روسيا – تركيا: اتفاقات اقتصادية كبيرة مع انقرة وتوافق سياسي في الكواليس…!!!
11 يناير, 2013
مقالات, ملفات خاصة
د.خالد ممدوح ألعزي / اتت زيارة بوتين الى تركيا بتاريخ 3 كانون الأول “ديسمبر”2012،والتي تم تأجيلها من قبل مديرية المراسم في قصر الكريملين في 11 تشرين الأول الماضي حتى تاريخها ،،، وبحسب إعلان القصر الجمهوري أنها تمت نتيجة ظروف خاصة التي فرضت نتيجة تغير برنامج زيارات الرئيس بوتين نفسه ،ولكن الدافع الأساسي للتأجيل هو عوارض صحية أصاب بها الرئيس وعلى اثأر وصول الرئيس بوتين إلى اسطنبول العاصمة الأوربية ، استقبل الرئيس الروسي بوتين في اسطنبول العاصمة الأوروبية بحشود المتظاهرين المنتقدين في هتافاتهم وشعاراتهم المرفوعة سياسة روسيا في دعمها الغير محدود للنظام السوري والتواطؤ مع النظام في عملية قمع الثورة بالنار والسلاح الروسي.
التوتر في العلاقات الروسية التركية :
لكن روسيا التي هرعت إلى تركية مبررة وجودها في أنقرة بأنها محاولة منها لإيجاد مخرج لحل الأزمة السورية العالقة ولان الروس:” يخافون من اندلاع حرب أهلية في سورية تمتد شظاياها إلى العمق الاستراتيجي الروسي وتحديدا إلى دول أسيا الوسطى” التي تسيطر عليها روسيا بأنظمة قمعية لا تختلف نهائيا عن الأنظمة العربية التي تنهار من جماهير الشعب الغاضب .
لقد ساد نوع من الفطور في العلاقات السياسية بين البلدين بعد الأزمة السورية، بسبب الدعم الروس الغير محدود للنظام السوري وتزويده بالسلاح والعتاد ، وانحياز تركيا نهائيا إلى جانب الثوار السورين وتوفرها لهم ملاذا أمننا على أراضيها القريبة من الحدود السورية ،وكذلك احتضانها لمئات الألف من اللاجئين على أراضيها .
تركيا التي أوقفت طائرة سورية مدنية في مجالها الإقليمي بتاريخ 12 تشرين الأول “أكتوبر” 2012، والتي أرغمتها على الهبوط في مطارها بعد أن كانت قادمة من موسكو ومحملة بأسلحة رادارية وقطع غيار عسكرية ،عندها سارعت روسيا للقول:” بان هذه الأسلحة تأتي وفقا لاتفاقات سابقة مع الدولة السورية ولم يشملها أي قانون حضر من الأمم المتحدة التي هي وحدها المخولة بالمنع حسب المصادر الروسية .
المباحثات بين الطرفين :
المحادثات الروسية –التركية شملت العديد من النقاط المتعلقة بالعديد من الملفات الساخنة :” مثل ملف الأزمة السورية،الوضع الفلسطيني وتحديدا الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة ونشر الدرع الصاروخية،وكذلك نشر صواريخ “الباتريوت” التي تعتبرها روسيا تدخل في أطار نزاع مسلح لكن المصالح الاقتصادية المشتركة كانت الأبرز في الزيارة والتي تبحث في تطوير عمليات التبادل التجارية بين البلدين بسب موقع تركيا الجغرافي وفقدان روسيا لأسواق الدول العربية ، وكذل التنسيق بينهما داخل المنظمات الدولية لان روسيا تعول على عالم متعدد الأقطاب السعي الروسي لتأسيس عالم ، ولكن الأبرز في طرح الوفد الروسي لتركيا التعاون في مجال الطاقة النووية و بناء محطة نووية روسية على الأراضي الروسية التي ستنتهي في العام 2015،وكذلك تزويدها بمحطات إنذار نووية متطورة ، وهذا يعني بان روسيا أقرت نهائيا بدور تركيا المحوري في المنطقة والاعتراف بأهمية الدور التي تمثله تركيا في المنطقة والتي تدخل في شراكة مباشرة مع روسيا في العديد من القضايا .ولكن بالرغم من الاختلاف القوي بين الطرفين حول المسائل الدولية .لكن تصريح الطرفين في المؤتمر الصحافي الذي عقد بين الطرفين لخص مواقف البلدين ،فالرئيس عبدالله غول الذي أشار في حديثه بان الخلاف مع روسيا موجود وهو قائم بحد ذاته وخاصة بالملف السوري وهذا لا يعني التوجه نحو عقلية الحرب الباردة ،وهذا الخلاف يأتي ضمن وجهة نظر البلدين ،ولكنه لن يكون عقبة في تطوير أو تجميد العلاقات ” نهائيا” بين روسيا وتركيا .
