اوكرانيا والمأزق الكبير.. و48 ساعة التي هزت روسيا
16 مارس, 2014
أخبار أوكرانيا, الأخبار, ثقافة و فنون, مقالات
د. خالد ممدوح العزي / من يتابع المشهد الاوكراني والذي تسنى له مشاهدة خطاب يوليا تيموشنكو في ميدان الاستقلال وسط العاصمة فورا اطلاق سراحها من المعتقل في . يرى جيدا بان المشكلة الاوكرانية ذاهبة نحو التصعيد ، فالقرار الذي تم اتخاذه من قبل البرلمان بمنع التحدث باللغة الروسية حتى في الشارع تحت العقوبة والسجن . فالمتابع يرى بان القوة المتعصبة تسيطر على الشارع بواسطة التهديد العلني . وأوكرانيا ذاهبة نحو الحرب الاهلية ، لقد وجه المعترضون رسالتهم حتى الى يوليا تيموشينكو بأنها تتحمل مسؤولية تدهور الوضع الاوكراني جانبا الى جانب مع جماعة الرئيس فيكتور يونكوفيتش .
طبعا القرارات التي تم التوافق عليها بواسطة البعثة البرلمانية الاوروبية تم الانقلاب عليها من قبل المعارضة التي اتهمها الرئيس بعصابة مجرمة اتمت السيطرة على الدولة . المعارضة انقلبت على الاتفاق وانتخبت رئيس برلمان من المعارضة وسارعت الى اقرار قانون عزل الرئيس فيكتور ياونوكوفيتش من الرئاسة و تكليف رئيس البرلمان بالرئاسة مؤقتا. والبت السريع بتكليف ارسيني ياتسنيوك رئيس حزب الوطن المعارض برئاسة الحكومة الجديدة .
فالرئيس الاوكراني الذي وافق على كل الاجراءات المتعلقة بانتقال السلطة بالطريقة الدستورية، ربما لأنقاض بلده من اتون حربا داخلية وهدر دماء الشعب في الشوارع وخاصة ان الجيش الاوكراني هو جيش وطني ، هو من حسم الوضع بعدم تدخله في الصراع ،والنقطة الثانية هي حالة الشعب الاوكراني الذي سئم من سياسات البرتقاليين والزرق وفسادهم وحالة الرشوة التي تعاني منها البلد ، ومدى الانهيار الاقتصادي التي وصلت اليها ألبلاد. لكن بعد وصول يانوكوفيتش الى روسيا وطلب الحماية منها ،اعتبر ان المعارضة مارست انقلابا على الدستور وعدم تطبيق الاتفاق المبرم معها. حيث اتهمها الرئيس بعصابة مجرمة اتمت السيطرة على الدولة… وابتعدت عن الالتزام بالنقاط التي تم التوافق عليها بواسطة البعثة البرلمانية الفرنسية البولونية والألمانية .
طبعا الاجراءات والقرارات التي تم توقيعها من قبل المعارضة وغير المتفق عليها تعني انقلابا على الاتفاق الذي وقع عليه الرئيس والذي كان جاهزا بالأصل لتنفيذ كل المطالب وخاصة بغياب الرعاية الروسية لهذا الاتفاق . لكن يبقى الامر غير قانوني وجدلي طالما الرئيس الفار لم يوقع على الاتفاق مما يعد انقلابا على الدولة وبالتالي الحالة الشعبية الشرقية الجنوبية الموالية لروسيا بدأت تحركاتها السريع ، وكانت “جزيرة القرم” اولى مسارح تحركاتها، وكانت مطالبتها العلنية بالانضواء تحت سيطرة روسيا ، احتلت المباني الحكومية من قبل المتظاهرين و رفعوا عليها العالم الروسي .
الروس الذي يجرون مناورة عسكرية كبيرة على حدودهم الغربية و تستمر حتى 3 اذار \ مارس القادم . تحاول روسيا من هذه المناورة ابلاغ الجميع بان القوة العسكرية هي خيار من الخيارات العديدة التي تفكر روسيا فيها لحماية مصالحها القومية في اوكرانيا . الفوضى تسيطر على الشارع الاوكراني الذي بدأ يخرج عن سلطة القيادة الجديدة. اعمال الشغب والانتقام تتصاعد بحق انصار الرئيس، ممارسات غير طبيعية يمارسها انصار الغرب ضد الكنائس والتماثيل السوفياتية و اخرها انتزاع النجمة الخماسية عن البرلمان”الرادوغا” الاوكراني، التي ترمز الة الحقبة السوفياتية ، السلاح متواجد وبكثافة مع الغربيين” سكان غرب اوكرانيا” .
بظل نمو حالة التطرف والتعصب والقومي في الشارع سيدفع بأنصار روسيا بالرد والمواجهة في المناطق التي يسيطرون عليها مما يدفع البلاد الى نوع من الاقتتال الاهلي وربما تكون خطة قد وضعت من اجل اجراء معارك في اوكرانيا يتم المساومة عليها مع روسيا لاحقا .
اوكرانيا التي تنقسم بين مكونات مختلفة تسيطر عليها نزعات مذهبية من الارثوذكس والكاثوليك فالارثوذكس من الذي يؤيدون روسيا تاريخيا وقاتلوا الى جانبها في الحرب الوطنية العظمى ، والكاثوليك هم من قاتل ضد روسيا ووقف مع هتلر والنازية وعذب وقتل من الشرقيين لان انتصار روسيا منعت حدوث اعمال انتقامية لكن نار الحقد لا تزال تحت الرماد فالغربيين الذين يتوجوها دوما الى اوروبا وتحديا المانيا للحماية والانتماء ،عكس الشرقيين المرتبطين تاريخيا بروسيا والإمبراطورية الروسية ومنذ تأسيس دولة كييف-روس منذ اكثر من 1025 عام . فالغربيون يشكلون حوالي 23 % من سكان اوكرانيا وبالتالي يعيشون في مناطق الغرب القريبة من بولونيا والتشيك ،مناطق فقيرة تعتمد على الزراعة والصناعات الخفيفة .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف سيتقبل اهل الجنوب والشرق سيطرة الغربيين على الدولة وسرقتها مجددا بالوقت الذي كانت لهم تجربة فاشلة معهم في فترة حكمهم التي اسقطتها تصرفاتهم وانشقاقاتهم وأجنداتهم الاجنبية . لكن ما هو دور الكتلة البرلمانية الكبيرة التي تمثل الرئيس وجماعة روسيا ،وبحسب اراء المطلعين الروس على الاوضاع الاوكرانية بان البرلمانيين موجودين تحت الاقامة الجبرية من قبل جماعة الغرب التي اضحت عصابة مسلحة تفرض كل مطالبها بقوة السلاح وتحاول انتزاع قرارات برلمانية لا يمكن العدول عنها لاحقا بحل حصول انتخابات رئاسية او برلمانية في حال حصولها بظل هذا الوضع المتأزم .
امام هذه التغيرات التي عصفت بأوكرانيا والتي كانت صاعقة كبيرة على روسيا ودبلوماسيتها وشعبها من خلال هذا التصرف التي اعتبرته روسيا تدخلا سافرا في شوؤن اوكرانيا والتي كانت تدافع عن تصرفات النظام السوري تجد نفسها في اوكرانيا بأنها من سيخترق القانون والأعراف الدولية للحفاظ على مصالحها القومية . مما دفع بوزير خارجية روسيا سرغي لافروف مطالبة نظير الامريكي جون كيري بالعودة الى تطبيق اتفاق 21 فبراير والمشاركة في تنفيذ الاتفاق .
روسيا لم تتدخل بقوة في الأزمة الأوكرانية، لان القيادات الأوكرانية المتعاقبة ، بما فيها مجموعة يانوكوفيتش ـ رفضت الارتهان كليا لموسكو.
رفضِ تلك القيادات الارتهان لموسكو، لم يكن مَرَدّه لكبرياء شخصي، أو لعزة وطنية… لا ! بل لخوف تلك القيادات من استفزاز مشاعر غالبية الأوكرانيين. نعم، منذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي أصبح الشعب يحسب له حساب…في هذا البلد الكبير والذي يعتبر ثاني قوة اوروبية من حيث الكتلة البشرية والعسكرية.
لكن يبقى الشيء المهم في حياة اوكرانيا القادمة من الذي سينقذ الاقتصاد الاوكراني المفلس والذي يصل الى من 80 مليار دولار ، ويتحمل اعباء المرحلة القادمة بظل الحالة الاقتصادية الخانقة على الصعيد الدولي . وهل اوروبا مستعدة لتامين هذا العجز المالي ، فالمصالح الاقتصادية والمالية للدول اهم تطلعات الشعوب .فالأيام القادمة هي ستشرح عن الاتفاقيات والمحادثات السرية التي لم يعلن عنها من اجل تسير المصالح وليس الحرية والديمقراطية ..
كاتب وإعلامي مختص بالإعلام السياسي والدعاية