5555 أوكرانيا

روسيا البوتينية والمعارضة السورية …!!!2 -5 !

د. خالد ممدوح العزي/ اتسم العهد الروسي الجديد بدعم الدكتاتوريات والعربية منها ،واليوم تبدأ بدعم المعارضات الموالية للدكتاتوريات كما هو الحال مع المعارضة السورية ، التي أنهت مؤتمرها بتاريخ 24ايلول 2012 تحت شعار مؤتمر الإنقاذ السوري والتي رفعت فيه شعار إسقاط النظام ورموزه ،بعد أن كان طرحها السابق  وأدبياتها طوال مدة الانتفاضة يختصر على إصلاحات سياسية.

5555 أوكرانياتكتب هيام القصيفي في مقالتها بجريدة النهار اللبنانية بتاريخ 25 أيلول 2012 تحت عنوان” التساؤلات  لافتة حيال معارضة الداخل هل عدل النظام سقف التفاوض “، الحرية والديمقراطية وحرية التعبير الذي أتاح لهم  الرئيس الأسد في فترة  انعقاد المؤتمر في قلب العاصمة، كانت مفقودة قبل شهرين، على الرغم من  أرسله رسالة  ضغط للمجتمعين كنت واضحة المعالم باعتقال منسق المؤتمر عبد العزيز بالخير ورفاقه الاثنين في 22 أيلول سبتمبر 2012 العائدين من بكين صديقة النظام لكي يعطي شرعية وطنية للمعارضة من خلال هذا الاعتقال ،بالرغم من الشعارات والمواقف التي أطلقتها هذه المعارضة التي تعتبر من صلب توجهات معارضة الخارج.

لكن الملفت للانتباه هو انعقاد المؤتمر بحضور السفير الروسي والإيراني والصيني، مما يعطي تفسيرا واحد للمجتمعين بأنهم ينفذون أجندة روسية بحثه،  لان روسيا انتظم لها الرهان على بلورة قطب معارض في الداخل السوري ،وهذا ما يبرر وجود الخبراء العسكريين الروس والبالغ عددهم حسب التقارير مئة ألف خبير إضافة إلى وجود الطيارين الأوكرانيين  والكوريين الشماليين وإلى الخبراء الإيرانيين الذي اعترف بوجودهم مؤخرا الجنرال جعفري رئيس الحرس الثوري ،إضافة للدعم الروسي اللوجستي والحربي التي تصر موسكو على عدم إيصاله للمعارضة ،وهي تحاصر البحر وتمنع إيصاله

هيئة التنسيق متنفس  روسيا :

من المؤكد بان مؤتمر هيئة التنسيق السورية الذي انعقد في سورية أتى  لينفذ خدمة جليلة لروسيا التي ترى بان القبض على الورقة السورية التي بات تحترق بيدها، يأتي من خلال هذه المعرضة الهزيلة وروسيا  تحاول بشتى الأشكال والوسائل الخروج من هذه الورطة البائدة بأقل خسارة،لأنها تحاول أن تنقض نظام الأسد  إذا لم تنقض الأسد نفسه في إيجاد معارضة وطنية تضمن لروسيا مصالحها وتحافظ على نظام الأسد و الدخول معه في حوار وطني يضمن بقاءه وشراء الوقت له ريثما ترتب موسكو أوراقها الجديدة عالميا.

لكن تصريح المعارض السوري عضو المنبر الديمقراطي والذي كان من مؤسسيي هيئة التنسيق السورية  ميشيل كيلو لجريدة البيان الإماراتية بتاريخ 24 سبتمبر أيلول  2012 يقول:” بان أي حوار بواسطة روسيا في سورية هو خيانة ،رافضا أي  دعوة للحوار من موسكو،وكل من يتقبل دعوة موسكو للحوار هو خائن لشعبه “.

– روسيا تحاول سحب البساط من تحت المعارضة الوطنية السورية الممثلة بالمجلس الوطني الانتقالي والقوى الأخرى ،كالجيش الحر الذي يسجل انتصارات يومية على قوات حليفها الأسد ويهدد خروجه  النهائي من سورية إضافة إلى قوى التنسيق الثورية السورية الشبابية التي لاتزال تقود الشارع وتؤمن الشرعية الشعبية للثورة وجيشها وتسحب الشرعية الشعبية من يد الاسد.

– تحاول روسيا من خلال المعارضة الداخلية فك عزلة النظام بغية تحول أنظار العالم إلى إن الأسد لديه فرص لحل سياسي ،كي تدعمه وتعطيه السمعة الطيبة وكونه ليس نظام قتل وتدمير وإجرام ،وانه يريد أن يحاور وان يجد حلا للازمة السورية   .

خطة روسيا في سورية   تقوم على :

1-بناء معارضة داخلية خاضعة للنظام ومنخرطة في مؤسسات النظام كهيئة التنسيق التي تعاني يوميا من الانسحابات والانشقاقات و لا ترتكز  على  بنية شعبية داعمة.

 2- تحاول روسيا من خلال هذه المعارضة العرجاء إلحاقها بالمعارضة التي عينها الأسد في حكومته وتحاول أن تشرع دورها من خلال الزيارات التي يقوم بها وزرائها المعارضون والتصريحات التي يطلقونها من هنا ومن هناك.

3- يحاول الروس من خلال هذه المعارضة الهزلية التي تلبي نداء النظام من اجل تامين مرجعية للنظام السوري بالدخول عملية إصلاحات تخدم النظام وتعيده إلى الحكم مجددا وفقا لكتابة دستور يؤمن للنظام الاستمرار بالحكم مثل استنساخ الحالة الروسية أو الإيرانية.

4- الرعاية الروسية لهذا المؤتمر مع حلفاءهم لضرورة لاستمرار نظام الأسد وإبقاء وتحالفهم المميز.

فالروس  يطلقون يد العنان للأسد باستمرار العمل العسكري التدمير الذي يمكنه من إخلاء المدن السورية من سكانها تمهيدا لاحتلالها وإخراج سكانها من اجل سحق الثورة السورية و تعمد على:

1-حرب على الكتلة البشرية وليس على احتلال الأرض والمدن، فالمعارك التي يقوم بها النظام هي معاقبة الأهالي الذين يشكلون القوة الأساسية في الثورة والحاضنة الفعلية لتشكيلات الكتائب العسكرية.  ومن خلال هيئة التنسيق يمكنهم سحب هذه القوة من أيادي المعارضة  الحقيقية التي ستفقد تقلها،في تحميلها مزيدا من القتلى والجرحى والمصير المجهول لكي تنقلب هذه الكتلة الكبيرة على القوى المعارضة المختلفة والرضوخ للأمر الواقع التي تحاول روسيا فرضه من خلال الإبقاء على الأسد . 

2-تنفيذ سياسة الأرض المحروقة في تدمير الأبنية والمدن وهذه خطة مارسها الروس في حربهم في الشيشان عندما تم تدمير مدينة غروزنا بعدة أيام واحتلالها وفرض امرأ واقعيا على الجميع بما فيهم السكان، وهذه الطريقة الروسية السوفياتية القديمة في حربهم ضد الفاشية أثناء الحرب العالمية الثانية عندما تم تدمير مدن بكاملها لاحتلالها، وهذا ما يشبه به الجنرال المصري الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية بقوله” بان الحرب بين إيران والعراق في العام 1980 وخاصة بين ابريل ويوليو كانت إيران تقوم بتدمير المدن في حربها دون الحماية الكاملة للسكان كما هو اليوم في سورية “.

روسيا والمعارضة:

بالطبع الروس فقدوا سورية منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة السورية عندما أضحوا طرفا في المشكلة ولن يستطيعوا إن يكون جزاءا من الحل ،لقد فقدوا زمام المبادرة وفقدوا السيطرة على الأسد لصالح الإيرانيين الذين يقدون المعركة فيها ‘وخاصة  منذ انتفاضة حماة العام الماضي حيث تغلغل العنصر الإيراني على حساب الروسي  ،وبالتالي لم يستطيع إجبار الأسد على تنفيذ أي قرارا لأنه لن يؤخذ بقراراتهم ،بالرغم من الوعود الكثيرة التي قطعوها على نفسهم امام العالم لكنهم تراجعوا عنها بسرعة فالروس رفعوا الفيتو ثلاثة مرات في مجلس لحماية الاسد وايران ،رفعوا الفيتو بوجه العرب والشعب السوري وخسروا العرب وسورية ،بالوقت الذي كان يأمل به الشعب السوري من روسيا اخذ زمام المبادرة في التعاطي مع الأزمة السورية والوقوف مع شعب سورية الصديق لها وليس مع جلاد سورية بسبب حفنة من الأموال والمصالح الشخصية التي فضلت على دماء السوريين.

ضيعت روسيا الفرصة تلو الفرصة في حل الازمة السورية التي كان يأمل العالم كله بان تكون حكما عادلا وليس طرفا في مشكلة خاسرة تعرض مصالحها وسياستها وصداقتها لشعب المنطقة كلها نتيجة عنجهية وغطرسة سياسية وزرع اوهام وأعداء في عالم الغيب .

ان الغباء السياسي والدبلوماسي التي مارستها الدبلوماسية الروسية بشخص وزيرها الملا لافروف سوف يدفعها ثمنا غاليا كما كان الحال أيام السادات في مصر ،لافروف الذي يصر على هزيمة أمريكا في سورية والذي كان يناقش بتعجرف بأنه لا يمكن ان يكون حلال في سورية بغياب الأسد ، وهذا ما أكده الزعيم السياسي اللبناني وصديق الروس سابقا وليد جنبلاط الذي قال في حديثه الأسبوعي جريدة الأنباء الأسبوعية :”عندما ذهبنا إلى روسيا لإيجاد حل للازمة السورية تحدث معنا لافروف بأنه لا حل للازمة السورية بدون بشار “.

روسيا التي لم تجد حلا سياسيا لبشار الأسد ولا حلا إنسانيا للشعب السوري الذي يقتل بالسلاح الروسي  .روسيا التي شرعت أبوابها لكل الزوار الباحثين في حل للازمة السورية بما فيهم المعارضة التي دقت أبوابها عدة مرات وعادت مذهولة من تصرف الساسة الروس وحديثهم الغبي والذي كان يدور حول إبقاء الأسد في السلطة لأنه الرجل الذي يحمي مصالحهم ،فالروس الذين كانوا ومازالوا طرفا في الأزمة السورية كانوا يحاولون فرض شروط قاسية على المعارضة السورية، فشلوا الروس في استميلت المعارضة السورية نحوهم والدخول إلى عقولهم بعد إن كانت مكانة روسيا في القلوب العربية راسخة ،فالروس اليوم يحاولون بناء معارضة على طريقتهم يعطيها الأسد كل الحرية التي كانت مفقودة ، فالسؤال الذي يطرح نفسه على روسيا اليوم ،هل أضحت روسيا على علم بان النظام الاسدي أضحى ضعيفا وهزيلا من خلال تقبله لمطالب المعارضة وشعاراتها المرفوعة . يكتب الإعلامي  بسام البدارين في جريدة القدس العربي في مقالته بتاريخ 24 ايلول محاولة سرية عربية لإقناع لافروف بالحل العربي في سورية” فالوفد البرلماني العربي الذي زار روسيا لإقناع روسيا بتغير موقفها نحو سورية والعمل على إتمام فترة انتقالية لاستبدال الأسد ،كان جوابهم من يضمن لنا مصالحنا فيها ، فالدبلوماسية تراوغ وتراهن على بقاء الأسد في السلطة متعمدين الهروب عن أي حل سلمي للازمة السورية فالروس لا يعلمون بان مصالحهم في سورية تعرضت فعليا للخطر ودورهم انتهى من خلال مواقفهم ،فالذي يعطي الضامنات هو الشعب والسلطة التي ينتخبها الشعب   

الإستراتيجية الروسية مع الأزمة السورية:

إن الإستراتيجية الروسية في سورية تكمن على:

1- شراء الوقت مجددا للأسد من خلال مهرجان المعارضة الداخلية القابعة في بيوتها، موسكو التي تحاول إن تشير لنظام الأسد بالصمود إلى حيث  تنتهي الانتخابات الأمريكية، لان روسيا تعد نفسها بصفقة كاملة مع أي إدارة قادة يستطيع الأسد ونظامه من تعويم دورهم بمساعدة روسية وفقا لصفقة قادمة تمكن الأسد من التعايش مع الحياة الجديدة بمساعدة معارضة الداخل وسحق الثورة السورية وقمعها وإبقاء الأسد. ومن هذا التوجه الاستراتيجي التي تأمل موسكو به في الحفاظ على نظام الأسد والحفاظ على مصالحها المالية والاقتصادية والإستراتيجية وبالتالي موسكو لا ترى أي تراجع عن دعم نظام الأسد أو التخلي عن سورية لان سقوط الأسد هو سقوط الحكومة الروسية الحالية التي وضعت نفسها وإعلامها وعتادها وسياسيها وخبراءها في خدمة النظام السوري.

 2- روسيا التي تعتبر نفسها دول عظمة في إنتاج الطاقة والنفط تستعد إلى استثمارات نفطية كبيرة في المنطقة وسورية في قلب هذه الاستثمارات ،والاستثمارات موجودة في البحر المتوسط “لبنان ذات حكومة حزب الله المتحالفة مع إيران وسورية،قبرص ذات التحالف مع روسيا في وسط أوروبا،إسرائيل وعلاقة روسيا بقيادتها وجالياتها الروسية .

3- روسيا التي تعمد إلى بناء تحالفات كبيرة اقتصادية وسياسية لكونها تطالب بتعددية العالم ،وبالتالي إيران والعراق وسوريا ولبنان يقعان في خط التحالف الروسي والذي يعرف بالهلال الشيعي الذي اسميه الهلال النفطي التي تحاول روسيا السيطرة عليه. 

فالمحلل السياسي الروسي والخبير في معهد العولمة الدولية” بوريس كاغاراتسكي” في مقابلته مع تلفزيون الجزيرة بتاريخ 19 أيلول 2012 الذي يحاول  أن يجد إجابة  لسقط الأسد المحتملة  من قبل  الحكومة الروسية الداعمة له، لكنه لم يجدها .

 هذا السؤال يطرح نفسه في المجتمع الروسي بقوة ،فان  سقوط الأسد في سورية  هو سقوط إمبراطورية  بوتين السياسية في الداخل الروسي بسبب تنامي دور المعارضة الروسية، والمعارضة لسياسة بوتين وحزبه، لذلك تحول روسيا التمسك  الملف السوري وتحويله إلى ورقة ضغط تحاول روسيا تحقيق مكاسب سياسية على حساب الدم والشعب السوري، لإقناع شعبها بانتصارات هوليودية على الغرب .

فإذا كان بوتين يتعامل مع سورية وفقا لمبدأ ستالين:” القائل بان قتل مواطن جريمة وسحق مليون هو إحصاء”،فالأسد ذاهب مهما ارتفعت ضحايا هو على إجرامه .

 لان الكسندر دوبشك بطل ربيع تشيك” براغ1968″ يقول :”من الممكن سحق الإزهار، لكنك لا تستطيع تأخير الربيع” .

لان الربيع كل عام سيعود وقتل الإزهار لا يؤخر بزوغ الربيع .

كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام السياسي والدعاية

شاهد أيضاً

عدنان

رحيل الدكتور عدنان كيوان.. والجالية السورية في كييف تنعى الفقيد

عمت حالة من الحزن والتسليم بقضاء الله وقدره أوساط الجالية السورية والعربية والإسلامية في أوكرانيا …