المصالح الخاصة ارفع من السياسية :
الزيارة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي وتطوير التبادل بين البلدين ليصل مستواه في الأعوام القادمة الى مئة مليار دولار بدلا من 40 مليار وبناء مصارف روسية في أنقرة ، وتطوير خطوط النفط والغاز الآتي من روسيا نحو أوروبا عن طريق تركيا والتي تعتمد على البترول الغاز الروسي بالدرجة الأولى ، فالشركات التركية التي تعمل في روسيا تصل إلى أكثر من 140 إلف شركة ويصل حجم زوار تركيا من السواح الروس إلى أكثر من 5 مليون سائح سنويا .
في الكواليس اتفاقات سرية :
وبالرغم من الطابع الاقتصادي والتبادل التجاري الذي طغى على طبيعة الزيارة علنيا من خلال الإعلام ورجال السياسة ،ولكن كان هناك في الكواليس اتفاق يحاك بخصوص الملف السوري والتي تقدمت به أنقرة لروسيا من خلال توجه أمريكي:
طبعا الاتفاق كان يقوم على نقطتين :
-مفاوضة الأسد على تسليم السلطة وتشكيل حكومة ذات صلاحيات واسعة تامن للأسد العفو والبقاء حتى سنة 2014.
-تشكيل حكومة ودعم المعارضة السورية دون الأسد وبالتالي يفقد كل الحصانات الدولية .
في البداية الروس قبلوا بهذا التوجه وباعتبارهم ربحوا المعركة والغرب وتحديدا هو الذي خسر لكن الروس تداركوا فورا بأنهم من خسروا والصواريخ انتشرت في تركيا والثوار يتقدمون والمعارضة في الداخل لا تقبل بأي حل دون ذهب الأسد ،انقلبوا على الاتفاق وحاول ان يمارسوا نوعا جديدا من الضغط من خلال تصريحات روسية مختلفة معروضة للكسب والربح والتجارة على دماء الشعب السوري .
روسيا تعلم جيدا بان دور تركيا بدأ بالتنامي في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية التي تقاتل روسيا في أخر منفذها في سورية لان خسرتها في سورية سوف تكون الكارثة الكبرى لروسيا ويمكن ان تكون الكارثة في قلب روسيا .
زيارة بوتين الى تركيا في كانون الاول2012 تأتي ضمن الزيارات المتبادلة للبلدين على اعلي المستويات والتي كانت أخرها الرئيس ” ديميتري مدفيديف” في أيار “مايو”2012 والذي وقع خلالها عددا كبيرا من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين لكون روسيا ترى في تركيا منفذ جديد على المنطقة العربية والإسلامية واسيا الوسطى بظل الصعود الإسلامي والتي وضعت روسيا نفسها في مواجهة معه لذلك ترى روسيا بان تركيا شريكا اقتصاديا وسياسيا في المنطقة بسب موقعها الجغرافي وارتباطها بعمق العالم العربي والإسلامي، لذا لبد من ترطيب الأجواء معها وخاصة بعد رحيل الأسد عن سورية والذي يعني تلقائيا رحيل روسيا عن سورية والعالم العربي .
كاتب صحافي ومحلل سياسي مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث