أوكرانيا اليوم / كييف / نشرت مجلة “وورلد أفيرز جورنال” الأمريكية مقالاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة روتجرز، ألكسندر موتلي، حاول فيه الإجابة على السؤال الشائك الذي يدور حول الفائز في الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن الإجابة ليست بسيطة كما قد يبدو، لأن النصر يعني أشياء مختلفة لكل جانب.
وأشار الكاتب إلى أن انتصار روسيا قد يتخذ شكلاً من اثنين لا ثالث لهما: التوسع الإقليمي على أجزاء كبيرة من جنوب شرق أوكرانيا، أو فرض شروط سلام غير مواتية على أوكرانيا، ومن الممكن أن يحدث الأمران معاً، ولكن لم يحدث أي من ذلك، وليس من المرجح أن يحدث، بحسب رأيه.
ويرى أن عدم سيطرة روسيا على شرق أوكرانيا أو إخضاعها لسلام مشروط يعني هزيمتها، وسيخسر بوتين الحرب في حال عدم تحقيقه لانتصار كبير، بعد الأضرار التي أصابت الاقتصاد الروسي، وتحويله روسيا إلى دولة مارقة، وتسببه في ابتعاد حلفاء روسيا.
تغير ميزان القوى
في المقابل، يرى الكاتب أن أوكرانيا ستفوز في حال عدم تكبّدها لخسارة كبيرة، وإذا تمكّنت من احتواء العدوان، فسوف تثبت أنها تمتلك الإرادة والقدرة العسكرية لردع الكرملين، ووقف بوتين ووكلائه، والبقاء على قيد الحياة كدولة ديمقراطية مستقلة.
وأكد الكاتب أن ميزان القوى قد يتغير، فمن الممكن أن ترمي روسيا بمئات الآلاف من القوات النظامية ضد أوكرانيا للاستيلاء على كييف، أو بناء ممر بري لشبه جزيرة القرم.
ولكن هذا من شأنه أن يرفع بشكل كبير من عامل الخطر لبوتين، لأن الأوكرانيين سيقاتلون حتى النهاية، وستنشأ حرب انحياز، وستقوم الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، وقد تشارك في الحرب دول أخرى في أوروبا الشرقية، وستزداد العقوبات الغربية ضد روسيا، وسيتم استبعادها من نظام “سويفت” المصرفي الدولي، وبالتالي ستتكبّد روسيا خسائر فادحة على المستوى البشري والمالي والمادي، مما يهيئ لانقلاب روسي ضد بوتين.
فهم بوتين للسياسة الواقعية
ورجح الكاتب أن بوتين لديه فهم جيد للسياسة الواقعية، تجعله يدرك العواقب الوخيمة لاحتلال أوكرانيا، برغم ما يحركه من رؤى غريبة حول استعادة عظمة روسيا المقدسة، وبالتالي سيحافظ على الضغط العسكري على أوكرانيا من خلال وكلائه الانفصاليين أملاً في استنزاف أوكرانيا اقتصادياً وعسكرياً وبشرياً، وفي النهاية لن يتأتى له التوسع الإقليمي في أوكرانيا أو فرض سلام مشروط.
ويعتقد الكاتب أن الوضع على جبهة القتال يشير إلى مأزق عسكري قد يكون ضاراً للأهمية الاقتصادية لمنطقة جنوب شرق أوكرانيا، لكنه مفيد لقدرة أوكرانيا على البقاء ككيان سياسي مستقل، مؤكداً أن الأوكرانيين يقاتلون من أجل وطنهم، وهم يعرفون أن هذه ربما تكون فرصتهم الأخيرة للتحرر من قبضة إمبراطورية موسكو.
والشيء الرائع في كتائب المتطوعين الأوكرانيين، وفقاً للكاتب، هو هذا العدد الكبير من الأوكرانيين الشرقيين فيها، حيث هيّمن الأوكرانيون الغربيون في كل من الثورة البرتقالية عام 2004 وميدان الثورة 2014، لكن الأوكرانيين الشرقيين الناطقين بالروسية أثبتوا أنهم على استعداد لاحتلال الصدارة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن وطنهم ومنازلهم.
وأكد الكاتب، في نهاية مقاله، أن روسيا لا يمكنها تحقيق انتصار ضخم في أوكرانيا، وهو ما يعني خسارتها وانتصار أوكرانيا، موضحاً أن الغرب لا يفعل الصواب في دعم أوكرانيا فحسب، وإنما يراهن على المنتصر في هذه الحرب.