حوار مع حمار (3)
15 يونيو, 2015
مقالات, منوعات
بقلم / أحمد أبوخطاب
يا حماري… لم يعد بمقدوري إيجاد الفروق .
الأشياء جميعها أمامي متشابهةُ (حدّ الجنون ), فـفي وطني ليس هنالك مذاقٌ ولا طعمٌ ولا لونٌ مختلف.
لا يوجد هنالك ( حدثٌ يصيبني بالدهشة والاستغراب والاستعجاب ).. أصبحت محكومَ الاعتياديّ وسجين التطابق..
حماري يرد : يا لك من غريب; كل يومٍ تأتيني في جديد وتدّعي أن لا جديد في حياتك! , قد تكون يا هذا وصلت إلى مرحلة العبث .. فـسكتّ وصمت وكنَنت عنده و فيه, ولم تدرك أنّ ضاد العبث هو المعنى.
لا تقف في وجه عجلة التطور ودع نفسك تتحول من مرحلة العبث إلى مرحلة المعنى. فـبيدك لا بيد غيرك , أنا على يقين أنك سـتصل.
رددت عليه بنبرة لم أعتادها من قبل :… الجديد.. العبث.. المعنى..! لا شيء يا حماري يسكنني الآن سوى الأسئلة التي تفتقد الأجوبة, وعلامات الاستفهام التي تنتهي دون أن تعرف ما يليها .
لماذا و كيف و أين وهل وماذا بعد؟ قد ضاقت الدنيا بي وأصبحت الأرض أصغر من أن تسعني ..
فـأجبني وقل لي , كيف لي أن أتأكد أن وجودي حقيقة وليس خيال ؟ وأني لست شيئًا بذاته يحلم بأنه إنسان ؟ .. أجبني فلم يبقَ لي إلاك .
حماري بـحسرةٍ يجيب : يا مسكين قد أحرقت نفسك وأدخلتها إلى التهلكة دون أن تدري, فـدوّامة هذه الأسئلة بلا مخرج ; فـأنقذ نفسك من هذا الضياع ويكفيك أن تدرك إنك موجود, فـوجود الآخرين يؤكد وجودك, و وجودك يثبت وجود الآخرين.. وجودك يتجسّد بحريتك, و حريتك تتجلى في قدرتك على الفرار من ذاتك لا اِسترداداها, فـأن تفرّ من ذاتك يعني إنك تمتلك ذاتًا قادرة على الخلق والتكوين والتغيير .
أجبته بـضحكة الحزين : ومطلوبٌ بعد ما قلت أن أفهم, أن أرتاح.. يا حماري قد أتعبتني وأنا الباحث عن الراحة عندك , فـلماذا خلقت أمامي (مائة لماذا) جديدة؟
جئتك باحثًا عن ذاتي وها أنت تطالبني أن أفرّ منها, جئتك لكي تخرجني من عبثية التشابه والتطابق وها أنت تدخلني بدوّامة أكبر و أعقد, ودوّامة الوجود والحرية والتكوين والتغيير والفرار.. يا صديقي كل ما أصبو إليه هو الراحة.. فأين تكمن الراحة ؟
حماري يرد قائلاً : الراحة تكمن في قدرتك على تتبّع الأسباب و اِكتشاف النتائج..
التوازن بين الطموح و القناعة ,ومعرفة المفروض و مقاومة المرفوض.. الراحة تكمن داخلك فـجد المعنى تجد الحياة.. فـلا حياة بدون معنى
جِده و انطلق ولوّن حياتك بعيدًا عن اللون الواحد…