%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF أوكرانيا

تحقيق : خالد ممدوح العزي..الحياة الإنسانية لا تلغي حق العودة

الحياة الانسانية لا تلغي حق العودة …

لم تكن رحلة خروج الفلسطينيين الى دول الجوار والابتعاد عن الوطن رحلة سياحية قام بها ابناء الشعب الفلسطيني الذي تم تهجيرها بواسطة العدو الصهيوني واغتصبت ارضه، وتوزيعه على كافة الاقطار العربية سوى مرحلة  ليتم اعادتهم الى  وطنهم بعد استرجاع الارض وتحرير الديار من قبل الاشقاء العرب الذين تكفلوا بالدفاع عن الاهل والاحباء في فلسطين .

لكن الآمال الموعودة  لم تتحقق والحكام العرب لم يستطيعوا  تنفيذ الوعود، بل وقعوا في نكسات متكررة وهزائم دائمة ، والعالم تواطأ على العرب والشعب الفلسطيني الذي لايزال يحلم بالعودة الى ارض الاجداد والاحباب يعاني ابشع المعاناة .

فالشعب الفلسطيني الذي تم توزيعه على دول الجوار  ووضعه في مخيمات مؤقتة في خيم واكواخ . ولكن بعد فترة تطورت هذه المحميات لتصبح مخيمات معزولة مهمشة يسيطر عليها بيوت التنك والصفيح وغياب البنى التحتية التي لا تليق بهؤلاء الضيوف.

مع دخول هذه المناطق في دائرة الصراع العربي –الفلسطيني تحولت هذه المناطق لروافد، لاحزاب المقاومة والثورة الفلسطينية التي رفعت شعار مقاتلة اسرائيل والحرب من اجل اعادة الاراضي.

لكن بعد خروج الثورة من لبنان وتوزيعها على الدول العربية بات امل العودة يعاني من ازمة ثقة مما وضع الثورة وقيادتها وشعبها في مواجهة العاصفة التي انتهت الى اتفاق اوسلو وانتاج السلطة الفلسطينية في الداخل.

منذ فترة بدأ صوت المواطن الفلسطيني في دول الشتات يعلوا للمطالبة  من المسؤولين والفعليات لحل هذه المشكلة والمساعدة على الخروج، وفلسطينيي لبنان الاكثر صراخا لهذا.

بدأنا نرى العديد من التظاهرات والاعتصامات والبيانات والاخبار المتنوعة عن ظهور مجموعات فلسطينية تحاول العمل على تشكيل لجان للتواصل مع المنظمات الانسانية العالمية المختصة بحقوق الانسان لتأمين خروج انساني للفلسطينيين من اجل العيش بكرامة انسانية  بعد ان باتت حياتهم الانسانية تتعرض لخطر كبير من خلال الازمات التي تعيشها هذه الشرائح والتي تترك اثرها الاجتماعي والانساني والقانوني على المخيمات والتواجد الفلسطيني في الدول العربية .

وفي ظل اتصالنا مع اعضاء هذه المجموعة التي تطلق على نفسها” اسم الهيئة الشبابية الفلسطينية للجوء الانساني ” ، وهي  باتت معروفة وناشطة في لبنان ومخيماته  وسط المكونات الفلسطينية التي باتت همها الخروج من لبنان ورفض كل اشكال المعاناة التي تعيشها هذه المكونات والغاضبة  لعدم التوصل من قبل القيادة الفلسطينية والسلطة لحلول فعالة تساعدهم في الوصول للعيش بكرامة مما دفع بهذه المجموعة النشطة بالتفتيش عن مخرج انساني لهذه المكونات الطامحة للهجرة .

لان معاناة الفلسطينيين شيوخا وأطفالا ونساء، تطرح نفسها على الجميع  في اماكن تواجد الفلسطينيين في الدول العربية وتحديدا لبنان من خلال :

-ما هي الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في الشتات ؟ 

-كيف يأكلون ويشربون ويتحركون في ظل الخناق والحصار والإهانات ومنع التجول؟  

-لماذا هذا الصمت العربي والعالمي حيال الظروف اللاإنسانية التي يعيشها الإنسان الفلسطيني؟

وبظل المشاكل العربية التي باتت تفرض نفسها على كل دولة بات الاهتمام اقل بالقضية الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني مما دفع بالشباب والاهل للخروج نحو اوروبا او الخارج من اجل تامين حياة انسانية رغيدة لهم ولأولادهم وخاصة بان هذه المجمعات هي باتت مدخل لكل انواع الجريمة والتطرف التي تستغل هذه الشباب والعائلات الفلسطينية التي اضحت عرضة لهذه الازمات واصبحت هدف لكل المنظمات الارهابية والمتطرفة التي دخلت بقوة الى المخيمات حيث باتت المخيمات جزء لا يتجزأ من ازمة المنطقة، وكذلك العصابات التجارية (المخدرات والسلاح والسرقة والتهريب) مما دفع بالأهل بأرسال ابنائهم الى الخارج او السفر معهم من اجل ايجاد كرامة فعلية لهؤلاء الشباب والابقاء على حلم العودة الى فلسطيني.

ويعرض  محمد درويش الناشط في هذه الهيئة  بان  الفلسطيني يعاني من العديد من الازمات كعدم التملك وعدم الدخول الى الوظيفة وغياب التقاعد والضمان الاجتماعي حتى التعليم الذي قد يكون المخرج والحل لازمته”. اما هذه الحالة الصعبة   فان الفلسطيني مهما وصل لأي  درجة علمية من تحصيله العلمي ، فان النتيجة هي عدم ممارسة المهنة.

اما الناشطة نفين العفيفي تقول:

“الضغوط النفسية من هذه المشكلة الحياتية والانسانية التي يعيشها الفلسطيني في لبنان تدفع الشبابان بالهجرة وطلب اللجوء الانساني  لمساعدة اهلهم والحصول على اقامة تجيز لهم التحرك الانساني “.

اناالمهندس حكم عدوي الناشط في الهيئة الشبابية المذكورة  يقول  “حتى زواج الفلسطيني من لبنانية لا يحل الازمة ابدا” ، بالوقت الذي يملك اغلب اللبنانيين جوازات اجنبية بسبب اقامتهم في الخارج او الزواج من اجنبيات التي يحق لها اعطاء الجنسية لأولادها فاللبنانية محرومة من هذا الحق.

حتى  رؤوس الاموال التي تهاجر للخارج للعمل تحصل على تأمينات كثيرة  من الدول المضيفة لكن الوضع مع الاموال الفلسطينية ليس لها في لبنان اي تسهيلات.

فاللجوء الفلسطيني الذي مضى عليه اعوام طويلة وعقود ولم تحل الازمات الاجتماعية مؤقتا بعد ان كان الخطاب العربي الرسمي لناحية هؤلاء بان وجودهم مؤقت حيث اضحت هذه الفترة طويلة لا يزال الفلسطيني يدفع الثمن غالي تحت شعار عدم التملك واعطاء الجنسية محافظة على حق العودة التي لا تبدو قريبة جدا، فالأجيال باتت يائسة جدا من هذه الطروحات التي لم تعمل على  ممارسة القوانين الانسانية للفلسطيني حيث يعيشون مؤقتا .

الايام تطول والمعاناة مستمرة وخارطة الوطن تضيق والاحلام تحدها المعاناة التي اصبحت هاجسا انسانيا لكل فلسطين يعيش خارج الاحلام السعيدة .

لقد اصبح حلم الفلسطيني السفر الى دولة للحصول على اقامة وحقوق انسانية حيث بات حق العودة للأغلبية في الخارج حلم ووهم مضت عليه عقود وماتت اجيال وولدت اجيال جديدة لم تعد تفكر بفلسطيني والمقاومة والنضال والحقوق المقدسة لكن الحلم الوحيد الذي يراود الكثيرين هو تامين مهرب يساعد على الوصول الى احدى دول العالم التي تعطي حق اللجوء بالرغم من كون البطاقة او الجواز لا ينسي فلسطين بل العيش اللآئق وبكرامة مع كل حقوق الانسان الطبيعية هو المطلوب  فقط لكن ازمة الفلسطيني في لبنان هي ازمة ديمغرافية مغلفة بغطاء سياسي وقومي ووطني .

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …