%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF أوكرانيا

اوكرانيا صراع الكبار : تظاهرات وتظاهرات مضادة تعيش على ايقاعها الساحات الصغيرة…!!!

لا تزال اوكرانيا تفرض نفسها على حلبة الصراع الدولي وفقا لمواقف الدول المعنية بأوكرانيا وتأمين خالد أوكرانياخطط  في تقريب وجهات النظر المختلفة بين الافرقاء الداخليين والحكومة التي تحمل اعباء فشل الغرب في توقيع الاتفاقية الاقتصادية معها .وبظل التصعيد في الشارع واستخدامه من اجل الضغط على الشارع المقابل تخرج روسيا بمبادرة سريعة من خلال رئيسها “فلاديمير بوتين” وتقديم قرض مالي كبير لأوكرانيا مقرونا بعقود واتفاقيات كثيرة اهمها تخفض سعر الغاز، بظل غياب اوروبا عن المشهد وكأنها تقدم اوكرانيا هدية من فضة للروس على حساب وطموح الشعب الاوكراني الهادف الى التغيير وبناء الديمقراطية والوصول الى عادلة اجتماعية تستضيف الميدان شخصيات امريكية وغربية وتقوم بالهتاف بدل السعي الفعلي لتامين مخرج مشرف للدولة والمعارضة  من المأزق التي تعيشه الحياة السياسية الاوكرانية ،فإنها تعمد الى تعميق المأزق وتجسيد الخلاف وكأنها تحاول تجسيد فكرة التقسيم الاجباري على اوكرانيا  في التهرب من الحل الفعلي الذي تطلبه الدولة الاوكرانية التي تعيش تصفية حسابات روسية وغربية وحسابات داخلية بين القوى السياسية التي تعاني من ازمة ثقة بينها وبين الشعب الاوكراني نتيجة حالة الفساد وتفاقم الازمة الاقتصادية عن هذا الموضوع يحدثنا الاستاذ في العلاقات الدولية والكاتب الاعلامي خالد ممدوح العزي .

حاوره من موسكو  مصطفى ميعاري خاص لموقع اوكرانيا اليوم …

هل يمكن ان توضح لنا اسباب الثورة الجديدة في اوكرانيا؟؟؟

الاحتجاجات والتظاهرات في اوكرانيا اليوم هي ردة فعل طبيعية وثورة غضب وناقصة  من قبل فئة من الشعب الاوكراني المنقسم عاموديا على عدم توقيع اتفاقية الشراكة بين بلدهم وأوروبا ، طبعا لم تمنع حرارة الطقس المتدنية للمتظاهرين الأوكران من النزول الى الشوارع ضد الحكومة الاوكرانية مطالبين بتحقيق مطالبهم الاقتصادية والسياسية وكذلك الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وهذا المطلب الاخير يواجه بقوة او بضغط كبير من قبل روسيا الاتحادية التي “تعتبره يمس بأمنها القومي وان كان ” يغلف” باحتجاجات ذات طابع اقتصادي” .

  هذه الحركة الاحتجاجية استخدمتها المعارضة البرتقالية وتحاول توظيفها لحسابها الخاص  داخليا وخارجيا استعدادا للانتخابات القادمة في العام 2015، وهذه الحالة ما هي إلا ردة فعل ظاهرية للجماهير الاوكرانية الغاضبة على الحالة  التي تعيشها اوكرانيا بظل سلطة الرأسمال  والفساد والرشوة وضيق فرص العمل وحالة الافلاس التي تعاني منها اوكرانيا . فكانت ردة فعل الحكومة تكمن بعملية الرد القاسي والقمع للمتظاهرين، مما ادى لوقع عشرات الجرحى بين الطرفين مما زاد الطين بلة، واكسب المتظاهرين عطفا خاص بسبب عمليات القمع التي احرجت الدولة والحكومة دوليا ومحليا والتي اضحت ورقة جديدة لابتزاز الدولة الاوكرانية عالميا لمعاقبتها.فالغرب الذي سارع الى تأيد الحركة الاحتجاجية  و استخدامها للضغط على الحكومة من اجل انتزاع مطالب للحركة الاحتجاجية وتساعدها في تحسين وضعها  وخاصة من قبل الشخصيات الغربية التي زارت الميدان في محاولة لتحميل  الرئيس “فكثور يانوكوفيتش” مسؤولية عدم التوقيع  من اجل الدفع بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ربما يستطيع الغرب بعدها انتاج شخصيات برتقالية جديدة ضعيفة تلبي شروطها  وهي تحاول ابرز زعيم حزب الضربة “فيتالي كليشكو”  الى الواجهة مما عكس ردة  حزب الاقاليم الحاكم قد قام بحشد الالاف من المواطنين تأييداً للرئيس” يانوكوفيتش” والحكومة الاوكرانية وأيضا تأييداً لعودة العلاقات الروسية الاوكرانية الى سابق عهدها.

