%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF أوكرانيا

روسيا والتسويق السياسي في الحرب على سوريا:

د. خالد ممدوح العزي / التسويق ب بالإنكليزية) ( Marketing هو مجموعة من العمليات أو الأنشطة التي تعمل على أكتشاف رغبات خالدالعملاء وتطوير مجموعة من المنتجات أو الخدمات التي تشبع رغباتهم وتحقق للمؤسسة الربحية خلال فترة مناسبة، ويمكن تعريف التسويق بفن البيع، إلا أن المبيعات هي جزء من العملية.

من الناحية المجتمعية، التسويق هو الرابط بين الاحتياجات المادية للمجتمع وبين الاستجابة لأنماط الاقتصاد من خلال توصيل قيمة منتوج أو خدمة إلى العملاء. ويمكن اعتبار التسويق وظيفة عمل لمؤسسة ومجموعة من الأليات التي تخلق وتوصل القيمة إلى العملاء والتعامل مع العملاء بطريقة تفيد المؤسسة المساهمين في رأس مالها. أما التسويق كعلم، فهو عملية تحديد الشريحة المستهدفة من خلال القيام بتحليلها وتجزئة السوق، وفهم توجهات العملاء وبتقديم قيمة عالية لهم.

والتسويق السياسي لا يفرق كثيرا عن التسويق الاقتصادي ويستخدم نفس الوسائل التي تستخدم في تسويق الانتاج الاقتصادي ، حيث تشكل الدعاية الاساس في نشر الافكار السياسية المطروح .

ويمكن تعريف التسويق السياسي دون الدخول في مزيد من التفاصيل كالأتي :”بانه مجموعة من الأنشطة التي تستهدف تعظيم وتنظيم عدد المؤيدين لمرشح سياسي أو

لحزب معين أو برنامج أو فكرة معينه بما في ذلك الدعم المادي الجماهيري باستخدام كافة وسائل الاتصال الجماهيري أو أي وسائل أخرى ضرورية ، وفي ضوء التعريف السابق ويمكن القول :”بأن التسويق السياسي يستهدف تسويق منتج وليس مجرد بيع منتج سياسي معين يحتوي على ثلاثة أبعاد هي : 1- هو الإتساع الذي يشير إلى عدد القضايا المطروحة . 2- هو العمق والذي يشير إلى مدى تعدد الطروحات الخاصة بحل المشاكل أو تنفيذ البرنامج الواحد . 3-هو الترابط الذي يشير إلى استخدام وسيلة أو عدة وسائل مشتركة أو مستشار إعلاني أو إعلامي واحد .

ومن خلال هذا العرض لابد من التعريج على التسويق السياسي التي تخوضها روسية في حملاتها الدعائية المعتمدة بالعداء لكل للثورة السورية، والشعب نفسه ، من خلال وصفه بانه ارهابي ، فالروس يسوقون في اعلامهم بان كل من هو ضد الاسد بغض النظر عن انتمائه السياسي والديني فهو ارهابي .

وهنا لابد من القول بان روسيا تدخل نفسها في المنطقة للمرة الأولى منذ الغزو السوفيتي لأفغانستان ،بعملياتها العسكرية الحالية في سوريا في سبيل تسويق فكرتها العدائية للثورة وتصويرها بانها ارهابية .

لقد استعار الكرملين أساليب الحكومة الأميركية لتكرار الحملة الإعلامية للرئيس السابق جورج بوش الابن لكسب قلوب وعقول الأميركيين.

وقد دأب الجيش الروسي على التزام الحذر في عملياته سواء في الشيشان أو جورجيا أو أوكرانيا. لكن في سوريا تحولت وزارة الدفاع الروسية إلى محطة أخبار تعمل على مدار الساعة، وتقدم لقطات تلفزيونية بارعة لصواريخ وغارات جوية مدعومة برسوم توضيحية متحركة.

وفي أعقاب هجمات 11 أيلول 2001 أعلن بوش الحرب على الإرهاب، وفي روسيا يسوق الكرملين تدخله الحالي في سوريا بالطريقة ذاتها. لكن الفرق الوحيد هو أن العدو هذه المرة هو تنظيم الدولة الإسلامية الذي تقول موسكو إنه قد يأتي إلى روسيا ما أن يفرغ مما يفعله بسوريا.

