تتأرجح حكومة “التوافق الوطني” الفلسطينية على حافة الانهيار جراء التوتر المتفاقم بين حركة “حماس” الإسلامية وحركة فتح ما يلحق ضررا بجهود إعادة إعمار قطاع غزة ويعقد الوضع بالنسبة إلى طموح الفلسطينيين بإقامة دولتهم الموحدة.
فبعد مرور خمسة أشهر على الحرب المدمرة مع إسرائيل لا يزال سكان غزة يشعرون بين الحين والآخر بانفجارات باتت حاليا على الأغلب وليدة الصراع الداخلي الذي يمزق النسيج السياسي الفلسطيني.
ولا تزال حركة حماس تبسط سيطرتها على قطاع غزة منذ 2007 حتى بعد أن وافقت في يونيو حزيران الماضي على تشكيل حكومة توافق وطني تتسلم إدارة القطاع منها وتشرف على إعادة إعماره في فترة ما بعد الحرب.
غير أن عجز الحكومة عن القيام بالمهام المنوطة بها أعاق عملية إعادة الإعمار في غزة حيث لا تزال 100 ألف منزل متضررا أو مدمرا جراء الحرب كما قوض محاولة انتزاع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
وعلى مدى الأسابيع الأخيرة تطورت المواجهات بين عناصر من حماس وفتح إلى أعمال عنف على الرغم من أن الغموض يحيط أحيانا بمن يقف وراءها.
ويوم الجمعة انفجرت عبوات ناسفة في مصرف كبير في غزة تدفع عبره حكومة التوافق الوطني الرواتب لمعظم موظفي القطاع العام البالغ عددهم 70 ألفا والذين وظفتهم قبل أن تسيطر حماس على القطاع الساحلي الضيق.
وفي مطلع الأسبوع انتشرت صور لناشطين ينتمون لحركة فتح في غزة قالوا إن عناصر أمن من حماس جردوهم من ثيابهم وضربوهم وتركوهم في العراء وسط درجات حرارة متجمدة
يأتي ذلك بينما تتهم حماس حركة فتح باعتقال ناشطيها في الضفة الغربية حيث منطقة سيطرتها.
وقال ماتيا توالدو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه “في كل مرة يضيق الخناق حول حماس ترد بافتعال معركة” واصفا هذا الاحتمال بأنه السيناريو الأسوأ غير المرجح حاليا.
ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله من الضفة الغربية إن حكومة التكنوقراط التي يرأسها لا يمكنها إدارة شؤون قطاع غزة قبل أن ترفع حماس قبضتها عنه وعن المعابر الحدودية مع مصر واسرائيل.
لكن لا تلوح في الأفق أي إشارة على أن هذا الأمر سيحصل.
فمن وجهة نظرها تتهم حماس الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يرأس أيضا حركة فتح ويتولى الإشراف على موازنة السلطة الفلسطينية بمحاولة خنق الحركة وإجبارها على الخضوع عبر وسائل عديدة بينها الامتناع عن دفع الرواتب موظفي الدولة في قطاع غزة البالغ عددهم 50 ألفا.
وقال محمود الزهار القيادي في حركة حماس إنه الأجدر بعباس أن يتضامن أولا مع أبناء شعبه الذي يحرمهم من الرواتب وإعادة الإعمار.
كما تهاجم الحركة عباس لعدم زيارته قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل.
توقعات سوداوية
وخلاصة القول إن الفلسطينيين يعيشون حاليا حالة من الاستقطاب تفوق أي وقت مضى مع إشراف حماس على قطاع غزة وسكانه البالغ تعدادهم 1.8 مليون شخص في حين تبسط فتح سيطرتها على الضفة الغربية التي تبعد نحو 60 كيلومترا فقط إلى الشمال الشرقي ويعيش فيها 2.8 مليون شخص.
وألمحت الدول المانحة التي تعهدت في أكتوبر تشرين الأول بدفع 5.4 مليار دولار في صندوق للفلسطينيي- بينها السعودية وتركيا وقطر وغيرها من الدول الأوروبية- إلى انها لن تتمكن من الوفاء بتعهداتها حتى تتسلم حكومة وحدة وطنية الحكم كسلطة واحدة.
لكن من وجهة نظر حماس يكمن الخطر في احتمال عدم تمكنها من استعادة السلطة التي تملكها حاليا في حال تخليها عنها فعلى الرغم من فوزها في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2006 لا توجد أي إشارة على إجراء انتخابات جديدة.
أما بالنسبة لفتح فان عجزها عن بسط سيطرتها على غزة عبر السلطة الفلسطينية يحرمها من الأمل في أن يأخذ العالم بجدية جهودها لانتزاع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين فيما تستعد للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وإطلاق محاولة جديدة لانتزاع الاعتراف الدولي في الأمم المتحدة.
وما يزيد الأمور تعقيدا هو أنه في حال تحقيق بعض التقدم في هذه المحاولة تشير استطلاعات الرأي إلى أن حماس ستفوز حتما في الانتخابات التشريعية المقبلة بغض النظر عن موعد اجرائها مما قد يعرقل إلى حد كبير برنامج الخطوات التي تمهد لإعلان الدولة.