اذاً،تظاهرات وتظاهرات مضادة تعيش على ايقاعها اوكرانيا اليوم، والكل يدعي الحقيقة في مطالبه. وكانت السلطات الاوكرانية قد علّقت عملية التحضير لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي  الذي كان من المتوقع ان يتم توقيعه على جدول اعمال قمة في “فيلنيوس الليتوانية”  في 27 -28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بحسب مرسوم اصدره رئيس الوزراء “ميكولا ازاروف”.

ما هو دور الغرب في الازمة  الذي هو اصلا جزءا منها ؟؟؟

اخفق  المفكر الامريكي زيغنيو بريجنسكي بالقول :”بان اوكرانيا ما بين عامي 2005-2010  والذي تم استعرضه في كتابه “رقعة الشطرنج الكبرى الصادر في عام  1997  وعلى اوكرانيا ان تصبح جزاءا من اوروبا وبخاصة اذا حققت تقدما هام في اصلاحاتها الداخلية وجعل نفسها  ذات  هوية اوروبية،  أي الى  الانتماء الى اوروبا الوسطى والتي هي  مستعدة للتفاوض معها بجدية.

فالغرب هو الذي  تراجع امام ضغط موسكو المتزايد على اوكرانيا وتركها وحيدة مفضلا المحافظة على مصالحه الاقتصادية الخاصة التي تربطه مع موسكو وعدم الدخول في مواجهة  ضمانا لمصلحته، وعدم توطيد موطئ قدم جديد لأمريكا في اوروبا على حساب المصالح الاوروبية ، وبالتالي فضل الغرب ترك اوكرانيا وحيدة تواجه ابتزاز موسكو مكتفيا باحتضان البرتقاليين، وترك باقي الشعب الاوكراني، هذا ما اشار اليه الرئيس البولندي فور انتهى القمة الاوروبية بقوله: اوروبا اخفقت في التفاوض مع كييف من خلال اصرارها على اطلاق يوليا تيومشنكو من السجن كتحقيق لمطالب البرتقاليين فقط وترك الشعب. فالاتفاقية كانت معروضة  للنقاش منذ شباط \فبراير عام  2004 وحتى هذا التاريخ الغرب لم يفعل أي شيء لا نجاح  الشراكة،  وبخاصة بعد الثورة البرتقالية في عام 2005 ووصول اصدقاء الغرب الى السلطة .

طبعا هذا الشيء ازعج الحكومة ودفعها في التلكؤ وعدم توقيع الاتفاقية ، ولكن الشيء المميز هو عدم تحمل الغرب لمسؤوليته امام اوكرانيا ومساعدتها على مواجهة الابتزاز الروسي وتحديدا المالي و تقديم قروض سريعة تنعش الاقتصاد الاوكراني العاجز عن الاستمرار. فالزيارات السريعة الذي يقوم بها شخصيات غربية للميدان لن تحل الازمة. وكذلك تحميل الرئيس الاوكراني  مسؤولية عدم توقيع الشراكة لن يدوم كثيرا ،فأوكرانيا بشخص رئيس وزراءها “ميكولا ازاروف”  حدد خارطة طريق صريحة لإنهاء الازمة في 11 ديسمبر\كانون الاول فأوكرانيا تحتاج إلى عشرين مليار يورو من المساعدات الأوروبية لتوقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي يحد من انعكاساته على اقتصادها الذي يعاني من مشاكل كثيرة قد تنتهي بإفلاسها.

فالقصة في اوكرانيا ليست قصة اتفاق شراكة كاملة مع الاتحاد الاوروبي يريده الشعب ويرفضه يانوكوفيتش الذي كان الأوكرانيون يتخوفون من ان يوقّع في موسكو على الانضمام الى الاتحاد الجمركي الذي ترأسه روسيا، بل هي قصة اختيارات متناقضة لكنها اعمق وأهم، لأنها تتجاوز موضوع الشراكة والتبادل التجاري لتطاول نمط الحياة، بمعنى هل تواصل اوكرانيا التحليق في الفضاء الروسي الذي خبرته طويلاً ام تتجه الى التحليق في الفضاء الاوروبي الذي يعني دخول بيئة الديمقراطية الغربية.

ما هي الوساطة الاوروبية الجديدة وهل تنفع في اعادة اوكرانيا الى الحضن الاوروبية؟؟؟

تحاول اوروبا التوصل الى نوع من المصالحة الداخلية الاوكرانية كوسيط في حل الازمة،  والهدف ليس حل الازمة بل ربما تحاول الحصول على اعتراف روسي وأوكراني بوجود ها القادم في اوكرانيا وهذه الوساطة التي تحاول اوروبا التوصل لها من خلال عدة سيناريوهات :

1- اعداد خريطة طريق لتنفيذ اتفاق الشراكة شرط على أساس أن تتعهد كييف “صراحة” بتوقيعه كما

صرح  ستيفان فولي، المفوض الأوروبي المكلّف بسياسة الجوار بعد اجتماع مطوّل مع نائب رئيس الوزراء الأوكراني سيريي أربوزوف في12 ديسمبر 2013 .

2- محاولة الغرب من الضغط بواسطة الشارع من اجل التوصل الى اتفاق  بين الجميع يعمل على اعادة الانتخابات البرلمانية والرئاسية وبالتالي  التوصل الى انتخاب رئيس جديد  يكون ضعيف يتم ايصاله الى الرئاسة  وإيصال كتلة انتخابية جديدة  مهمتها توقيع اتفاق الشراكة مع اوروبا حسب  شروطها لخاصة التي تحول القادة في اوكرانيا الى دمية بيد اوروبا وخاصة رئيس ضعيف عكس يانوكوفيتش على شكل “فتالي كليشكو” احدى زعماء الميدان الجديد الذي يتم ابرازه كوجه مقبول اوروبيا .

3- التفكير الجديد بطرح سيناريو التقسيم الذي تم تداوله في العام 2005 وهذا السيناريو جدا قديم قبل توحيد دولة اوكرانيا  الحديثة .

 

فهذا السيناريو مكلف للغرب جدا بشق اوكرانيا الى جزاءين فالشق الغربي هو القسم الفقير والذي يعتمد على الزراعة و الذي على الغرب اعادة تنميته من جديد بظل اقتصاد اوروبا  العاجز .

4-  السيناريو  والذي يذهب على الأرجح بترك اوكرانيا للمخالب الروسية والابتزاز الذي فرضته روسيا  على الغرب .

 طبعا هذا ما تفرضه  لعبة الامم والمصالح الدولية والمصالح الخاصة الذي يتم القفز  فيها فوق الديمقراطية والسيادة والطموحات الشعبية التي تحددها وتفرضها الاموال والمصالح الذاتية ،وبالتالي اوروبا تعي جيدا ان الخلاف مع روسيا سوف يضر بمصالحها ويعرضها للخطر.

 وأوروبا لا تريد ان تساعد اوكرانيا على حسابها الخاص او توسيع اقدام امريكا في القارة الاوروبية على حساب القرار الاوروبي .

ما هو دور روسيا القادم في الازمة القادمة؟؟؟

لكن الرد الروسي جاء سريعا  بعد لقاء الرئيس فلاديمير بوتين – فيكتور  يانوكوفيتش  في 16 ديسمبر 2013 بأن روسيا قررت استثمار  15 مليار دولار في السندات المالية بهدف دعم الميزانية الأوكرانية بعد توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية والأبرز منها  كانت اتفاقية خفض سعر شراء الغاز الروسي القادم لأوكرانيا الى 268.5 دولار مقابل ألألف متر مكعب على اساس التوصل فيما بعد الى اتفاقيات طويلة الأجل بخصوص تصدير الغاز الى أوكرانيا وضمان نقل الغاز الروسي الى أوروبا بدون أي توقف. والاتفاق على تنسيق الخطوات على ساحة السياسة الخارجية بشكل أوثق، وقبل كل شيء فيما يتعلق بمسائل الاستقرار الاستراتيجي والأمن في أوروبا والتصدي للتحديات العالمية. وهذه الخطوات ستتيح المجال لاحقا بانضمام اوكرانيا الى الاتحاد الجمركي المؤلف حاليا كل  من “روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان” .

