5555 أوكرانيا

روسيا ومنظمة التجارة العالمية : إرضاء روسيا بنصر ..!!!

د. خالد ممدوح العزي /  بالفعل أضحت روسيا عضوا في منظمة التجارة العالمية ذات الرقم 156 بعد نضال طويل ومرير خضتها روسيا طوال  18 سنة من مفاوضات صعبة جدا وضعت عليها شروط قاسية ، لقد وقعت روسيا مسودة الاتفاق في جنيف  في كانون الأول عام 2011 5555 أوكرانيا،وإثناء  لقاء الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مع الرئيس الأمريكي براك اباما في قمة الثمانية في أمريكا أيار”مايو” الماضي من 2012 تم الاتفاق على تسريع الخطوات في الالتحاق  ولعل هذا الخبر هو الأبرز الذي سيطر على الإعلام الروسي بكافة وسائله المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية من خلال  صفحات الجرائد وشاشات التلفزة  ومواقع ألنت والإذاعات،لقد احتل الخبر المرتبة الأولى في كافة الحياة السياسية والإعلامية والاقتصادية الروسية ،من خلال الانقسام في طبقات المجتمع الروسي بين مؤيد وبين معارض للانضمام . 

23 أب “أغسطس” 2012 انتهت المعركة الطويلة التي خاضتها روسيا  مع المجتمع الدولي وأضحت روسيا ملتزمة بتنفيذ بنود اتفاقية مراكش الدولية لمنظمة التجارة العالمية ، لقد منحت روسيا  عضوية منظمة التجارة العالمية بعد أن أوقف الاقتصاد الروسي عالميا طوال هذه الفترة لأسباب سياسة بحثة ،وكانت أدواتها دول تكن العداء الرسمي روسيا وتنفذ سياسة واشنطن وليس سياسة منظمة التجارة العالمية وشروط الانتساب أليها ،طبعا كانت بولونيا وجورجيا هما الدولتان اللتان قادتا المعركة بالنيابة،منحت روسيا حق العضوية بعد أن نفذت كل شروط المنظمة القانونية القاسية التي كانت هي الأساس في إبطاء عملية منحها هذا الحق ،طبعا روسيا دولة كبيرة وذات اقتصاد قوي وإنتاج مالي ضخم من خلال الثروات الطبيعية التي فرضتها الطبيعية الجيولوجية ،بالرغم من هذه القدرات الهائلة للثروات الروسية لكنها أبعدت قصريا طوال هذه المدة  من الانفتاح الاقتصادي العالمي وبقي اقتصادها الضخم والكبير مغلقا بالرغم من كون روسيا هي دولة من الدول الصناعية  الكبرى الثمانية  والتي دخلتها في العام 1994 في قمة نابولي في ايطالي يعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وانتقال السلطة إلى روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفيتي.

 تعتبر السوق الروسية سوق مستهلكة لكثير من البضائع المستوردة من دول كانت مستفيدة جدا من هذا السوق الذي يعتبر سوق مدلل دوليا بسبب الوفرة المالية العالية لدى المواطن الروسي. فالمصلحة العالمية أبقت روسيا سوقا مستهلك وليس سوق مصدرا أو شريكا بالتصدير ،فالسوق الروسي يستفيد منه أكثر من 150 مليون نسمة روسيا و100مليون من الدول التي تستخدم السوق الروسي في اغلبها دول الاتحاد السوفيتي السابق   أو كما بات يعرف بدول الكومنولث .

فالساسة الروس يبررون عدم دخولهم في منظمة التجارة العالمية طوال هذه المدة الزمنية الطويلة  بسبب حماية الإنتاج الصناعي الداخلي والمستهلك الروسي ،ويقلون بان عدم دخولهم إلى هذه المنظمة العالمية يضر بالتجارة العالمية وروسيا لن تقف موقف المخرب …وفي نهاية النهايات النظام الروسي ورئيسه شخصيا وضعوا أللماسات الأخير على الانضمام لهذه المنظمة .

