فادي عيد / من يتأمل بعمق شكل و حجم الظهور الروسي الاخير على مسرح الشرق الاوسط و بالتحديد بسوريا و العراق سيجد أن روسيا لا تتحرك بتكتيكات مؤقتة بل ترسخ لاستراتيجية جديدة فى الاقليم، و من يتأمل مربعات تواجدها الجديدة بالاقليم سيجد انها تعد مشروع ضخم يقضي على كل اطماع الغرب، فهي تنهي كل الاحلام الاقتصادية التى ارتبطت بالمشاريع الجيوستراتيجية لدى تركيا و قطر بخصوص الغاز السوري، و تغلق كل منافذ الهيمنة السياسية الامريكية على الشرق الاوسط ما عدا دولتين اتفق الجميع أن يخرجو خارج المعادلة الجديدة و الثالثة اشترط بشار الاسد الا تكون باي حوار، و تغير شكل سوق السلاح مجددا بعد ان باتت سو 30 و سو34 و اف22 رابتور على خشبة واحدة، بل و باتت ندا قوي فى مجال الحرب الاعلامية و تعليقات جنرالات الجيش الامريكي على كلا من الاعلام الامريكي و قناة أر تي الروسية تبرهن ذلك .
و من يتأمل خطوات روسيا بغرفة أستخباراتها مع حلفائها ببغداد و لماذا تنشئ نظام قبة التحصين ” ايه2/ايه دي ” شرق المتوسط المزود بأحدث بطاريات الصواريخ لكي يكون الساحل السوري ثالث قبة محصنة لروسيا بالعالم سيعلم جيدا ان روسيا اتت للشرق ليس لمحاربة داعش فقط، فداعش لا يملك سلاح جوي يا أحبائي .
روسيا أخذت المبادرة و أذا اراد الغرب التفاوض معها قد يجلس على طاولة قد يضطر فيها أن يرفع العقوبات على روسيا، و أذا اراد استمرار الحرب فسيكون بفتح جبهة جديدة بجانب تشويه الدور الروسي فى سوريا، و لكن دكة الاحتياط لدى بوتين لم تفرغ بعد نزول الصين للملعب السوري و قد يتفاجئ الغرب بلاعبين جدد من خارج الاقليم و هو الامر الذى رسمه القيصر أثناء تواجده بدوشنبه عاصمة طاجيكستان أثناء انعقاد منظمة معاهدة الامن الجماعي، و قبل كازاخستان و طاجيكستان و قيرغيزستان يتسابق رئيس الشيشان رمضان قادروف للنزول لارض الملعب و جميعها دول مسلمة سنية و هو الامر الذى سيضع جميع شيوخ الناتو و مرددي الاسطوانات القديمة كالوحل الافغاني فى حرج شديد .
اما التعاسة كلها فكانت على تصريحات مندوب حزب العدالة و التنمية التركي لدى منطقة الشرق الاوسط المدعو جمال خاشقي و الذى يتلخص كل عمله فى كيفية زرع الفتنة بين مصر و السعودية و باقي أشقائها العرب، فالعلاقة بين القاهرة و الرياض راسخة بحكم اعتبارات اقوى من اى متغيرات تطرأ على المنطقة و هذا الامر لم يستوعبه حتى الان التنظيم الدولي لجماعة الاخوان و فرعه بأنقرة .
و كنت اود ان يسئل ممن أرتمو فى أحضان اردوغان أنفسهم لماذا يتراجع أردوغان ساعة ثم يعود ساعة اخرى ؟! و هل منكم من تخيل ما الذى دار بين اردوغان و بوتين أثناء افتتاح المسجد الكبير بموسكو ( قبل التدخل الروسي ) و كم المصالح التى تمسك بها موسكو العثمانيون الجدد كي لا يتخطو الخطوط الروسية الحمراء، و ماذا سيكون شكل اردوغان نفسه امام الجميع عندما يعلم ان موسكو تزود الاكراد الذين يقاتلون داعش جناح العدالة و التنمية بالسلاح و أن الاكراد جزء من الغرفة التنسيقية ببغداد .
خريطة العام تتغير نعم تتغير و من بوصلته فقدت صوابها قد لا يعود قبل مئة عام اخرى .
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط