اتخذت الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة قراراً بتعليم اللغة العبرية في مدارس القطاع لمرحلتي الإعدادية والثانوية ابتداءً من العام الدراسي المقبل، وذلك بحسب ما صرح الوكيل المساعد لشؤون وزارة التربية والتعليم في الحكومة زياد ثابت.
وقد بدأ الكثير، خاصة من الغزيين، التساؤل حول الدافع الذي تنطلق منه الحكومة لاتخاذ هذا القرار وعمّا اذا كان ترجمة فعلية للرغبة في التطبيع مع إسرائيل.
وفي محاولة للإجابة على هذا السؤال يرى الدكتور خالد الحروب، مدير مشروع الإعلام العربي في مركز الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية في جامعة “كيمبردج” البريطانية، ان الهدف الرئيس من تعليم العبرية هو “اعرف عدوك”، خاصة وان إسرائيل تعمل بشكل مستمر على اختراق الفلسطينيين بشكل مكثف ومتواصل، وزرع العملاء في صفوفهم.
ويتابع الحروب ان تعلم العبرية سيسهل على الفلسطينيين متابعة الإعلام الإسرائيلي بشكل مباشر، اذ انه “ليس هناك متابعة عميقة للصحافة العبرية في فلسطين بسبب الحاجز اللغوي، بينما كل ما يكتب وينشر في فلسطين أو في الصحافة العربية بشكل عام يخضع للتحليل والتدقيق والترجمة من قبل الجانب الإسرائيلي. وهنالك عدد كبير ومدهش من المتحدثين بالعربية في الإعلام والسياسة والمؤسسات العسكرية الإسرائيلية.”
أما في الجانب الإسرائيلي فثمة رأي يتبناه المحلل الإسرائيلي شاؤول مينشيه لا يعتبر ان تعليم العبرية للفلسطينيين في غزة يعبر عن مخطط للتطبيع مع إسرائيل، وان عبر مينشيه عن نظرته الإيجابية لهذا القرار.
ويضيف المحلل الإسرائيلي ان قرار “حماس” صحيح لأن “الإنسان عدو ما يجهل”، معتبراً ان تعليم اللغة العبرية سيسمح للفلسطينيين بتواصل أكثر مع الإسرائيليين، وسيمهد لإزالة الحواجز بين الجانبين، مما من شأنه ان يؤدي الى تعايش سلمي بينهما.
ويشير الى وجود معاهد متخصصة بتعليم اللغة العربية في إسرائيل، والى الاهتمام بالثقافة العربية والإبداعات الأدبية بهذه اللغة، التي تحرص جهات مختصة على ترجمتها الى العبرية بشكل دوري، منوهاً بأن جامعات إسرائيل المهمة مثل جامعات حيفا وتل أبيب وبئر السبع والجامعة العبرية في القدس تدرّس اللغة العربية وآدابها.
من المعروف ان عدد من فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة بتحدثون اللغة العبرية، وذلك بحكم تدريسها في جامعات فلسطينية، علاوة على الاحتكاك اليومي مع الإسرائيليين الذي يسمح بممارستها، سواء في الأراضي الفلسطينية أومن خلال العمل داخل الخط الأخضر، كما يتقنها الفلسطينيون المعتقلون في السجون الإسرائيلية.
ويرى فلسطينيون ان هذا القرار جاء متأخراً من خلال المقارنة مع المدارس الإسرائيلية التي تعلم اللغة العربية حتى الصف التاسع، ويقرأ البعض في قرار حكومة “حماس” إشارة واضحة الى انها لا تنظر الى ملف المصالحة مع “فتح” بجدية، وإلا لما اتخذت قراراً حيوياً كهذا بدون التنسيق مع السلطة في رام الله، التي عبرت عن رفضها لهذا الإجراء وفقاً لما أفاد به موقع “تلفزيون نابلس”، وان “ذلك غير وارد حاليا ولم يتم التشاور به، باعتبار ان المنهاج الفلسطيني موحد في غزة والضفة الغربية.”