د. عبد الحفيظ محبوب / بالطبع يدرك الغرب بأن انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 ليس النهاية بل إن روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي ستحاول العودة مرة أخرى كلما سنحت لها الفرصة وفرصتها اليوم في استثمار الأزمة المالية التي ألمت بالولايات المتحدة وكذلك ازمة الديون في أوربا ، وبعدما كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن حماية أوربا أصبحت الولايات المتحدة بحاجة اليوم إلى الدور الأوربي وستوقع اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين.
ولم ينس الغرب توسع الاتحاد السوفيتي في أفغانستان التي تبعد بضع مئات من الكيلومترات عن حقول النفط في الخليج ولم يكتف الاتحاد السوفيتي بهذا التوسع بل عززه بنشر صواريخ بالستية متطورة ذات رؤوس نووية من طراز (إس إس – 20) عام 1979 في دول أوربا الشرقية مما جعل أوربا تعيش سنوات من الرعب حتى تم الاتفاق مع الولايات المتحدة بنشر صواريخها من طراز بيرشنج في أوربا الغربية خلال عام 1983 لتصبح بمثابة مظلة نووية مضادة.
وينتاب الاتحاد الأوربي القلق بعد الأزمة المالية وبدا يبحث الاتحاد الأوربي لأول مرة عن الاندماج الدفاعي في اجتماعهم في بروكسل في 19/12/2013 في ظل تحول اهتمام الولايات المتحدة إلى المحيط الهادئ ويعمل الأطلسي على اقامة منظومة دفاعية في أوربا تدعي أوربا بأنها غير موجهة لروسيا ولكن في المقابل تفكر روسيا كذلك في إقامة منظومة دفاعية بالستية على حدودها الغربية مما يعيد أجواء الحرب الباردة مرة أخرى، ووقعت روسيا مع بولندا في وارسو برنامج العلاقات البولندية – الروسية في آفاق 2020 ضمن اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
ولازال الغرب يحاصر روسيا ودعم الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004 التي كانت على حافة تنصيب نظام ديمقراطي على الطريقة الأوربية ولكن قاتل بوتين في أوكرانيا لضمان بقاء نظامه المضاد للثورات في موسكو واليوم يقاتل بنفس الطريقة لأن بوتين يرى في أوكرانيا بأنها المعركة الوجودية الأخيرة للحرب الباردة وقدم لكيف مبالغ استثمارية تقدر بنحو 15 مليار دولار مستفيدا من موقف الغرب الضعيف اقتصاديا مما جعل الاوكرانيين ينقسمون حول المساعدات الاقتصادية الروسية ولن يستطيع الغرب تقديم مثل تلك المساعدات رغم أن بعض الأكرانيين يقامرون بالاتجاه نحو اقتصاد حديث لدولة عظمى من دول الاتحاد الاوربي وهم مشمئزون من الفساد وفوضى زعمائهم والمسؤولين في روسيا ويرون أن الارتباط بدول الاتحاد الأوربي سيساهم في تأسيس سيادة القانون والحد من قيام الحكومة باستغلال وإهمال مواطنيها.
فالصراع على أوكرانيا نحج بوتين في ‘قناع الرئيس الأوكراني في عدم توقيع الاتفاقية التجارية مع الاتحاد الأوربي التي توصل اليها الاوكرانيين بشق الأنفس والتوجه نحو موسكو بدلا عن توقيع تلك الاتفاقية بسبب موقع اوكرانيا الاستراتيجي ومساحتها التي تعادل مساحة فرنسا وهي تقع على مفترق طرق دول أوراسيا ويصل عدد سكانها نحو 46 مليون وتتمتع اوكرانيا بإمكانات اقتصادية، لذلك اتبعت روسيا تكتيكات عنيفة في بادئ الأمر تجاه أوكرانيا بينما اليوم تحاول احتواء الاوكرانيين وإخضاعهم للأمر الواقع أي أن كيف لا تمتلك من الأمر شيئا بمعزل عن روسيا.