طبعا الأصوات الروسية المعارضة لدخول روسيا إلى  هذه المنظمة  كثيرة وفي طليعتهم الحزب الشيوعي الروسي والمعارضين لسياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ،والذين  يعتبرون بان روسيا سوف تقضي بذلك على كل الصناعات التقليدية والوطنية  التي لا تزال موجودة من أيام الاتحاد السوفيتي والتي سوف تسمح للمنافسة العالمية أمام الشركات الخارجية المستفيدة من نظام خفض الجمارك والقوانين الأخرى ،مما يساهم بفقدان أماكن عمل كثيرة للعمال الروس بسبب إقفال المصانع الوطنية إمام المنافسة الخارجية مما يساعد على تنمية جيش البطالة  وتندني مستوى الدخل لأغلبية المواطنين ونمو طبقات جديدة تتحكم بمقاليد الاقتصاد الخاص فموافقة روسيا على تخفيض الجمارك على مواد تعتبر نفسها موطنها فهل يشكل لها أزمة فعلية كما تقول المعرضة فالعديد من المواد الحيوية التي تشكل لروسيا منافسة شرسة كالحليب والحم والرز والسيارات والحبوب والطحين والأوراق والخشب  وسف تستفيد دول عديدة من دخول روسيا في هذه المنظمة كالبرازيل ،مصر ،الهند ،تركيا ،الصين ،باكستان ،تايلاند ، الإكوادور ،المغرب ،وجنوب إفريقيا الخ في عدم فقدان السوق الروسي المستهلك  لبضائعهم  لكن حسب أراء المحللين والاقتصاديين الذين يرون إن تخفيض سعر الجمارك من 11 %إلى 7  % امرأ طبيعيا ولن يساعد على تدني مستوى المنافسة للبضائع الروسية التي ستسب بخفض الدخل في واردات الدولة وخلال 3 سنوات يروا بان مستوى الدخل السنوي للخزينة من العائدات ستبلغ 18 مليا رد  دولار سنويا.

وفي تقدير من البنك الدولي بان روسيا ينتظرها في القريب العاجل ارتفاع الإنتاج إلى 11% سنويا. وبالتالي فان دخول روسيا في منظمة التجارة العالمية سوف يمنح روسيا في زيادة الدخل القومي بمعدل 3% سنويا .

اذا يعتبر الاقتصاديون الروس بان دخول روسيا إلى منظمة التجارة العالمية سوف يلزمها بقوانينه ونظامها العالمي الذي كانت روسيا بعيدة عنه وعن الالتزام به والذي سيجعلها تلتزم بتنفيذ القوانين الدولية الجديدة وتحترمها ،

اليوم بدأت روسيا تلعب بلعبة منظمة التجارة العالمية وتنفيذ شروطها وقوانينها الاقتصادية التي تملصت منها طوال الفترة السابقة في تعاطيها مع التجارة العالمية والهروب من كل قيودها ومستحقاتها  التي أبعدت رجال الإعمال العالمين من الدخول إلى داخل الحقل الروسي التي صبغت عليه كلمة مافيا تسيطر وتتاجر …فالقوانين التي كانت تسيطر على حياة روسيا والتي أخذتها من قوانين الاتحاد السوفيتي كانت الحصن الحصين لكل التجار الروس والشركات التي مارست التجارة المافيوية .

اليوم بدأت علاقة جديدة تفرضها شروط اللعبة الدولية التي انخرطت فيها روسيا طوعيا  فهل ستكون هذه اللعبة على حساب المواطن الروسي الذي سيزداد فقرا وعوزا أمام بروز أشخاص جدد يملون لقب المليونير أو باللغة الروسي الجديدة “الروس الجدد” ،وخاصة بان حقبة الرئيس بوتين غنية جدا بارتفاع و نمو أسماء أغنياء روس .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم فإذا كانت الفوائد التجارية والاقتصادية متعددة ما بين الربح والخسارة لروسيا وتجارتها وصناعتها وشعبها في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ،فما هي الفائدة السياسية لساسة روسيا وقيادتها بهذا الوقت بالتحديد من منحها حق العضوية في المنظمة بعد صراع دام 19 عاما .

فالدخول إلى منظمة التجارة العالمية كان ملفا عالقة من ملفات كثيرة متشابكة أضحت نقاط صراع بين روسيا والمجتمع الدولي الضاغط على روسيا الحالمة ببناء أقطاب دولية متعددة  تعيد فيها أمجادها المفقودة من الحلبة الدولية التي كانت سورية ورقة المواجهة والمشاكسة الروسية في مجلس الأمن من خلال رفع الفيتو 3 مرات لحماية بشار الأسد ونظامه الدكتاتوري التي أضحت روسيا مدافعا عن دكتاتوريات العالم تحت شعار الحفاظ على القانون الدولي وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية .

فهل الغرب سهل دخول روسيا إلى المنظمة الدولية في حسن نية منه لفتح جدار في جبل الجليد العالق بين الطرفين لكي يتمكن من حلحلت أزمات كبرى واخطر روسيا تتمسك بها خوفا من وعود الغرب الكاذبة .

أو العكس تمام تم إرضاء روسيا بنصر داخلي تقنع به شعبها للتنازل وتسهيل ملفات كبيرة ودولية تكاد تخرج من سيطرت الدب الروسي كالمشكلة السورية التي أضحت عائقا على الكرملين وصناع القرار فيه . 

لنرى الأيام القادمة كيف ستكون سياسة روسيا في تعاملها مع الأزمات والملفات الكثيرة العالقة بينها وبين الغرب  وفي الأولوية  الملف السوري . 

 

كاتب صحافي وخبير بالشؤون الروسية ودول الكومنولث.

 

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …