“جمهورية نزار يونس”
31 مارس, 2016
ثقافة و فنون
د.خالد ممدوح العزي
اصدار جديد عن دار سائر المشرق صدر كتاب جمهوريتي للمهندس نزار يونس “. الكتاب من القطع الوسط 262 صفحة اصدر عام 2016، يقسم الكتاب الى ثلاثة محاور ومقدمة وخاتمة .
يقدم الكاتب من خلاله برنامجه السياسي لرئاسة الجمهورية اللبنانية المعتقلة في زواريب ودهاليز القوى السياسية اللبنانية او عند بعضها.
ربما يكون الاهداء هو العنوان الاساسي للكتاب كونه يتعرض للحرية والثقافة ورسم خريطة سياسية جديدة لمستقبل الجمهورية اللبنانية التي باتت تعاني من ترهل سياسي واجتماعي واقتصادي بسبب عدم تنفيذ الاصلاحات التي ينص عليها اتفاق الطائف.
يحاول الكاتب من خلال عرضه رؤية سياسية منهجية لاسترجاع الجمهورية المفقودة ولاستكمال مشروعها في ابعاده الثلاثة :”الاصلاح السياسي-النهوض الاجتماعي الاقتصادي –المشروع الثقافي اللبناني”.
ولهذا يطرح شعار “وطن لا مزرعة” يختصر الكاتب من خلاله الحالة السياسية التي باتت تفرض نفسها على مشاريع القوى والاحزاب التي تحاول تقويض الجمهورية .
ان جمهورية نزار يونس والذي يحاول ترسيخ الاقتناع من خلالها لدى كل اللبنانيين بشكل خاص ولدى الراي العام العالمي بانها مهددة في صميم قيمتها الحضارية.
فان نجاح التجربة اللبنانية بالمحافظة على استمرارية الجمهورية هو رهان لبناني محض، وضروري لمستقبل الحضارة الانسانية . فان مواكبة هذه التجربة من قبل المجتمعات العالمية كونها تحولت الى فلسفة انسانية في عالم تحول الى قرية كونية مختلطة يهمه نجاح وقراءة التجربة اللبنانية الصغيرة .
فالمسألة اللبنانية اصبحت مسألة نخب سياسية وفكرية متقدمة تعنى بالشأن الوطني وتحافظ عليه من خلال التعددية اللبنانية ، كما ويشخص الازمة اللبنانية التي تعتبر ازمة نظام سياسي نتيجة طبقاته التي تسيطر على السلطة وتنفذ مشاريعها الخاصة على حساب الكيان اللبناني والعيش المشترك الذي يؤدي الى انهيار التركيبة اللبنانية بسبب عدم فعالية هذه الطبقة التي باتت مترهلة وعاجزة عن تقديم المشاريع التي تحافظ على لبنان وتركيبته السياسية والاجتماعية والثقافية بسبب معاناتها من الفساد والرشوة والتشرذم وغياب حس المواطنة الذي يؤسس للمستقبل الزاهر بظل التطورات الاقتصادية العالمية والعولمة .
فان النظام الحالي الذي تم اتباعه على قاعدة المحاصصة الطائفية للقوى والطوائف ادى الى نزاع طبيعي لعملية التقاسم والتصارع والنزاع على حجم الحصص الموزعة فيما بينهم مما ساهم بإخلال التوازن الطائفي وسمحت للعصبيات الطائفية بالسيطرة واستخدام النفوذ حتى داخل الطائفة الواحدة.
يحاول الكاتب الاضاءة على نشؤ الكيان اللبناني وطريقة تركيبته الطائفية منذ الانتداب الفرنسي وصولا الى الحرب الاهلية التي ساهمت بدورها بضرب التوازن والعيش المشترك في التركيبة اللبنانية وسمحت لنمو طبقات سياسية جديدة على حساب الكيان اللبناني ومصلحة الشعب .
مما انعكس ذلك على سلبا على تطبيق اتفاق الطائف ومتدرجاته التي تساعد على حل الازمات والامور التي باتت تشكل عائق اساسي في استكمال اعادة بناء الدولة التي اضحت ماسورة لدى قوى طائفية تحاول طرح اعادة تركيب الهيكلية .
يتوقف الكاتب في كتابه امام طروح خريطة طريق لاستكمال مفهوم الميثاق “العقد الاجتماعي”، ويعود السبب براي الكاتب الى غياب مفهوم الحوار الوطني المسؤول عن حل الامور والقضايا المتعلقة بإيقاف واعاقة دور الجمهورية التي نحن بثنا امام مشكلة غيبا الرئيس وتعذر انتخاب رئيس للجمهورية .
يقدم نزار يونس وثيقة كمشروع كامل لرئيس للجمهورية بظل غياب المشاريع التي يمكن لكل مواطن الاطلاع عليه لمعرفة ما هو مشروع الرئيس القادم الذي سيقود البلاد لمدة ستة اعوام.
وهذه التجربة قد تكون الاولى في طرح المشاريع الرئاسية او الانتخابية التي تمكن كل شخص من الاطلاع عليها ومناقشتها بغض النظر اذا كانت ملائمة او غير ملائمة .
يعزز الكاتب في برنامجه دور المجتمع المدني الذي يمكنه ان يلعب دورا مهما وكبيرا في الحفاظ على الجمهورية وان يكون صاحب القرار في الصيغة اللبنانية المواجهة مع الطبقات السياسية الفاشلة التي تأخذ البلد نحو الحرب الاهلية ،ويركز على تجربة الحرب اللبنانية التي ادت الى شلل في مؤسسات الدولة.
وفي مكان اخر يركز على دور الحراك المدني في اعادة اولوية الحفاظ على الجمهورية ومستقبلها ضمن مشاريع وطنية نحافظ على الشرائح الاجتماعية اللبنانية على اختلافها.
وربما الحراك الاخير الذي حدث يعطي بريق امل للخروج من القوقعة المذهبية والذهاب نحو المواطنة التي تحافظ على الجمهورية وتعيد مفهوم انتخاب الرئيس كأولوية اساسية لدى جميع اللبنانيين.
يعتبر هذا الكتاب وثيقة مهمة وقيمة شكلت اضافة لإنتاج لبنان الثقافي الحضاري وفي المكتبة اللبنانية .
وحيث يمكن لكل باحث وخبير الاستفادة من هذا الكتاب المؤلف كمرجع علمي واكاديمي يمكن الاستفادة منه في الابحاث والدراسات المحلية والعربية.