الصحافة الاقتصادية :هي مرآة تعكس وضع اقتصاد البلد ومستوى المعيشة فيه…!!!
يعتبر الإعلام الاقتصادي فرع من التخصصية في الإعلام، وتمكن مهمته بنقل وتحليل وتفسير التغيرات الاقتصادية التي تحدث في المجتمع وتشمل الأفراد والأماكن والقضايا المتصلة بالاقتصاد، كما يشمل أيضاً تغطية أداء الشركات ونشاطاتها، ودراسة الاسواق والتغيرات التي تفرضها الازمات المالية والعسكرية والاجتماعية والطبيعية ، تحت هذه المظلة الإعلامية الاقتصادية، يبذل الكتّاب الاقتصاديون جهوداً كبيرة في البحث والتمحيص في ثنايا الأرقام والمناهج الاقتصادية للكثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص وفي حوارنا نحاول الاضاءة على ابرز المفاهيم الاقتصادية المرتبطة بحياة المواطن والمجتمع والتي تفرض نفسها على عمل الاعلام والإعلاميين و تخبرنا عن هذا الموضوع الاعلامية السورية والخبيرة بالإعلام الاقتصادي ايفلين المصطفى من خلال خبرتها وتجربتها الميدانية والبحثية التي تزيد عن 10 اعوام في مجال الاعلام المرئي والمكتوب والالكتروني في قسم الاقتصاد وعالم المال.
حاورها من بيروت د.خالد ممدوح العزي.
1-هلا تخبرينا عن افلين المصطفى ؟
إيفلين المصطفى خريجة قسم اعلام في جامعة دمشق عملت في المجال الصحفي المكتوب منذ عام 2003 البدايات كانت بنشر تحقيقات اجتماعية ثقافية بعد تخرجي من قسم الاعلام عام 2007-2008 عملت في وزارة الثقافة المكتب الصحفي نشرت عدة مقالات في الصحف والمجلات المحلية منها صحيفة الوطن السورية وصحيفة تشرين وجريدة قاسيون وموقع الاقتصادي وموقع الدومري وصحيفة الديار اللبنانية ومجلة الأزمنة مهتمة بالشأن الاقتصادي المحلي والعربي والعالمي .
2-ما هي اهمية الصحافة الاقتصادية وما دورها في الصحافة المتخصصة؟
للصحافة الاقتصادية دور مهم في الحياة لايقل أهمية عن السياسية ولا يمكن أن ننكر بأن خفايا التغيرات السياسية مرجعها اقتصادي بحت وبالتالي فإن الصحافة الاقتصادية هي مرآة تعكس وضع اقتصاد البلد ومستوى المعيشة فيه شريطة أن تكون ذات مصداقية لا أن يكون فيها تجميل للوقائع أو مغالاة بالأرقام والمؤشرات دورها كصحافة متخصصة أنها تمكن الصحفي من فهم مايتلقاه من مؤشرات وأرقام يلقيها عليه صاحب شركة أو مصرف أو وزارة مالية أو اقتصاد.
3- ما هي العلاقة بين الاقتصاد والصحافي ؟
حين يكون الصحفي متخصص في المجال الاقتصادي فهو قادر على ايصال المعلومة بالشكل الصحيح والمبسط وكشفها سواء كانت صحيحة أو مبالغ بها ولو تمحصنا بما يقوم البعض من الصحفيين غير المتخصصيين بالمجال الاقتصادي أثناء نقلهم للمعلومة لاكتشفنا العديد من الأخطاء التي تحول الصحفي لناقل ويتوجب على الصحفي أن يكون متخصص بما يكتب كي لا أن يكون مجرد ناقل بل ناقد أيضا .
4- هل الصحافة الاقتصادية لها امل بالمستقبل في بلادنا العربية ؟
أعتقد نعم لها أمل بالمستقبل وإلا لما وجدنا أن الدول العربية بات لها مؤشرات في أسواق المال لكن ينقصها أن تكون أكثر عمقاً وتحليلاً وأن تكون لديها حرية كشف مواطئ الخلل ، لا أن تتحول الصحافة الاقتصادية إلى علاقات عامة وبزنس .
-5 هل حوارك مع المحلل الاقتصادي د.نادر الشيخ الغنيمي هو الذي دفعك نحو البحث والتعمق في الصحافة الاقتصادية؟
بالطبع نعم لأنني حينما التقيت المحلل الاقتصادي أول مرة كنت قد أخذت تصريحا منه لم أقم بنشره ثم التقيت به مرة ثانية أثناء لقاءه مع إحدى الزميلات وسألني حينها إن كنت قد نشرت المقال فكانت إجابتي له أني لم أنشره لعدم فهمي الكامل بما كتبت وشرحت له مشكلتي بأني أرغب بالتعلم أو أن أجد مرجعاً يعلم الصحافة الاقتصادية حينها قال لي أنه لايوجد كتاب يعلم كل شيء بل يوجد أبحاث ومواضيع يتوجب متابعتها والبحث فيها وبالفعل أخذ بيدي واحترم عدم معرفتي بأنه منحني علماً بالصحافة الاقتصادية أشعر اليوم أنني كالطفل الذي تمكن من فك الحروف وبدأ يعرف القراءة والكتابة
-6 ما هي الف باء الحصافة الاقتصادية ؟
ألف باء الصحافة الاقتصادية هو أن يعلم الصحفي ما هو علم الاقتصاد وما هي مفاهيمه وأهمية الرقم وكيفية التعامل فيه إضافة لادراك حركة أسواق المال وكيف نشأ المال وما المقصود بالمصطلحات الاقتصادية ليتمكن من طرح السؤال وإغناء النقاش الصحفي الاقتصادي وبالطبع هذا كله يحتاج لدراسة وبحث .
