ردينة آسيا.. تشكيلية ترسم فلسطين بآلامها وآمالها
23 يونيو, 2016
ثقافة و فنون, منوعات
اوكرانيا اليوم / كييف/ عينها دائما على الوطن، وترسم بألوانها الاشتياق.. المعاناة، الفرح، التأمل، العتب، تجسد المرأة بكل مشاعرها، وكأنها تصوغ قصيدة. ولأنها عشقت فلسطين، رسمت عنها الكثير؛ نكبتها، نكستها، نسائها، أطفالها.
الفنانة التشكيلية ردينة اسيا كان تجسيد القضية الفلسطينية لها، هاجسا راودها منذ سنوات مضت، إلى أن تمكنت ريشتها من نقل تاريخ الشعب الفلسطيني والمعاناة اليومية التي يعايشها السكان، مستعرضة الآلام والآمال.
وفي حوار مع “الغد” قالت الفنانة، “كانت بدايتي الأولى عندما لامست أناملي القلم قبل أيام الدراسة الأولى، ما أن دخلت المدرسة حتى لاحظت معلمة الفن حبي للرسم فكان القارب والبحر والطير الذي حلق بعيدا، شعرت معلمتي بخطوطي حينها، وربتت على كتفي فكانت بسمتها وساما لي ما أزال أذكره”.
وشاركت في مسابقة لليونسيف في مرحلة الإعدادية ثم شاركت في معارض أقيمت في عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية، تقول “تم اهداء لوحتين لي لوزارة السياحة التونسية حينها وما زلت أذكر انني اخرت تخرجي للفصل الصيفي كي أشارك بمعرض أقيم في الجامعة الأردنية، حبي للرسم جعلني أتشبث بآخر لحظات مرسم الجامعة”.
تتحدث الفنانة اسيا عن المرأة في رسوماتها، المرأة بمختلف أيديولوجيتها، فرسمت المعاناة، الفرح، التأمل، العتب، وحاولت تجسيد المرأة بكل مشاعرها، وكأنها تصوغ قصيدة، رسمت عن فلسطين الكثير رسمت نكبتها، نكستها، نسائها، أطفالها.
تعلق، “فلسطين في قلبي كل مكان، من يرسم فلسطين يحمل قضية، ومن حمل قضية شعر بلذة لا يشعر بها من كان قلبه فارغا وقد استنزف حياته في اللاشيء”.
وعن أدواتها في الرسم تبين، “كأي فنان تكون بدايته بقلم الرصاص والورق الأبيض وقد كبر الرصاص عندي ليتعداه الى قلم الفحم ثم الرسم بالمائي عشقت الرسم بالمائي لانسيابيته ثم جربت الحرق على الخشب والاكلريك والزياتي، قناعتي أن على الفنان أن يجرب كل الأدوات حتى يختار الميناء الذي يحب ان يرسو عليه”.
وتقول “أنامل الفنان تأخذه إلى عقارب الساعة ليوقت هو الزمن، وما أن تكتمل اللوحة حتى تعود الروح إلى الساعة ويعود الزمن، لكن عندي طقوس أمارسها عند الرسم، مثلا الوقت الذي أرسم به دون وجود الآخرين، أشعر خلاله بتوحد مع اللون واللوحة، الموسيقى الهادئة لها نصيب في احاطتي بما أريد، أما الليل فهو ملاذي الأول عندما تعانق فرشاتي ألواني.
وتقول عن المدرسة التي تنتمي إليها، “وجدت نفسي في منأى عن المدرسة الواقعية.. وأميل إلى التجريدية والإنطباعية.. هكذا وجدت نفسي وهكذا احبها”.
تنوعت مواضيع لوحات الفنانة؛ “المفتاح” لوحة تحكي قصة فلسطين بين النكبة والنكسة، وما تلى ذلك من هجرة ونزوح، تبين الحكايا والقصص التي مر بها الشعب الفلسطيني، ويظهر هذا في الوجوه المنسابة هنا وهناك، فتحمل في ملامحها الظلم والمعاناة، ولكن تبقى العين المقاومة ﻻ تنظر الا لمفتاح العودة الذي عبرت عنه الفنانة بلون السماء الصافية كناية عن صبح جديد ستحلق معه طيور العودة معلنة التحليق فوق ربوع فلسطين.
أما لوحة “العين” هي عين تحمل اللوم على الغياب.. الحنين لمن غادر، هل هو الغياب عن الوطن؟ عن الحبيب؟ عن اﻷهل؟ عن الذات؟ الالوان مشبعة بالحزن وكأن هذه العين تنظر من كهف الزمن ولكن الموج يأخذ مأخذه في حدقة العين، انها امواج البعد والرحيل، ولكن تبقى الطيور حاصرة، سواء كانت راحلة أم عائدة.
