د. عادل محمد عايش الأسطل / شكلت قضيّة اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، والتي تأسست على أيدي الصهيونية العالمية، المشكلة الأصعب على النطاق الدولي، باعتبارها قضية غير تقليدية، وخاصة بعدما رفضت إسرائيل قرار الأمم المتحدة 194، والقاضي بحق اللّاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، حيث تواترت الاقتراحات، وتبعاً للظروف السياسية والميدانيّة، بأن يتم توطينهم بصورةٍ نهائية في مكان يتم الاتفاق عليه بين الدول المنخرطة في الصراع العربي- الإسرائيلي.
الدول العربيّة، والتي تم ترشيحها لاستقبال أولئك اللّاجئين، وخاصّة مصر، الأردن، لبنان، العراق، السودان، وغيرها، لم تتأخر عن موافقتها في احتوائهم، وكانت الدوافع إلى تلك الموافقة، هي العوائد الماديّة، والحصائد الاقتصاديّة، التي ستعود على الدولة المستقبلة، وسواء من حيث دفع الأموال إلى خزائنها،أو تلك التي ستستمر باتجاه تحسين ظروفها الاقتصادية والسياسية، والتي ستقوم الدول الكبرى والمُنظمة لعملية التوطين بالوفاء بها، وسواء من خلال إنشاء مشروعات (قوميّة) عملاقة، أو بمنحها امتيازات سياسية ودبلوماسية أخرى.
اعتاد الفلسطينيون على رفض أيّ أفكار أو مخططات توطينيّة متى تم الحديث بشأنها، لكن ذلك الرفض لم يكن عائقاً أمام تطوير أفكار ومخططات، والتي تتصل بحلّ القضيّة الفلسطينيّة برمّتها، والتي كان من أهمها، هو إنشاء دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء، وهناك من ذهب إلى أن المخططات والخرائط اللازمة لهذا الغرض، قد تم إعدادها منذ أزمانٍ سابقة، باعتبار منطقة سيناء، هي المرشحة الأفضل لاحتواء تلك الدولة.
واستناداً إلى الأوضاع السياسيّة والأمنيّة الراهنة، فإنه يمكن القول، بأن هذا الوقت، هو الأنسب لتحقيق تلك المخططات، كي تكون حقيقة واقعة، وذلك بناءً على انقطاع الأمل في تحقيق حلّ الدولتين، واليأس الكبير من الحصول على حق العودة أو أي أجزاءٍ منه، وفي ضوء حاجة المصريين الماسة لمثل ذلك الحلّ، وسواء من حيث الاحتياجات الاقتصادية، أو الدواعي الأمنيّة أيضاً وعلى نحوٍ هام.
فالاقتصاد المصري يحتاج إلى نقلة خياليّة، كي يقوم على ساقيه، سيما وأن البلاد تعاني أزمات لا حصر لها، ولا أمل في وقفها مستقبلاً، كما أن الأمن المصري لا يزال يرزح تحت حرب استنزافية، أصبحت مثاراً للقلق، إضافة إلى أن أي تحديث فلسطيني منفرد ضد إسرائيل، كالتوجه إلى مجلس الأمن بشأن تحديد موعد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة، أو مُقاضاة إسرائيل بشأن اقترافها جرائم حرب، يمكنه أن يؤدي إلى إشاعة العنف داخل الأراضي الفلسطينية، ليتدحرج نهاية الأمر إلى سيناء المكتظّة بالمواجهات اليوميّة الّدّامية.
إضافةً إلى ما سبق، فإن هناك مصادر إسرائيلية، تقول: بأن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، هو بنفسه الذي اقترح استضافة الدولة الفلسطينية، وذلك خلال لقائه السابق، مع الرئيس الفلسطيني “أبومازن” والذي بحسبه، وجود إمكانيّة التخلّي عن مساحة تقارب 1600 كلم2 لصالح الدولة، وطلب منه دراسة الخطّة بجدّية، وعلى عاتق (بدون سيناء، لا دولة فلسطينية). وبالمناسبة، فإن المساحة المعروضة والمحاذية لحدود قطاع غزّة، هي ذاتها التي تشهد أعلى نسبة انعدام أمن، وهي النسبة التي تُشجّع باتجاه التخلي عنها.
هذا المقترح، يُعتبر الأعلى قبولاً لدى جميع الأطراف المعنيّة، وذلك استناداً إلى ما لديها من أمالٍ حيويّة، تتفوّق بأضعافٍ مًتجددة على أي أزمات أو متاعب تابعة، وسواء بالنسبة لمصر أو واشنطن أو اللجنة الرباعية أو الجامعة العربية، أو الاتحاد الأوروبي، أو الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم، خاصةً وأنه سيتمخّض عن دولة مُعترف بها، وستجمع اللاجئين الفلسطينيين الراغبين في اللجوء إليها.
توجد أخطار في حال تم تطوير العمل بهذا الاتجاه، لكن الأطراف الرّاغبة في تنفيذه، لن تكون مستعدّة بالسماح لأي جهة وسواء كانت في الشرق أو الغرب،بأن تقوم بالإعلان عن تلك الأخطار أو عمّا يتصل بها، بسبب أن تلك الجهة، لن تكون مسموعة بأي حال.