خرجت القوات السورية لكن أجهزتها ظلت حاضرة..!!! (2-2)
13 سبتمبر, 2012
مقالات, ملفات خاصة
نظام الأسد يشعر اليوم انه “اقوى” في بيروت منه في دمشق …
العالم يحمي لبنان من الإرهاب السوري:
د.خالد ممدوح العزي / من استعراض المراحل التي مرت بها العلاقات اللبنانية –السورية فانه من الصعب تصور علاقات مميزة بين بلدين عربيين يربطهمادد التاريخ والجغرافيا ،لاسيما وان دور الاستخبارات لايزال يتصدر السياسة السورية في لبنان وخاصة بعد ثورة الحرية وحالة الانقسام التي تعيشها سورية ،فالنظام لم يقرأ ولن يقرأ المتغيرات الدولية والعالمية في الشرق الأوسط والتأقلم مع ثورات التغير العربية عموما ولبنان خاصة بالرغم من الانقسام والشرخ ألعامودي الذي احدث النظام السوري بين الشعب اللبناني ،فالنظام السوري لم يتمكن من سياسة الإرهاب الذي مارسها في لبنان فان تغير هذا النهج من سياسة النظام سوف يسمح بالاستقرار السياسي للبنان والنظام السوري الحالي لا يسمح بهذا الاستقرار .
فإذا لم يتغير النهج ألترهيبي هذا الذي يستخدمه الأسد في لبنان فانه حتما سينتقل إلى سورية والذي بدأ بالفعل انعكس حاليا على الوضع الأمني السوري الداخلي ولان عصابات الإرهاب التي استخدمها في لبنان والعراق ذات الصنع والمنشئ السوري لا يمكن وصفها إلا كعصا السحر التي انقلبت على الساحر .
النظام السوري إعادة للتاريخ :
7 أعوام مرت على اغتيال الشهيد رفيق الحريري ولا تزال العلاقة اللبنانية في حالة تدهور يومية وبالرغم من فوز تحالف 14اذاربالاكثرية في الانتخابات البرلمانية لدورتين عام 2005-وعام 2009 لكن الأكثرية لم تتمكن من الحكم بسبب التدخل السوري ومخابراتهم العلني في الشأن اللبناني في محاولة لإعادة نفوذ سورية عن طريق حلفاءها وأعوانها في الداخل اللبناني سورية كانت تأمل تغير التحالفات القائمة في عملية الانتخابات القادمة في عام 2013لصالحها من خلال الضغط الأمني على تكتلات وتحالفات لبنانية لإجبارها على سلوك المسار السوري ،والتي كانت البروفة العملية في انقلاب التغير في الحكومة اللبنانية التي قادته سورية وإنهاء الحكومة الوطنية المنتخبة ،انقلبت سورية على حكومة سعد الحريري الموافق عليها عربيا ودوليا وإقليميا،والتي أجبرت وليد جنبلاط مجددا بسلوك طريق دمشق والقبول بالأمر الواقع ،مما أنتج حكومة جديدة على عجل بعد 5 أشهر من الاستشارات التي لم تتوصل إلى حل يذكر في داخل الأكثرية الجديدة المركبة سوريا ،لكن قدرة المخابرات السورية وهيمنتها فرضت تركيبة جديدة بفترة قصيرة بعد الضغط على القرار السياسي الداخلي ،سورية سارعت فورا إلى تشكيل حكومة مواجهة دولية حاولت سورية مقايضتها مع دول الغرب بعد ان وضعت سورية تحت بند العقوبات الاقتصادية الدولية و58 شخصية سورية بما فيهم الرئيس بشار الأسد ،لكن الغرب الذي ضاق صدره من تصرفات الأسد حيال القمع الوحشي لم يتعرض له المواطنين السوريين العزل المطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهذه المطالب أثارت رعب النظام السوري والرئيس نفسه ،الذي سمح لوحدات الأمن والجيش في قتل الأبرياء وقصف المدن الآمنة .
لقد أفرج الأسد سريعا عن الحكومة اللبنانية بعد الورطة الذي يعيشها نظامه من اجل تلقي الدعم الدولي وهذه الحكومة ضن الأسد بأنها سوف تعيق المحكمة الدولية التي تعتبر سيف ا حدا مسلطا عليه من خلال وجود هذه المضبطة الدولية.
لكن الانتفاضة السورية الشعبية زلزلة العرش السوري وتهدد باقتلاعه،فالنظام لا يزال أسير مشكلاته القديمة مع لبنان والتي استعرضناها بإيجاز ،فالمشكلة القديمة الجديدة للنظام هي عدم القراءة الجيو-سياسة صحيحة للمنطقة العربية التي تعصف بها زلزلات التغير ، التي فجرها شباب الساحات من اجل إسقاط الأنظمة الاستبدادية والقمعية والنظام السوري واحدا منها ،فالنظام الذي اعتبر انه بمنى عما يحدث في الشارع العربي وهو غير الجميع تورط أكثر فأكثر في الدم ،فكان التهديد والوعيد بحرق المنطقة بأكملها ولبنان واحدة من هذه الساحات التي يتحكم بها .
النظام السوري ومأربه الخفية:
فالنظام السوري الذي لم يستطيع الحسم بواسطة ناره وبطشه المستخدمة ضد شعب سورية ومدنها طوال فترة الانتفاضة الشعبية الممتدة من شتاء العام الماضي حتى اليوم والذي فقد السيطرة على أغلبية المدن السورية بما فيها العاصمتين التي تغنى بهما سابقا ،و حسب تصريح مراكز الدراسات والأبحاث يجد النظام السوري نفسه اليوم بأنه في بيروت أقوى من دمشق بواسطة حلفاءه الذين يكنون له كل المودة والاحترام وينفذون رغباته وأوامره، بالرغم من كل المجاز والقتل والدمار والخراب الذي ساد سورية كلها، يحاولون الاستجابة لطلباته المستميتة في نقل المعركة إلى ربوع لبنان من خلال إشعال نار الحرب الأهلية فيه كي يلهي أنظار العالم عما يرتكبه في سورية ويقول للعالم في تصوراته المريضة بأنه لاتزال له اذرع قوية يتحكم بمسير اللعبة والقرار لا يزال بيده بالرغم من كل شيء، قد يكون النظام السوري فعليا أقوى في بيروت من دمشق خلال أصدقائه ،لكن الشعب اللبناني بكافة طوائفه وفئاته المتعددة لا يريد دفع فاتورة لحرب الغير ومجانية لأنقاض نظام غارق في بحر الهلاك وخارج عن الجغرافيا والتاريخ ،لن تكون الحدود اللبنانية التي يقصفها ويستبيحها النظام السوري ويتعرض أهلها للخطر والموات منفذا لخطته أو طرابلس التي يشعل نار الفتنة بين إحيائها وطوائفها ملاذا له أو متفجرات سماحة الخارقة منفذا له ،أو التركيبة العائلية لأبناء لبنان ليتلاعب بها ، أو خطف أشخاص لبنانين حجاج في الطريق بيوتهم خطة جيدة يتم استخدامها أو أفلام مفبركة أو تصريحات هي الطريق للحرب من اجل أنقاض النظام،فلخطف والقتل والإقفال والتهديد والوعيد الطريق إلى قلب العاصفة السوداء التي يرسلها نظام سورية … طبعا الحياد الايجابي هو الطريق الوحيد لإنقاذ لبنان من العاصفة القادمة ،حياد لبنان عن الوضع السوري يعني عدم الانجرار لمأرب النظام من خلال تركيبته الوطنية ورئيسه وفئاته وجيشه الذين يشكلون صمام أمان لضمان العلاقة القادمة مع سورية الحرة الديمقراطية المتنوعة ،لان استمرار العلاقة بين لبنان الشعب والكيان مع الشعب السوري والنظام القادم وليس بناءا لمصلحة الأشخاص والزعامات الراحلة إلى المجهول …
لكن بظل سياسة الاستبداد والشمولية سيبقى لبنان أسير لسياسة العنجهية السورية التي تعتبر لبنان نفوذ امني وورقة ضغط للتفاوض عليها مع الغرب ولطالما سيبقى السوري ينفذ سياسته الاستخباراتية والأمنية لجهة التعامل مع لبنان كموقع جغرافي وليس ككيان ذاتي يجب احترامه والتعامل معه من الند للند ،لا يستطيع لبنان أن يتعافى أبدا من جراحه القديمة الجديدة إذا لم يحصل تغير ديمقراطي جذري وفعلي في سورية وهنا نكرر مقولة الشهيد سمير قصير شهيد ربيع لبنان التي فجرت ربيع العرب بقوله:” بان أي تغير في وضع لبنان لا يمكن دون تغير ديمقراطي في سورية”.
نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية العدد 67 الصفحة 16 بتاريخ 10 أيلول سبتمبر2012 .
كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام السياسي والدعاية .