وتأتي لوحة “النساء والوجوه” لتمثل معاناة المرأة على اختلاف توجهاتها او ايديولوجياتها، اختارت اللون الاحمر لما لهذا اللون من اثارة، والمقصودة هنا أن حياة المرأة مليئة باﻹثارة، لما تمر بها من حياة التعب والمعاناة والظلم، ولكنها لم تغفل الملامح الطيبة المتفائلة الطفولية في وسط اللوحة التي خالطت الوجوه البائسة.
لوحة “الفلاحة”، أرادت من خلالها تجسيد المرأة الفلسطينية بثوبها الفلاحي الأصيل لتطبع هويتها بكل فخر.. هي لوحة واقعية ﻻ تحمل الا دﻻلة العودة الى الاصالة.
وتقول عن لوحة “محمد الدرة”، “هي لوحة توثق جرائم الإحتلال ضد الطفولة، وان كانت الكاميرا التقطت الصورة وفضحت عن اللارحمة حينها للعدو، الا أن على الفنان ان ينقل الواقع ويشكله ويجسد المقاومة التي يمثلها الشعب الفلسطيني، وعلى الفنان ان يكون عينا لهذا الوطن وان يكون قلما يعبر عن وطن فقده”.
وتشير اسيا الى أن اللوحة لديها فكرة لها هدف، تقف امام اللوحة وهي تجهل ما تريد رسمه، وتبدأ بخلط الألوان، وهنا تتجسد حكايتها مع اللوحة، وكأنها تؤكد أن الألم أو الفرح هناك بتلك الزاوية، وتتوالى الأفكار لتخرج بعد ذلك فكرة أردتها ببساطة دون تكلف، ويظهر هذا بطبيعة اللون والخطوط تارة، والأشخاص تارة أخرى.
تأثرت الفنانة اسيا بكاركتير الفنان الراحل ناجي العلي مبينة، “نعم منذ طفولتي لفت انتباهي ناجي العلي.. أحببت حنظلة فشعرت به كثيرا، أبكاني كثيرا وأضحكني كثيرا وشكل بداخلي ملامح شخصيتي، رسمت شخصية ساخرة، وهذه شخصية لها علاقة وثيقة بنصوص نثرية ساخرة سياسية كتبتها، وستخرج هذه النصوص مع الرسومات الساخرة إلى النور في وقت أخطط له بعنوان “سخريات على أعتاب الوطن”.
وعن الشاعرة ردينة اسيا تقول، “الحديث هنا يطول لكنني اختصر نفسي أن عنواني بين الشعر والقصة واللون، اكتب الشعر العمودي ولدي مجموعتين شعريتين احدهما ستصدر قريبا بدعم من وزارة الثقافة الأردنية بعنوان “في كفها حناء شمس”، ومجموعة قصصية ستصدر لاحقا بعنوان “أرواح تهوى البنادق” وهي مجموعة قصصية تجسد حياة خمسة مقاوميين وهم “دلال المغربي، ناجي العلي ، يحيى عياش، رائد الكرمي، سهى بشارة”، وهناك الكثير الذي ستعلن عنه لاحقا.
تؤكد اسيا أن الفن رسالة، تعكس ما يحمله الإنسان، إنه القالب الذي يشكل شخصية الفنان، والمرآة التي تحاكي واقع المجتمع والناس، عشق الإنسان الرسم، وهذا يظهر في رسومات الفراعنه وغيرها من الحضارات، الخطوط ما زالت ممتدة منذ القدم، حتى تجد هذه الخطوط تعانق وجوه من بلغوا عتيا من العمر، وكأنها تقول لهم “أنني أشهد على حقبة عشتوها من الزمن منذ طفولتكم حتى مشيبكم، لقد رسمت على وجوهكم كما يحب الزمن فتشكلتم لوحة جميلة من الحكمة”.
والفنانة التشكيلية ردينة اسيا هي من مواليد الكويت، خريجة الجامعة الاردنية، شاعرة تكتب الشعر العمودي والقصة.
شاركت الفنانة ردينة اسيا في عدة معارض كان أولها معارض في الجامعة الأردنية، ومعرض ربيع الفن في المركز الثقافي الملكي في عمان العاصمة الذي جمع فنانين عرب من بعض البلدان العربية من فلسطين المحتلة والعراق والإمارات والكويت ومصر وكثير من الدول العربية، حيث شكل مؤتمرا عربيا فنيا، كما شاركت في معرض أقيم في مركز مصطفى الساكت في مدينة السلط، ومعرض جمعية كفر قدوم الذي شارك فيه عدة فنانين معروفين في الوسط الفني، وشاركت في ورشات رسم لتبادل الخبرات الفنية وتعزيز الجانب الإبداعي، وتسعى لإقامة معرض شخصي لها في الفترة القادمة.