حصان طروادة يدخل الربيع العربي
18 أبريل, 2012
مقالات, ملفات خاصة
سلطان الحطاب / دخل حصان طروادة الربيع العربي تحت اسم «دعم الديموقراطية» وقد كان هذا الحصان نجح في دخول ربيع أوكرانيا واندونيسيا حين أوردته الولايات المتحدة الى تلك الدول قبل سبع سنوات..
وقد نجح البرنامج وتحول الى عصا سحرية اطاحت بانظمة خرت ساجدة بعد أن رأت الولايات المتحدة تعتمد قوى واحزابا في الشارع والحركات الاصلاحية والدينية التي قبلت التحالف معها. فأدركت الولايات المتحدة وهي تصمم برنامجها في «الفوضى الخلاقة».. انها تريد الاستغناء عن بعض قيادات أنظمة أصبحت خارج الاستعمال ولم تعد تقوى على خدمتها بشكل يمنع ازدياد نفوذ القوى الراديكالية البديلة..
جرى سحب اوكرانيا تحت اللون البرتقالي واستعملت الوصفة لاندونيسيا وقد جُرّت أيضاً الى مغارة الضبع الاميركي وأدخلت الى حظيرته بامتياز اذ بدأ التحالف مع الاسلاميين الاندونيسيين لاسقاط سوهارتو ثم جرى احتواؤهم بعد ذلك واضعافهم.. وقد اغرى النموذج هذا أصحابه فولّوا وجوههم شطر العالم العربي الذي لم يكن بعيداً عن التبعية الاميركية ..فضعف الحكام وفسادهم في بعض البلدان العربية اقنع الادارة بضرورة تغييرهم وعلى يد شعوبهم وبوصفة أميركية..
ودست خميرة الديموقراطية الاميركية في العجين الاجتماعي العربي حتى اذا خمر العجين أعطي للإسلاميين «الاخوان في مصر وتونس» وفصائل شبيهة أخرى ليخبزوه وقد جرى اغراؤهم بالحكم والحرية بعدما سجنوا على يد بعض الحكام بتوجيه من الخارج باعتبارهم متطرفين وأصوليين وارهابيين ..فكيف كان ذلك؟ وما الذي حدث؟ وكيف تبدلت الامور هكذا وبشكل دراماتيكي؟
كيف أجهضت الثورة المصرية التي انبثقت من ميدان التحرير؟ وأين ذهب صانعوها الذين لا نجدهم الان في الواجهة ؟ ولماذا انتهى مشهد انزال العلم الاسرائيلي وطرد السفير واقتحام السفارة ولم يعد يذكر أو يكرر واستبدل بتحصين معاهدة كامب ديفيد والتزامات أخرى مقابل التمتع بالحكم؟..وكيف انتقل التركيز الدولي من الصورة الاسرائيلية الى صورة الربيع العربي؟؟
حتى في زمن الرئيس مبارك كانت الوزيرة رايس قد طالبت نظامه أن يُمّكن الاسلاميين من التعبير عن أنفسهم بعد ان زينت الادارة لسنوات سجنهم وفعلت مثل ذلك الوزيرة كلينتون التي دعته ان يشاركوا في الحكم..فما الذي حدث؟؟ وكيف تحول الشيطان الى ملاك؟
تقول الجاسوسة الاميركية الخبيرة في شؤون الاسلام السياسي روبن بوش «اننا أردنا ان تكون مصر نموذجاً لاندونيسيا وان نذيب الاسلام فيها في نموذج ديموقراطي للوصول الى اسلام معتدل وحليف»..
أما الخبير الاخر المتخصص ايضاً في الاسلام السياسي وحركة الاخوان المسلمين شودوفسكي وهو يهودي اميركي يعمل استاذاً للاقتصاد في أوتاوا الكندية (لدى واشنطن سياسة جربتها وتطبقها حين تفقد ثقتها بقادة الدول التابعة لسياساتها وتستنفذ أغراضها منهم..من سوهارتو الى مبارك وهذه السياسة تعتمد على التعاون مع احزاب معارضة ومنظمات مجتمع مدني معدة ببرامج ومستعدة للتعاون معنا..ونقوم بتمويلها من صناديق ابرزها الصندوق الوطني للديموقراطية (NED) ومؤسة فريدم هاوس (FH) وهذه الصناديق (والكلام لشودوفسكي) مرتبطة بالكونغرس ومجلس العلاقات الخارجية (CER) وكلها لها علاقة بـ (CIA) ..
ويبدو أن مصر بعد الثورة اكتشفت ذلك وخطورته ودور هذه المنظمات فقامت بمحاصرتها وتسفير الاجانب الذين يديرونها واوقفت التمويل عنها بعد افتضاح أمرها وحين جرى ذلك هرعت زعيمة مجلس النواب الاميركي لزيارة القاهرة وقامت تدخلات وجرى لي الايدي وتهديد مصر بوقف المساعدات وصمدت الارادة المصرية وتراجع الاميركيون الذين اعترفوا ان مثل هذه الصناديق لها علاقة بالمخابرات وانها اسقطت انظمة أجنبية ودعمت معارضات وحركات اصلاح..تحت اسم تعزيز الديموقراطية..
رأينا خبراء الثورات الاميركيين وهم يلبسون الجينز ويحملون أجهزة اللاب توب وأجهزة اتصالاتهم وارشيفهم يخرجون مطرودين من مطار القاهرة وسط كفالات وحماية وتدخلات ومساومات وانفضح جزء من السر..كان حصان طروادة يخرج وقد انتهت مهمته فقد أفسد الربيع العربي وسلم الامور لغير أهلها..وهذا ما أثار تعليق رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة مارتن ديمبسي الذي علق بعد احداث مداهمة خبراء المجتمع المدني والاميركيين في مصر وطردهم وما جره ذلك من توتر وقد تحدث عن المساعدات الاميركية بقوله..
«المعونات تضمن مصالح مالية وعسكرية للولايات المتحدة في مصر وقطعها من شأنه ان يبعد الأجيال القادمة من الضباط العسكريين المصريين عن الولايات المتحدة وامتيازات حقوق التحليق في الأجواء المصرية وأولوية المرور في قناة السويس …اننا نحصل على مقابل مساعداتنا لمصر على اشياء تفوقها ونحتاجها ..اذن لا شيء مجاناً والوصفة الاميركية للديموقراطية جاءت بالاخوان المسلمين وما زالت هذه الوصفة سارية فحصان طروادة الاميركي عبر الربيع العربي ليحمل الى السلطة الاسلام الجديد المعتدل والمتحالف ..فهل هذا شكل من أشكال تجديد الانظمة الموالية ام ماذا برأيكم؟..
الرأي