خاص لموقع أوكرانيا اليوم. تقرير هام للدكتور إيجر سيميفولوس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالعاصمة كييف بعنوان. أوكرانيا تستعد للقمة الدولية الرابعة للأمن الغذائي، معركة استعادة دورها في إنقاذ العالم من الجوع .مع اقتراب موعد القمة الدولية الرابعة للأمن الغذائي المقرر عقدها في كييف نهاية نوفمبر 2025، تتجه الأنظار مجددًا إلى دور أوكرانيا في ضمان استقرار إمدادات الغذاء العالمية، خاصة في ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية واسعة النطاق على البلاد. فمنذ عام 2022 أصبحت هذه القمة منصة مركزية لبحث التحديات التي تواجه الأمن الغذائي، وبالأخص في المناطق الأكثر هشاشة في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
حبوب من أوكرانيا، مبادرة إنسانية ذات أثر عالمي يرتبط هذا الحدث السنوي ببرنامج حبوب من أوكرانيا الذي أُطلق في عام 2022 بهدف إيصال الحبوب الأوكرانية إلى الدول المتضررة من الجوع. ومنذ انطلاق البرنامج، تمكنت أوكرانيا، بدعم من الشركاء الدوليين، من جمع أكثر من 150 مليون دولار وإرسال عشرات السفن إلى إفريقيا وآسيا. وفي الأعوام التالية توسعت المبادرة لتشمل دعم الزراعة المستدامة ومكافحة الجوع العالمي، مع جمع 44 مليون دولار في عام واحد، وتصدير أكثر من 75 مليون طن من المنتجات الزراعية منذ عام 2023 رغم الظروف الصعبة.
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا… المنطقة الأكثر تأثرًا بالحرب
تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق اعتمادًا على الحبوب الأوكرانية قبل الحرب، إذ كانت تمثل أوكرانيا مصدرًا رئيسيًا للقمح وزيت دوار الشمس لعدد من الدول، وعلى رأسها مصر التي استوردت 80% من وارداتها من الحبوب من أوكرانيا قبل الغزو. كما اعتمدت السعودية ولبنان والعراق على المنتجات الأوكرانية بنسب كبيرة وصلت إلى 60% من احتياجاتها من القمح والذرة والزيوت. إلا أن الحرب وتراجع صادرات كييف أديا إلى خسارة أوكرانيا لمعظم حصتها في هذه الأسواق، حيث فقدت 70% من سوق القمح المصري، بينما أصبحت 75% من واردات القمح في تونس روسية المنشأ. وبحسب الإحصاءات، انخفضت صادرات أوكرانيا الغذائية إلى دول الجنوب العالمي بأكثر من 60% (أي ما يعادل 8 مليارات دولار) بين عامي 2021–2024.
معركة استعادة طرق التصدير البحر الأسود ومسارات الاتحاد الأوروبي
أدت الحرب إلى تعطّل الموانئ الأوكرانية في بحر آزوف وتعريض الملاحة في البحر الأسود للخطر، ما دفع كييف إلى الدخول في مبادرة حبوب البحر الأسود برعاية الأمم المتحدة وتركيا عام 2022، والتي سمحت بتصدير 33 مليون طن من الحبوب خلال عام واحد، قبل أن تنسحب روسيا منها في يوليو 2023. لكن أوكرانيا أعادت فتح الممر البحري من جانب واحد بعد سلسلة عمليات عسكرية بحرية نجحت في دفع الأسطول الروسي بعيدًا عن غرب البحر الأسود. وبفضل هذا الممر الجديد، نُقل حتى فبراير 2024 ما يقرب من 23 مليون طن من البضائع، معظمها منتجات زراعية. وفي الوقت نفسه، أطلق الاتحاد الأوروبي مبادرة مسارات التضامن للسماح لأوكرانيا بتصدير السلع عبر الطرق البرية والسكك الحديدية والموانئ النهرية، مما أتاح نقل 68 مليون طن من المحاصيل الزراعية حتى مطلع 2024.
العودة إلى الأسواق العربية والأفريقية… تدريجيًا
تبذل كييف جهودًا دبلوماسية وتجارية مكثفة لاستعادة حضورها في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فقد اتفقت أوكرانيا ومصر — أكبر شريك تجاري مع كييف في المنطقة — على سلسلة خطوات عملية لتعزيز تجارة الحبوب والزيوت. كما بدأت أسواق الجزائر وتونس ومصر في استقبال شحنات جديدة من القمح الأوكراني، بما يعكس تغيرًا تدريجيًا في المشهد التجاري رغم المنافسة الروسية الشديدة وسياسة الإغراق بالأسعار.
أوكرانيا… ركيزة أساسية في الأمن الغذائي العالمي
تؤكد التطورات الراهنة أن أوكرانيا، رغم الحرب، تسعى باستمرار لإعادة تثبيت مكانتها لاعبًا أساسيًا في الأمن الغذائي العالمي. فإعادة تشغيل الموانئ، وتوسيع الشبكات اللوجستية مع الاتحاد الأوروبي، والعودة إلى أسواق إفريقيا وآسيا، تشكل مسارًا شاقًا لكنه ضروري. وتشبه هذه العملية كما يصف الخبراء محاولة تغيير مجرى نهر ضخم تم اعتراضه بسد؛ إذ تبني أوكرانيا قنوات جديدة (مثل مسارات التضامن) وتعيد فتح القنوات الطبيعية (الممر البحري في البحر الأسود) رغم مقاومة «تيار» المنافسة الروسية والعراقيل العسكرية.
ختامًا. مع اقتراب موعد القمة الدولية الرابعة للأمن الغذائي، تبدو أوكرانيا مصمّمة على أن تثبت للعالم أن الحرب لم تُنهِ دورها، بل زادت من إصرارها على أداء واجبها الإنساني تجاه الدول الأكثر فقرًا، وترسيخ مكانتها كأحد أعمدة الأمن الغذائي العالمي.

أوكرانيا
إقرأ المزيد:
أسعار القمح ترتفع بعد الهجوم الروسي الأخير على الموانئ الأوكرانية
أوكرانيا اليوم أوكرانيا اليوم – الصحيفة الأخبارية الأوكرانية العربية – أوكرانيا