الدكتور محمد اشتيوي/ تحتدم أمواج العمل السياسي على الساحة الفلسطينية ، حيث تتشكل مؤامرة كبيرة تجاه قضيتنا سعياً في انهائها لصالح الاحتلال الإسرائيلي , فقد عمد القطب المعادي لقضيتنا والمتنكر لحقوقنا في ارضنا فلسطين ان يدخلنا في دهاليز سياسية ضيقة، معتمدين على مبدأ إدارة الازمة بالازمة وهو ما يعرف بالإدارة بالازمات، ولكن المتتبع للتاريخ الفلسطيني يدرك ان إرادة البقاء على ارضنا فلسطين متجذرة في نفوسنا وفي جيناتنا السلالية. ومن ابرز الدهاليز التي ازلقت اليها القضية الفلسطينية، دهليز الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، فكان افضل نتاج خرج به الاحتلال الإسرائيلي لخطط وتدابير طال العمل عليها لتفتيت عضد وقوة المجتمع الفلسطيني . ومع تعدد المحطات والمشاريع الانهاكية التي استدرجت اليها القضية الفلسطينية ، تشكلت حالة تتشابه بالرمال المتحركة التي يسعى الفرد للهروب من جزء منها ليجد نفسه يغوص في جزء اخر منها ، وما ان ينتقل من مكان الى اخر يجد نفسه قد استنزفت وخارت قواه ليصبح مترنحاً لا يسعى الا ان يبقى على قيد الحياة. فرمال السياسة المتحركة جعلت من قضيتنا الفلسطينية تغوص في منهكات الحياة تارة لتخرج الى شرذمات الجسد الفلسطيني تارة أخرى ، وما نعيشه اليوم من حصار وعقوبات وتسلط وشرذمات وتفتيت وتيه في التفكير وضبابية الهدف وفقر وتجويع وفقدان الامل وتلاشي المستقبل والغرق في الامراض ووطأة التجهيل الموجه وهذيان الوطنية واندثار الاحلام وإرساء التثبيط والفشل وفقدان بوصلة العقيدة والمعتقد، كل ذلك يجعل من الأرضية السياسية لقضيتنا الفلسطينية كالرمال المتحركة وهو ما يبتغيه اعداءنا لنا، ولكن صخرة الإرادة التي يمتلكها شعبنا الفلسطيني صلبة فقد تكسرت وتفتتت عليها العديد من المؤامرات، والرهان فقط على تلك الإرادة التي اثبتت ان الكف قادر وبقوة ان يجابه المخرز وان الدم ينتصر على السيف ، فالمعادلة الفلسطينية لا يعلم حقيقتها ترامب او الإسرائيليين او غيرهم ممن يتآمرون على قضيتنا، فصحيح ان إمكانيات الغلبة والنصر بحسب اعتقادهم هي ملكهم ولكنهم لا يعلمون مدى قوة وصلابة الإرادة الفلسطينية ، فصفقة القرن التي ابتدعها الرئيس الأمريكي ترامب ومعه الإسرائيليين ومن لف لفيفهم ليست بقدر محتوم على قضيتنا الفلسطينية وانما هي اجتهادات وتلاعب في معطيات المرحلة خاصة وان ترامب ومن معه يدركون هوان وضعف ووهن العالم العربي والإسلامي في هذه المرحلة من الزمن ، ومن باب التذكير ان صفقة القرن لا ينطبق عليها مفهوم الصفقة ، فالصفقة تتم بين طرفين متنازعين او متصارعين حول شيء معين، وما يطبقه ترامب في صفقته يتم فقط من طرف واحد ففلسطين ليست طرفاً في صفقته وهذا ما اعلنه بكل وقاحة عندما أشار الى ان راي القيادة الفلسطينية غير ضروي في الصفقة وان تطبيقها سيتم باتجاه واحد . وامام ما تسعى اليه أمريكا وإسرائيل في وضع القضية في مربع تحكمه رمال السياسة المتحركة، كان لا بد لنا كفلسطينيين ان نجمع قوانا ونعمل بعكس ما أراده اعداءنا لنا ، وأول خطوات الرد يجب ان تتحقق المصالحة الوطنية بكل مكوناتها لتلتحم كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني وتكون قادرة على رد أي مؤامرة وان تخرج من رمال السياسة المتحركة التي تهدف الى انهاكها واغراقها ومن ثم القضاء عليها، كما يتوجب علينا كفلسطينيين ان نعمل ضمن رؤية سياسة ووطنية موحدة حتى لو اختلفت الوسائل وان يتجه كل مكونات العمل الوطني لتشكيل جبهة وطنية صلبة تتحطم عليها كل المؤامرات من خلال توحيد الجهود والامكانيات ووضعها تحت راية واحدة هي راية فلسطين.