7-اشرحي لنا عن الازمات المالية العالمية ؟
أعتقد أن الجواب على هذا السؤال بحاجة لصفحات أطول لكن سأعرج على أهمها أزمة الرهن العقاري حيث شكلت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2007 الشرارة الأساسية لانفجار الأزمة المالية العالمية، فقد ساهم ارتفاع أسعار العقارات في أمريكا منذ عام 1997 بمعدل سنوي 12.4% بتعزيز المعتقد لدى الناس أن أسعار العقارات مستمرة في الارتفاع, وساهم في ذلك معدل الفوائد المنخفض.منح الارتفاع المستمر للأسعار حافزاً للمقترضين بتسديد أقساطهم، ما أدى لانخفاض معدل عدم تسديد القروض .وأدى التنافس بين المصارف إلى تبسيط شروط منح القروض، ساعدها في ذلك فرط السيولة المالية، وانخفاض معدل الفائدة، وقلة الريع على سندات خزينة الدولة، مما دفع البعض إلى الاستثمار في قطاعات ذات ريع أكبر مع مخاطر أكثر. من نتائج هذه الأزمة إنعدام الثقة بين المصارف، والاحجام عن إقراض بعضها البعض وانخفاض السيولة المالية، بالرغم من الضخ الهائل لمئات المليارات من الدولارات في النظام المصرفي وتخفيض الفوائد من قبل المصارف المركزية في معظم أرجاء العالم، مبينةً هشاشة النظام المصرفي الذي بات يحتاج لتغييرات جذرية واسعة وحقيقية.
وأحدث أزمة هي أزمة العملات في الأسواق الناشئة التي تصيب الآسواق حاليا التي كان سببها اعتماد الأسواق الناشئة على المال السهل وهو مايعرف بسياسة التسيير الكمي الذي تقوم به الولايات المتحدة عبر البنك الفيدرالي فكان أن تسبب قرار تقليص التسيير الكمي بأحداث اضطرابات بعملات الأسواق الناشئة إضافة لنزوح أموال المستثمرين من تلك الاسواق بفعل الاضطرابات الداخلية قد يتساءل البعض ما هو القاسم المشترك بين أسواق الدول الناشئة وأسواق الدول المتقدمة، إن سبب حديثنا عن الولايات المتحدة لكون عملتها المحلية (الدولار) العامل الأساسي المؤثر على حركة العملات في أسواق الدول الناشئة.
وفي ظل ما تتعرض له تركيا من اضطرابات سياسية جراء فضائح الفساد التي عصفت بهيكل الحكومة التركية شهدت الليرة التركية انخفاضاً حاداً وُصف بالتاريخي لتسجيلها مستويات دنيا، وخلال عام ارتفع الدولار أمام الليرة التركية 37%، أسباب ذلك الانخفاض لليرة التركية عالمية ومحلية، الأسباب العالمية هروب الأموال من اقتصاديات دول الأسواق الناشئة مثل تركيا والبريكس إلى اقتصاديات الدول الغنية، جميع دول الأسواق الناشئة عانت ما يقارب 20% فما فوق من انخفاض عملتها، في تركيا العامل المحلي والاضطرابات أضافت 15% تقريباً على انخفاض قيمة العملة، وكعادتها اكتفت بعض وسائل الإعلام ذات اللون الواحد بتسليط الضوء على انخفاض الليرة التركية، وتأثير ذلك على الاقتصاد التركي، في حين أن الأمر لم يقتصر على تركيا، بل أن ما حدث من اضطرابات في سوق العملات أصاب عدداً من الدول غير تركيا فمنذ 22 كانون الثاني من العام الحالي، انخفضت قيمة البيزو الأرجنتيني بنسبة 14٪-;- مقابل الدولار مما جعل السلطات تعلن أنها خففت من الرقابة على تنقل رؤوس الأموال، قد يكون الهبوط الأكثر دراماتيكية بين عملات الأسواق الناشئة في الأيام الأخيرة ، لكنها ليست الوحيدة، امتد الهبوط من تركيا إلى جنوب إفريقيا إلى الهند، وقد انخفضت قيمة عملات هذه الدول مقابل الدولار الأمريكي بنسب تراوحت بين 10 و20٪-;- من قيمتها منذ شهر أيار العام الفائت عندما تلفظ بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، بكلمة “تخفيض” كرمز للحد من شراء السندات الأمريكية بموجب تقليص سياسة التسهيل الكمي، ما تسبب بحدوث مخاوف هددت أركان الأسواق الناشئة التي تعتمد على المستثمرين، فمثلاً تعاني جنوب إفريقيا وتركيا من وجود فجوة هائلة في العجز في الحساب الجاري في حين تعصف بأوكرانيا وتايلاند احتجاجات سياسية. أما البرازيل فهي هي عرضة للتأثر بتباطؤ النمو الصيني، في حين إن الأرجنتين بدأت تعاني من شح الاحتياطيات الدولية لدعم عملتها البيزو.
