د.خالد ممدوح العزي./ إن افتعال الأزمات في دول فقيرة يؤدي إلى إنتاج أزمات داخلية، وسط المجتمع، و المكونات الاجتماعية، و التي يهدف من خلالها إلى تفكيك المجتمع و الذاهب به نحو فوضى اجتماعية و اقتصادية عامة
يقطف ثمرة هذه الفوضى حاملي المشاريع الخارجية الموجهة على حساب الإنسان و المواطن نفسه. عند اشتعال حرب داخلية في دولة ما، تؤدي بدورها إلى توقف المؤسسات العمومية و الخاصة عن العمل و الإنتاج، و بالتالي الهم الاقتصادي و الاجتماعي يفرض نفسه على كل مواطن و كل فرد من أفراد الجماعة المتصارعة، و هنا يبرز دور المال السياسي في استغلال هذه الشرائح و تحييرها لمصلحته الخاصة من خلال دفع الأموال و حجز أصحابها لتنفيذ مآرب خاصة “بالمشاريع الخارجية”.
و أبرز مثال في هذا السياق، هو طريقة عمل “داعش” وأخواتها المتطرفة في استقطاب جيل الشباب، و و تجنيدهم في صفوفها، من خلال وسائل المال و المتعة الجنسية، والذي لا يختلف ابد عن عمل حزب الله او القوى التي تناصر أفكر ولاية الفقيه في أيرن والذي يمكن إن نقارن وجه الشبه بينهما من خلال التقارب بالأفكار والتطرف وعمليات الاستقطاب وبالتالي هذه الأفكار تعمل على أتستهدف شرائح معينة في المجتمعات الإسلامية والعربية وفي أغلب الأحيان الطبقة “المفقرة.بالرغم من وجود بعض العينات في داخلها تنتمي إلى طبقات ميسورة جدا أو متعلمة .”
هذا الوضع يجعل الشاب الفقير ضحية تدجين الجماعات المتطرفة، و الذي يعاني من فراغ ثقافي و مستوى تعليمي متواضع، يلجأ للتعويض عن الحرمان و التهميش إلى حمل السلاح أو “الاستشهاد”، فالوضعية الاجتماعية و الاقتصادية تدفعه لإتخاد “الإرهاب” وسيلة لانتزاع حقه المسلوب، و خيار أخير للثأر لنفسه و لطبقته “المفقرة.
و لهذا فإننا نرى أن “الإرهاب” كظاهرة منتهكة لحقوق الإنسان، ما هو إلا نتيجة لإرهاب آخر يمارس من طرف الأنظمة و المؤسسات المالية و الاقتصادية العالمية، و يتسبب في تجويع و تفقير شعوب العالم الثالث.
إن الأزمات الاقتصادية و التي تتحمل مسؤوليتها المؤسسات المذكورة سابقا يذهب ضحيتها أولا الأطفال و الشباب أزمات ينتج عنها إرهاب يتحول لحروب أهلية ترفع فيها شعارات مذهبية و عرقية تشد عصب الحياة عند الناس، و تغيب بالمقابل في ظل هذه الأزمات شعارات المواطنة و حقوق الإنسان.
و لهذا فمن الضروري حشد نشطاء المجتمع المدني و الفاعلين السياسيين للحد من ظاهرة الإرهاب من منطلق سوسيو اقتصادي، حيث أحد أهم السبل للحد منه هو توجيه المطالب و الحملات الحقوقية لنبذ كل أشكال التمييز الاجتماعي و الاقتصادي المتسببة في ظاهرة “الإرهاب. وليس بمعاقبة المشاركين والمنطوين في هذه الأطر بالطرق العسكرية التي تمارس ضد مجتمعات وشعوبنا ومناطقنا الجغرافية والتاريخية والبيئة بحجة ملاحقة بعض المجموعات التي تتمدد وتنشط أكثر فأكثر في بيئات حاضنة لها وبطريقة مميزة كما حل العراق وسورية ومصر ولبنان وليبيا واليمن ودول أخرى، ينشط فيها التطرف ويتمدد نتيجة أخطاء الآخرين في التعامل مع هذا المد الخطير والذي يعاني من بالدرجة الأولى مجتمعاتنا العربية وعلاقاتنا الاجتماعية وحضارتنا وتقليدينا العربية المشتركة وديننا الإسلامي دين التسامح والمحبة والرسالة.