هادي جلو مرعي / عندما بدأت المنظومة العربية التقليدية بالإنهيار إنطلاقاً من تونس ، قال المصريون ، إن الوضع مختلف في مصر ، وقال العقيد القذافي ، إن ليبيا غير تونس ، وبهذا صرح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح .
والحقيقة وبرغم إن الربيع العربي واحد إلا أن لياليه وأيامه مختلفة ، وما جرى في تلك البلدان وإن أدى الى نتيجة واحدة وهي سقوط الأنظمة الحاكمة وفرار أركانها وسجن وقتل عديد منهم إلا أن صورة الحدث كانت مختلفة ، فالجيش التونسي لم ينفذ أوامر بن علي الذي إختصر المسافة بين الكارثة ونقيضها وفر بطائرته ووفر على بلاده حمامات دم شهدتها بلاد أخرى.
وفي مصر تنحى الرئيس جانباً حين تأكد أن مصر التي ورثها عن السادات لم تعد طيعة وإن شبابها لم يعودوا مستعدين ليحفظوا للرئيس هيبته. الزعيم الليبي تشبث برمال الصحراء التي طاوعت الزعيم الفلسطيني الراحل يوماً ولم تطاوعه ، فقتل من شعبه الآلاف ووصل الى مرحلة السحل والشحط وعرضت جثته في براد ثم دفن في مكان سري وسط الصحراء .
الرئيس اليمني إستطاع بفضل حلفائه بدول الخليج أن يناور لأشهر وبخطة مشتركة بين مجلس التعاون الخليجي وسفراء غربيين ووسيط دولي خرج من الباب تاركاً الرئاسة ولقب الرئيس ثم دخل من الشباك حاملاً لقب (الزعيم). وكل هؤلاء الزعماء قالوا ، إن الوضع مختلف في بلاد كل واحد منهم لكن ظهر فيما بعد أن المعاناة واحدة والهموم واحدة والمصائب واحدة لكنها كالبيض بلون واحد وكل بيضة تطلى بلون مختلف فتتعدد ألوانها وتكون متعددة في نظر الناس .
الرئيس السوري بشار الأسد قال ، إن سوريا غير البلاد العربية التي شهدت ثورات وإحتجاجات وفوضى ، عندها سخر كثيرون من خطابه فقد رأوا من سبقوه بالإدعاء سقطوا وصاروا حكاية تلوكها الألسن. نجحت سوريا في وضع القوى العظمى والإقليمية في مواجهة خيارات صعبة ، فهي الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي تحتفظ بتحالفات غريبة ومثيرة ، ولعل تحالفها مع إيران خارج العمق العربي جعلها برغم تواضع قدراتها الإقتصادية تتحكم بمسار الأحداث على مدى ثلاثة عقود بدأت بزعامة الأسد الأب الى الآن حيث يقاتل الإبن من أجل البقاء، جاءت دمشق بحليف بغيض للعرب ووضعته في وسط المجموعة وتسلطت به على نظرائها .
هي حليفة مهمة جداً لروسيا التي لم تعد لها من إمكانية للسباحة في مياه المتوسط في حال سقوط نظام الأسد والقاعدة الوحيدة التي تصل إليها السفن الروسية في طرطوس وليس سواها من قاعدة عدا عن أشكال من المصالح تجعل من الموقف الروسي المتشدد ضد خطط الولايات المتحدة وحلفائها مبرراً تماماً . دون إستثناء الموقف الصيني ومواقف دول ومنظمات على الأرض تملك القوة والتأثير عدا عن حدود مع العراق ولبنان اللتين لا يمكن أن يكونا خارج دائرة محاولات إبقاء النظام السوري لأسباب موضوعية مرتبطة بطبيعة التوازنات الإقليمية والدولية.
ستستمر المعركة في سوريا وقد تصبح معركة كونية ، لاحظ أسماء الدول المشاركة (أمريكا ، روسيا ، الصين ، فرنسا ، بريطانيا ، إيران ، إسرائيل ، تركيا ، العراق ، لبنان، قطر ، السعودية). ودول أخرى .