تسليح اوكرانيا يعني صب الزيت على النار
9 فبراير, 2015
أخبار أوكرانيا, الأخبار, مقالات
يوسي بيلين / إعلان الإدارة الأمريكية عن نيتها إرسال أسلحة لحكومة أوكرانيا لكي تواجه بشكل ملائم العناصر المتمردة في شرق أوكرانيا، ينبع من أسباب وجيهة: روسيا، كما يبدو، تقف وراء هذه العناصر، وحتى انها أرسلت جنوداً بلباس غير معروف لمساعدتهم.
الحرب في الشرق مستمرة بالرغم من اتفاق مينسك الذي كان من المفروض ان يؤدي الى وقف إطلاق نار. أناس أبرياء يقتلون كل يوم، مدن تدمر، مطارات تهدم، وحكومة أوكرانيا ليست قادرة على التغلب على ذلك. انها فقيرة، بالرغم من وفرة الموارد الطبيعية، جيشها ضعيف، وعندما يقف أمام قوات مدعمة بالجيش الروسي – لا توجد لديه أي فرصة للفوز. في هذا الوضع، بعض الأسلحة من الولايات المتحدة قد تساعد جيش أوكرانيا في الحرب الأهلية المضطرة على خوضها.
لا نوايا للولايات المتحدة للتدخل بـ”الساحة الخلفية” لبوتين، ومحاربة جيشه بشكل مباشر أو غير مباشر. صحيح انه لم يعد هنالك أي أمل للعودة “الى نقطة البداية” التي حلم به الرئيس باراك أوباما في بداية طريقه، لكن حرب؟ إدخال قوات حلف شمال الأطلسي ليس وارداً، لأن ذلك يشبه تقريباً دخول القوات الأمريكية لوحدها، بالنسبة للروس.
العقوبات على روسيا تعمل كما تعمل العقوبات عادة: ببطء، مقابل واجهة قومية موحدة تدعي (عادة من دون أي علاقة مع الواقع) ان العقوبات لا تؤثر على الأمة، وتؤدي الى وسائل إبداعية تعمل على تجنبها (في حالة روسيا الحديث يدور عن توطيد العلاقات مع الصين، والتوقيع على معاهدات تجارية مع العملاق الاقتصادي، الذي لا يشارك، بشكل مبدئي، بأي عقوبات). في نهاية الأمر هذا سينجح لكن الطريق ما زالت طويلة حتى اللحظة التي سيستسلم فيها بوتين.
إرسال الأسلحة لحكومة أوكرانيا هي طريق مريحة لإراحة الضمير. لكن مشكلة جيش أوكرانيا ليست تحديث سلاحه وإنما تحديث نفسه، لذلك لا توجد فرصة جيدة لأن يؤدي هذا السلاح الى تغيير وجه المعركة الداخلية. أكثر من ذلك – فهو قد يثير وهم أوكرانيا بانها قادرة الآن على التغلب على مطالبي الاستقلال في الشرق، وهذا يشكل تصعيد بالصراع الذي قد يؤدي بالروس الى ان يقوموا بالمثل لتصعيد الأمور، ومرة أخرى سيتم إرسال وحدات غير معروفة الى دونيتسك ولوغانسك لكي تدافع عن شرف ثقافة روسيا في شرق أوكرانيا، أمام ما قد يبدو على أنهم جنود نظام غير شرعي يسيطر على أوكرانيا بدعم من الغرب.
هنالك بديل للتصعيد، انه بديل صعب، مثير للغضب واليأس: محاولة التوصل الى حل سياسي. هنا قد تلعب إدارة الرئيس أوباما دوراً أهم بكثير من مجرد إرسال أسلحة لجيش ليس قادر على مواجهة الصعوبات التي أمامه؛ على الإدارة ان تحاول العثور، بواسطة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على جهة قادرة على التنقل بين الطرفين، واقتراح سبل لإنهاء هذا الصراع الصعب، الذي أدى الى نحو 5000 قتيل منذ بداية، والحبل على الجرار.
الحل موجود. أمام الخشية الروسية من تقارب أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي وهي الخطوة ما قبل الأخيرة لانضمامها الى حلف شمال الأطلسي، هناك مكان لضمان عدم قيام حلف الناتو بدعوة أوكرانيا للانضمام اليه، لفترة زمنية معينة على الأقل حيث يتم في نهايته دراسة الموضوع من جديد. في المقابل – يمكن أوكرانيا ان تكون مرشحة للانضمام الى الاتحاد الأوروبي، في حال اوفت بشروطه، من دون ان يمنعها الأمر من المشاركة في التنظيم الاقتصادي الجديد (يورواسيا) الذي تدعمه روسيا مع بعض دول الاتحاد السوفياتي السابق.
أما بالنسبة لمطالب الشرق بالحفاظ على ثقافته الخاصة – هنا يمكن توسيع مجال الحكم الذاتي الممنوح للمناطق المختلفة في أوكرانيا، والامتناع عن تضييق الخناق على اللغة الروسية. لا يمكن قبول عملية ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا، وعلى بوتين ان يعلم انها عملية ضم غير شرعية والعالم لا يقبلها. فقط استفتاء شعبي في أوكرانيا يمكنه ان يغير الوضع الحالي. في حال عارضت روسيا ذلك – فعليها دفع الثمن الذي يتم دفعه في العالم من قبل كل من يسيطر على أرض ليست تابعة له.
يوسي بيلين هو عضو كنيست ووزير سابق عن حزب ميرتس في عدة حكومات إسرائيلية كما كان من المبادرين لما يعرف باسم “مبادرة جنيف” لإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وتحقيق السلام