خالد ممدوح العزي / بالرغم من فشل عاصفة “السوخوي” الروسية التي جربتها روسيا وجربت معها كل وسائل الترويج عن مدى فعليتها وقدرتها القتالية التي اخرجتها بمقاتلة الارهاب لكن تجربتها السورية اثبت عكس ذلك.
لكن الارهاب خدم روسيا واوصلها الى سورية وهي تروج لضربه ولكنها لاتزال بعيدة عنه منذ اكثر من شهرين ،وبالتالي الارهاب حجة لقلب الحدث التي كانت بعيدة عن تدميره وخاصة من خلال تقارير وزارة الدفاع الروسية التي تشير بانها تضرب تنظيم داعش وقواعده بل كانت تستهدف المعارضة المعتدلة التي تدمر البنى التحتية وتضرب المدنيين السوريين لمساومتهم .ربما كانت روسيا تريد من ذلك اخراج اوروبا وتهديدها بتدفق مزيدا من المهاجرين السوريين نحو دولها من اجل فك الحصار الاقتصادي التي تفرضه على موسكو واقتصادها. فتم دول روسيا الى سورية كان يهدف الى الامساك بالورقة السورية التي كانت تميل ببطء لجهة المعرضة التي تهدد مصالح روسيا .
فالروس كانوا يروجون لدخولهم الى سورية من اجل حماية مصالحهم ودورهم العالمي وهذه المعركة التي تخوضها روسيا هي من اجل حماية مصالحها الخاصة والتي تريد المقايضة عليها مع الدول الغربية .
فروسيا التي تعاني من مشاكل داخلية بسبب تورطها في تورطها في اوكرانيا وخوضها للحرب في المناطق الشرقية لدعم اقلية روسية صغيرة وصنع دويلة لهم في داخل الدولة .جاءت روسيا الى سوريا لتعوض عن دورها المفقود والذي يعاني من ازمات مع المحيط وفقدان الثقة بها وبدورها. فالأهداف التي رسمتها روسيا لتدخل الى سوريا كانت بالدرجة تحاول تسويق سلاحها الذي فقد قيمته في حروب سابقة ،لكن صواريخ روسيا التي سقطت في اذربيجان الشرقية ومجزرة الدبابات وفشل “السوخوي” المستمر والذي اثبت من جديد عدم فعلية السلاح الروسي الجديد.
بالإضافة الى الاستعراضات العسكرية الجوية فوق تركيا والتي تحاول ارسال رسائل الى تركيا لاستفزاز دول حلف الناتو، التي اجرت مناورات سريعة في اوروبا كانت مفقودة من ثلاثة عقود، لتقول لروسيا لا للعودة الى مرحلة ما قبل العام 1990.
لقد سقطت المقولة الروسية بانها تستطيع الحسم بسهولة وقلب موازين القوى مع عناصر جسدت قدراتها القتالية طوال 5 سنوات بعد ان فشلت القوات” الايرانية وحزب الله والمليشيا الشيعية” الحسم بواسطة الضربات الجوية الروسية التي اسقطت مصداقيتها بعدم ضرب تنظيم داعش الارهابي، فالروس وضعوا انفسهم في مواجهة مع الشعب السوري كله ، وخاصة بان جدول العمليات اليومية التي تنشره وزارة الدفاع من خلال هجمات اليومية بان سلاحها الجوي لم يشير الى ضرب او دك مواقع الارهاب بل مواقع الاعتدال السوري الذي يشكل خطرا مباشرا على نظام الاسد .
فالهجمات الروسية على منطق التركمان مؤخرا استفزت تركيا وقد احست بانها مهددة من هجوم قريب من الجحافل الروسية ، وخاصة بعد اختراق الطائرات الروسية للأجواء التركية ،ومحاولة موسكو دعم حزب الاتحاد الكردستاني في سورية والاعتراف بممثلية لأكراد سوريا في موسكو .
وقد هددت تركيا روسيا بقطع المصالح الاقتصادية التي تحاول روسيا استثمارها في تركيا عن طريق مد انبوب الغاز الجنوبي الى اوروبا الجنوبية وبناء محطات نووية بدلا العمل عليها سابقا واقفال الاسواق التركية امام الاستيراد الروسي الذي يعاني من خصار غربي.
بالإضافة الى زيارة وولي ولي العهد السعودي ووزير الخارجية اللذان اعلنا مواقف متشددة جدا من روسيا تضمن تسمية الوجود الروسي بانه قوة احتلال واصبح العالم الاسلامي ينظر اليهم كجزء من الازمة وليس جزء من الحل، وهذا ما يجمع القوى المتطرفة ويوحد توجهاتهم ويفتح ابواب الصراع مع روسيا على مصراعيه على اساس انها قوة احتلال وكذلك من باب الصراع الطائفي معها بعد ان اعلنت الكنيسة الروسية بان خرب روسيا في سورية “حرب مقدسة” .
