوابها.
صحيح أن بوتين يسعى، ومن وراء الستار، إلى تشكيل تحالف دولي ترعاه روسيا بينها وبين الصين وإيران “ترويكا”، كمنظومة متكاملة يجتمع بين حناياها عناصر التحالف، على اعتبار أن روسيا تشكل القوة العسكرية، والصين القوة الاقتصادية، وإيران القوة الإقليمية في الشرق الأوسط.
والمتابع للشأن الروسي يجد أن تلك الزيارة ترنو ضمن الإطار السياسي، كخطوة أولى لإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية تمهيداً للمؤتمر الدولي المزمع عقده في روسيا مستقبلاً، ولكن، ما يجب على “المتابع” معرفته أن هذا المؤتمر- ربما- سيكون برعاية من أطراف هذا التحالف وبتحفظ إيراني.
بالتأكيد إن الانزعاج الروسي من الإعلام الإسرائيلي سيكون له مقايضة بين الاثنين، تقدم من خلالها إسرائيل لروسيا- بشرط مسبق- موافقة أمريكية على الاتفاقيات الاقتصادية وشراء الأسلحة بين الروس والإسرائيليين، وفي المقابل يقدم الدب الروسي مقايضة ترضي الطرف الأول.. ولكن، ما الذي قدمته- أو ربما تنوي تقديمه- روسيا لإسرائيل استجابة لهذا الشرط؟
إذن، المعادلة الإعلامية التي يتمسك بها اللوبي الإسرائيلي على الأراضي الروسية، تزعج الرئيس الروسي بوتين، وتهدد مستقبل أحلامه الوردية في حال امتدت الاحتجاجات الشعبية إلى أكثر مما يتصوره القيصر، لأنها ستنسف كل ما هو وردي ضمن الدائرة الحمراء.
كاتب وصحافي من فلسطين