وأمام تراجع اقتصادي متزايد وقلق من سماع أنباء المشاكل التي يعانيها الانفصاليون المدعومون من الكرملين في أوكرانيا يبدو كثير من الروس مستمتعين بالمشهد وتصديق رسالة الكرملين بأن تدخله دليل على صحوة عسكرية ودبلوماسية في البلاد.

ويرى الكرملين أن الحملة الدعائية ، التي وصلت حد وصف مذيع تلفزيوني يقدم النشرة الجوية لأحوال الطقس بأنها مناسبة لشن غارات جوية، تؤتي ثمارها حتى الآن.

ومع تساقط أولى زخات الثلج في شتاء موسكو يرى المعلقون الروس بان الصراع السوري يمثل وسيلة مفيدة الى لفت أنظار بعض الروس غير الراغبين في قضاء الليل يفكرون في ارتفاع الأسعار والعقوبات الغربية وتراجع ميزانيات العائلات.

وتعمل السياسة الخارجية من خلال استخدام الاعلام التي تسوق من خلاله لتوجهاتها السياسية باستخدام وسائل التمثيل الاستعراضي للأفلام المصورة والتقارير التلفزيوني بشكل عرضاً مسرحياً ، فالناس في روسيا بالاصل يفتحون أجهزة التلفزيون والمهم بالنسبة لهم متابعة مشهد ما. فالهجمات والقصف وإطلاق النار كلها عناصر تكمن في المشهد المطلوب ايصاله لهم .”

ومنذ 30 سبتمبر/أيلول حين بدأت روسيا عملياتها الجوية في سوريا، تقدم للمشاهدين الروس لقطات أشبه بالأفلام لمقاتلات روسية تقصف أهدافا، وسحب دخان تتصاعد في أعقاب ذلك وسفن حربية راسية في بحر قزوين تطلق صواريخ عبر إيران والعراق لتصيب سوريا.

وقال بوتين لوزير دفاعه في مشاهد بثت في نشرات الأخبار المسائية في نفس اليوم بينما احتفل الرئيس الروسي بعيد ميلاده الثالث والستين “قدرتنا على تنفيذ هذا من بحر قزوين من مسافة نحو 1500 كيلومتر وبأسلحة عالية الدقة وإصابة جميع أهدافنا تعكس الاستعداد الجيد لجيشنا.”

وبغض النظر عن الافكار التسويقية التي حاولت روسيا نشرها بواسطة السلاح والبطش في سورية لدعم حليفها الرئيس بشار الاسد ،لكن الانقلاب في حلب قد افشل كل الافكار والتقارير التي عمدت موسكو طوال فترة الثورة السورية الى نشرها بواسطة دبلوماسيتها واعلامها ومؤيديها، لم تستطع اقناع الشعب السوري المنتفض افكارها بالرغم من محاولتها الاطباق على الثورة عسكريا وسياسيا واعلاميا ودبلوماسيا

من اجل هزيمتها واجبارها على رفع الرايات البيضاء او ايجاد ممثلين معرضة الحقيقية تصنعهم روسيا.

فشلت روسيا بتسويق افكارها ـوبات عليها التعامل بواقعية اكثر مع الشعيب السوري، وبالتالي على روسيا تغيير سياستها التسويقية، والعمل على طرح سياسة بديلة ومقبولة من الجميع ، تؤمن لها مصالحها الاقتصادية والسياسية المستقبلية ، وفتح قنوات العلاقات مع الشعب الذي يبقى حليفا وليس اشخاصا غير دائمون.

وهنا لابد من التشديد على ان العالم من حولنا بات يتغير سريعا، وعلينا التأقلم معه وتقبل التغيرات بإيجابية ، وعلى روسيا ان تفهم ذلك جيدا وان تحاول تغيير سياتها وسلوكها في التعامل مع المنطقة.

فالفشل في سورية يجب ان يتحول الى درس لإعادة النظر في السياسة التسويقية الروسية، وليس درسا في الانتقام من الحاضر والمستقبل .

Khaled el-izzi

كاتب اعلامي وخبير بالشؤون الروسية ودول اوروبا الشرقية .

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …