هادي جلو مرعي / لاأعرف لم أعلن رئيس الحزب الديمقراطي مسعود برزاني رفضه إقامة نصب في بغداد يخلد ذكرى والده الراحل الزعيم ما مصطفى البرزاني الذي قاد حركة الكفاح المسلح ضد الحكومات العراقية المتعاقبة في محاولات تتكرر لنيل الإستقلال، وإنشاء الدولة الكردية التي تتمتع بميزات إقتصادية وإجتماعية وثقافية وجغرافية مغايرة لما يمتلكه بقية العراق.
كنت أجريت مايشبه الإستفتاء حول هذا الموضوع، وطرحت سؤالا على الفيس بوك، هل توافق على إقامة نصب تذكاري للزعيم الكردي مصطفى البرزاني في العاصمة بغداد، وكان عدد المشاركين كبيرا للغاية وزاد على السبعة آلاف كان أغلب هولاء رافضا للفكرة ومنددا بها، مذكرا بما عاناه العراق من مشاكل أمنية وصراعات بسبب القضية الكردية، وعديد هولاء له أقارب قتلوا في مراحل من الصراع منذ العشرينيات من القرن الماضي حتى العام 2003 وبعضهم كان متشنجا للغاية وهو يناقش الفكرة، ومنهم من طلب إقامة نصب مماثل للزعيم المصري جمال عبد الناصر، وعبر آخرون عن رغبتهم في نصب تمثال لعبد الكريم قاسم في أربيل، بينما حاول أحدهم الإستفزاز وإقترح إقامة نصب لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي في إقليم كردستان الذي كان على خلاف عميق مع السيد مسعود برزاني مقابل الموافقة على تمثال للملا في بغداد، وهدد متعصبون بتدمير النصب في حال مضى القائمون على الفكرة في الموضوع وأنشأوه في ساحة من ساحات العاصمة بالتنسيق مع أمانة بغداد التي لم تعلق الى اليوم بشكل واضح وصريح.
في الغالب كنا نتوهم إن الخلاف مع الأكراد سياسي وسببه الحكومات العراقية التي غمطت حقوق الشعب الكردي، لكن تتالي الأحداث يشير الى إن هذا الخلاف في حقيقته يرتبط بمشاكل تنسحب عادة على المواطنين العاديين الذين تتكون في نفوسهم مشاعر متباينة حول الأحداث والمواقف التي تتخذ وطبيعة الصراعات التي تسود، ومامن شك إن لشعب كردستان حقوق لابد أن تضمن وأن تحترم شريطة أن لاتكون عبئا على الدولة العراقية، ولاحظت من تعليقات المشاركين إن معظم مواقفهم مبنية على أساس تداعيات مرحلة مابعد 2003 وليس قبلها بالضرورة. فهناك أجيال نشأت بعد مرور عقود على الصراع، ومنهم من لايملك فكرة عن تفاصيل ماجرى في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، فتداعيات مابعد سقوط نظام صدام حسين أحدث تغييرا هائلا في المزاج العام للمواطنين، ولعل المواقف السياسية لمسعود برزاني وخلافاته المستمرة مع بغداد، وتعطيله لقرارات سياسية داخل البرلمان، ثم التهم الموجهة له بالتواطئ مع الخارج ضد بغداد، وتداعيات أحداث الموصل والدور الذي لعبته أربيل في إنهيار القوات العراقية السريع، والمنافسة الإقتصادية وحجم الأموال التي يتقاضاها الكرد من الميزانية العامة كانت سببا في نقمة شعبية في بقية العراق، وأرتبطت بنوع الموقف من تخليد الزعماء الكرد خاصة المرتبطين بعائلة برزاني.
ولو إننا سألنا عن الموقف من إقامة تمثال للرئيس جلال طالباني فلاأشك في مواقف أكثر إيجابية خاصة وإن جلال طالباني كان ولايزال يحتفظ بثقافة عربية وعلاقات وثيقة مع التاريخ الثقافي العربي، ولمواقفه الإيجابية من عديد القضايا التي كانت تثير الخلاف في الساحة العراقية. الفكرة واضحة فما نظنه صراعا نخبويا قد يكون له أثر على العامة من الناس وعليه يبنون مواقفهم.