فالنقطة الثانية التي واجهت روسيا في حربها في سوريا موقف العربية السعودية والمجموعة العربية المتشدد والرافضة لتغير الواقع السوري بواسطة القوة ومحاولة تعويم الاسد من جديد.
وخذا سعني بان موقف المجموعة العربية ستكون بمواجهة مباشرة مع روسيا في حال استمرارها بهذا التوجه ولديها مجموعة كبيرة من الاوراق التي يمكن استخدامها بوجه روسيا .وفقا لذلك فشلت مخططات روسيا التي استمد منها الرئيس فلاديمير بوتين قوته وجبروته لفرض شروطه على العالم من خلال العقلية المخابراتية وليس بعقلية رجل دولة ، مما وضعه امام التقسيم وايجاد جيب يفرضه على العالم لإبقاء الاسد رئيسا او الدخول في معركة برية مع التطرف الاسلامي من جهة ، ومع كل الشعب السوري من جهة اخرى والمدعومة من القوى المجاورة الداعمة للمعارضة المعتدلة. فالقتال الروسي في سورية سيكون ثمنه باهظا جدا يختلف عن اوكرانيا وجورجيا ،فمجزرة الدبابات في سهل الغاب كانت اشارة انذار مبكرة للقيادة الروسية بثمن كلفة التدخل ، بالإضافة الى حادثة موت الجنود الروس الاخيرة في اللاذقية والتي بقيت قصتها غامضة كونهم مرتزقة ومتطوعين للقتال في سورية تضم كتائب يتم تجنيدها في روسيا كما كان الحال في اوكرانيا .
لكن الحدث السياسي السريع الذي التي عملت روسيا على إظهاره في 21 تشرين الاول هو جلب الاسد من سورية بواسطتها الى قصر الكرملين من اجل اعطاء صورة جديدة للعالم بان روسيا جاهزة للحل وبيدها اصبحت الورقة السورية، ويمكن التفويض معها للوصول الى تسوية سياسية
بوتين بدأ يجري اتصالاته الفورية بالدول المعنية بالملف السوري ويخضر لاجتماع فينا التي شارك فيه تركيا والسعودية وتم ابعاد ايران حيث ستكون محطة للمساومة الروسية ،بينما الاسد كان يشكر بوتين على دعمه وجهوده وكانه سيودع فعليا المسرح السياسي.
لكن ما هي الاسباب التي دفعت روسيا للإسراع الى ايجاد تسوية في سورية:
– رفض تركيا بقاء الاسد وقالت كلمتها النهائية بعد الانتخابات النيابية التي حصلت في بداية نوفمبر تشرين الحالي.
–رفض المجموعة العربية بقاء الاسد وانذار روسيا بدعم المعارضة المعتدلة مباشرة بسلاخ متطور وخاصة بانتظار حسم ملف اليمن القريب لصالح التحالف العربي .
–الموقف الاوروبي غير الموافق على تدخل روسيا في الملف السوري ومحاولتها فرض توازن جديد .
-موقف فرنسا الجريحة من ضربات داعش الرافضة بقاء الاسد في الحكم .
– الحالة لداخلية الروسية التي تعاني من ازمات ولا تسمح بحرب جديدة تزتنزفها في سوريا كما حال تورطها في اوكرانيا.
–روسيا خسرت اوكرانيا التي ستعيد انتشار الجيش النظامي اخر هذا العام على حدود الدولة الرسمية بحسب اتفاق مينسك التي وقعت روسيا عليه، مما يحد من قدرة روسيا بدعم الانفصالين.
هذا ما فرض على الرئيس الروسي في مؤتمر “فالداي” للسياسات الدولية المعقد في سوتشي بتاريخ 23 تشرين الاول من الاقرار بان نقل السلطة في سوريا يجب أن يكون ديمقراطيا، ممكن تحت إشراف دولي . حيث يعتبر التصريح كلام جديد للقيادة الروسية… بالنسبة للازمة السورية حيث شدد على ضرورة التفريق بين التهديد الإرهابي في سوريا وبين المسائل السياسية الداخلية ويجب التفريق بين التهديد الإرهابي في سوريا وبين المشاكل السياسية الداخلية.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم الى أي متى ستستمر روسيا بالتعنت وعدم الاكتراث للمواقف الدولية ولرغبة الشعب السوري بالتخلي الطوعي عن اسد الاسود.