وكما هو متعارف عليه بأنه عندما تبدأ الأسواق بالسقوط، فإن العدوى تكون دائماً مصدر قلق لبقية الأسواق.
8-افلين المصطفى كيف ترى حالة النمو الاقتصادي في الوطن العربي ؟
للأسف إن حالة النمو الاقتصادي في الوطن العربي سيئة خاصة أنه يعتمد على الاقتصاد الريعي وهي مشكلة الاقتصاد في الوطن العربي الذي تمنعه من الاستفادة من الثروات الطبيعية التي يملكها مايتسبب بحدوث تأخر في النمو إضافة لما يعانية من تفشي للفساد والهدر وعدم استغلال الموارد بشكل جيد هذا إذا ما قارنا بلدانا بذات الأعمار من نشأتها فمثلا يكفي أن نقارن بين مصر ونيودلهي فإنه من الصعب التخيل أن حكومة مثل مصر، كانت في الماضي نداً لحكومة نيودلهي وكان لهم دور قيادي جيو سياسي يلعبانه في حركة عدم الانحياز
كما إنه من المفارقات أن قائمة البنك الدولي لأفقر 40 دولة في العالم، تحتوي فقط من الدول العربية جزر القمر وموريتانيا والصومال وهم أعضاء في الجامعة العربية، حيث لا توجد منطقة في العالم تعتمد اقتصادياتها على الاقتصاد الريعي ( التوظيف والرواتب ) كمنطقة الشرق الأوسط.
9- انت الخبيرة والعاملة في الاعلام الاقتصادي صفي لنا حالة الاقتصاد السوري والى اين تسير الاوضاع الاقتصادية بظل الحرب والتدمير الداخلي ؟
الاقتصاد السوري للأسف سارع قبل حدوث الأزمة السياسية للركوب في قطار الأزمة الاقتصادية عبر عدة قرارات اقتصادية كان قد تم اتخاذها ساهمت في منع الاقتصاد السوري من تحقيق تقدم ملحوظ ولعل المؤشر الذي يمكن لأي مراقب متابعته وكشف اتجاه الاقتصاد السوري هو العملة أي الليرة السورية وسعر صرفها مقابل الدولار سنوات قبل الأزمة اتبع القائمون على السياسة النقدية سياسة الحفاظ على سعر صرف الليرة مقابل الدولار بطرق وهمية الأمر الذي فاقم المشكلة أثناء الأزمة الاقتصادية فبات من الصعب تجاهل وجود أكثر من سعر صرف لليرة وبعكس الاتجاه الذي كان سائدا لدى الدول الأخرى من خلال مايعرف بحرب العملات التي تغير اتجاهها وأصبحت الحرب هي بتخفيض العملة المحلية لانعاش الاقتصاد الداخلي فقد أصر القائمون على الاقتصاد الاستمرار بسياسة رفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار وهذا أمر لم تنجح فيه ما ساهم بإضعاف القدرة الشرائية لليرة السورية.
جميع وسائل الاعلام تردد ما يقوله القائمون على السياسة النقدية أن سعر الصرف الليرة مقابل الدولار ثابت ولم يتجاوز 150 ليرة إلا في حالات استثنائية لكن السؤال المهم مالفائدة من تثبيت سعر الصرف إن كان المواطن السوري لايتعامل بالدولار في حياته اليومية ومالفائدة أن يكون هناك سعر صرف ثابت مقابل أسعار سلع تتضاعف أسعارها بين ليلة وضحاها لدرجة أن ما كنا قادرين على شراءه بقيمة 10 آلاف قبل الأزمة أصبحنا اليوم غير قادرين على اقتناءه
ولا ننكر أن الحرب والتدمير الداخلي أضر بالاقتصاد السوري بشكل واضح وبات الاقتصاد في الهاوية وعدم الاعتراف بالواقع أعتقد أنه يزيد الطين بلة فحتى نخرج من الأزمة علينا الاعتراف بوجودها والبحث عن حلول لإنهاءها والأمر ينطبق على واقع الاقتصاد السوري الذي بات بحاجة لمصارحات وتغيير في السياسة الاقتصادية المتبعة التي تحمل عقلية الاحتكار ومحاباة الفاسدين وهذا كله على حساب جيوب المواطن السوري.