كيف سينعكس التحاق اوكرانيا بالاتحاد الاوراسي وما موقع الدول الاخرى في الاتحاد السوفياتي السابق؟؟؟

السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع  فما هي مكاسب  اوكرانيا والاستفادة  من الدخول في  الاتحاد الجمركي الاقتصادي  مع الاوراسي ، فالاستفادة الاوكرانية من الشراكة الاوراسية تكمن بالتالي:

1-تأمين الغاز من روسيا بأسعار جيدة  تساعد الانتاج الاوكراني على المنافسة لان المعامل والمصانع تعمل على غاز.

امامها .  فتح اسواق جديدة في روسيا وكل دول الاتحاد الاوراسي والشرق وأوروبا 2-

 

تامين اماكن وفرص عمل جديدة لليد العمل الاوكرانية في اوكرانيا وروسيا

4-حل مشاكل المواطن الاوكراني الذي يعاني من ارتفاع المعيشة والتدفئة الذي يفرضها ارتفاع سعر الغاز وربطه بالسعر العالمي بظل ازمة كيف الاقتصادية

. تامين قروض سريعة من روسيا تساعد الاقتصاد الاوكراني على الصمود والتنفس 4-

دخول رأسمال روسي قوي الى اوكرانيا يعمل على الاستثمار السريع وتعزيز الصناعة الوطنية 5-

6-الدخول في شراكة مع روسيا في اطار التصنيع التكنولوجي والحربي مما يساعد اوكرانيا على النهوض مجددا.

7-تعويم الصناعة الاوكرانية والتجارة الاوكرانية والسياحة من خلال فتح الابواب لها وعليها من قبل الدول التي ستكون اعضاء في الاتحاد الجمركي.

انتصار للمواقف الاوكرانية السلافية التي تحاول الارتباط بالشرق وليس بالغرب 8-

 10-ضمن العمل لكافة الفئات الاوكرانية في تنشيط الدولة وخاصة في مناطق الشرق ذات التوجه الروسي وأصحاب الاموال والصناعة.

كيف سترد امريكا على انتصر روسيا في اوكرانيا؟؟؟

فالروس هم من الذي انتصر في اوكرانيا  وهم من فرض شروطهم على الغرب  وهم  من حدد ورسم  طريق اوكرانيا الذي كان رئيسها يطمح لان تكون بلاده جسرا للعبور بين اوروبا والاتحاد الاوراوسيا  لكن روسيا التي لا تعترف بهذا التوجه والذي حدد  موقفها  وزير خارجيتها  “سيرغي لافروف ” بوصفه  لموقف الدول الغربية المؤيد للمتظاهرين ضد حكومة يانوكوفيتش بأنه يفتقر الى الحياء، معتبراً ان قمع المتظاهرين ومحاولة سحق حركتهم “حدث طبيعي” ، لأن الحكومة ترفض التوقيع على اتفاق الشركة مع الاتحاد الاوروبي وليس من حق الغرب التدخل في الشؤون الداخلية الاوكرانية

في اعتقادي ان الرفيق لافروف كان رحوماً لأنه لم يصف المتظاهرين الاوكرانيين بالإرهابيين كما فعل حيال السوريين، ولم يدع الحكومة الى سحقهم بالقنابل البرميلية وبالأسلحة الروسية، رغم انه يعرف تماماً ان “اوكرانيا اوروبية” لن تلبث ان تهب رياحها لتجتاز الحدود ناقلة “العدوى”الى داخل روسيا. فالمشكلة مع روسيا تختلف عما كان عليه الوضع عام 2005  وبظل سياسة بوش الجهنمية التي كانت تفتقد روسيا للشجاعة والمال .

ومن هنا لم يكن المعتصمون في كييف في حاجة الى هتافات “جون ماكين” الذي سبق له ان دخل الى سوريا مؤيداً الثورة، حيث قال للأوكرانيين” قدركم ان تكونوا في اوروبا” ، فأوكرانيا ستكون افضل مع اوروبا وأوروبا ستكون افضل مع اوكرانيا، ولا كانوا في حاجة الى السناتور كريستوفر مورفي، الذي قال ان اميركا تقف مع خيارات الشعب الاوكراني، ربما لأن عض الاصابع بين واشنطن وموسكو في الساحة الاوكرانية، سيتم في النهاية وفق الايقاع البائس الذي شاهدناه في سوريا، بمعنى ان الروس “هم الغالبون”، وخصوصاً ان “فلاديمير بوتين” الذي يستعيد توازنات الحرب الباردة وحقبة الاستقطاب الثنائي، لن يسمح لأوكرانيا وهي الكوريدور الروسي” بأن تجلس في احضان الاوروبيين والأميركيين

هل يمكن ان تتبدل المعادلة في اوكرانيا وتصبح المعارضة المولية لأمريكا هي الحاكمة؟؟؟

اذا حاولنا العودة الى ايام الثورة البرتقالية  في عام 2005 فان  الثورة البرتقالية التي وصلت الى الحكم وبمساعدة اوروبيا وأمريكية وسكوت روسيا كامل،  لا  يمكن ان يتحقق اليوم نظرا للعددي من الاسباب اولها بان امريكا لم تعد لها مزاج نشر الديمقراطية والحرية وان اولوياتها تغيرت وثانيا لقد انقسمت المعارضة البرتقالية فورا وصولها الى الحكم ومع مغادرة الرئيس السابق فيكثور يوشنكو الذي حكم  البلد،  فالمجموعة الامريكية  انتهت  معه وانتصرت المجموعة الاوروبية المدعومة من المانيا بزعامة اميرة الغاز يوليا تيموشينكو .

لكن في الوقت الذي أرجع فيه شركاء الرئيس الأوكراني فشل الثورة إلى ضعف شخصية الرئيس، اتهم يوشينكو من جانبه شريكته رئيسة وزراء يوليا تيموشينكو بأنها سبب الفشل الاقتصادي في السنوات الخمس الأخيرة، وذلك بعد أن اتهمها سلفا بخيانة مبادئ الثورة حين تحولت فجأة إلى التصالح مع روسيا والتودد إلى “فلاديمير بوتين” . على هذا النحو يؤكد عدد من المحللين من الداخل الأوكراني أن الناس لم يعد بمقدورهم تمييز “الثوار الخائنين” عن “المجاهدين الشرفاء، فالألوان صارت في أوكرانيا “رمادية”.  كانت الصحافة الأوكرانية نفسها قد اعتبرت، بعد الانتخابات وإعلان النتائج، ان هزيمة بطلة الثورة البرتقالية في الانتخابات الرئاسية لم تكن مفاجئة. فالإفلاس الأيديولوجي، لقد اندلعت الثورة البرتقالية لمنع رئيس الوزراء السابق فيكثور يانوكوفيتش المعروف في الإعلام الغربي بـ”ابن روسيا البار” من الوصول الى سدة الرئاسة ففشل. وهذا العرض يقول لنا بكل صراح بان المعارضة الحالية لن تعود للحكم من جديد  بسبب وضع روسيا المالي وصعودها الصاروخي الى الحلبة الدولية لتجسيد مصالحها، والذي لن تمانع روسيا من استخدام كافة الاساليب لإبقاء اوكرانيا في حديقتها الخلفية، اضافة لان الاغلبية  من الشعب الاوكراني هي من المؤيدة  للاندماج مع روسيا واتحادها الاقتصادي،  وهذا يعود بالأصل الى تنوع التركيبة الاوكرانية التي تفرضها مكوناتها المذهبية والاجتماعية والمالية . اضافة الى فشل المعارضة التي تعاني من مشاكل كثيرة بتركيبتها السياسية ومعاناتها من الفساد والرشوة .

كيف تقيمون اليوم الصراع الروسي – الامريكي في اوكرانيا وفي غيرها من دول العالم ؟؟؟

اليوم وضع روسيا المالي اقوى بكثير من وضعها سابقا  وشجاعة بوتين ناتجة من ضعف الرئيس اوباما الذي شجعه على ممارسة البلطجة السياسية  وطبعا هذا التمادي بعد تردد واشنطن بالعدول عن ضرب سورية والسماح لروسيا من انتاج حل سياسي يعوم دور النظام ودورها في الدبلوماسية الدولية . امريكا اليوم هي بحاجة لروسيا في العديد من الملفات السياسية التي تعتبر روسيا مفتاحا لها كما هو الحال مع الملف السوري ودور الروس في هذه الازمة الملف النووي الايراني بظل الانفتاح الغربي المجدد عليها .الملف التسوية الفلسطينية –الاسرائيلية وما تملك روسيا من نفوذ على الجانبين وخاصة بعد تصريحات وزير الدبلوماسية الروسية بان اسرائيل تفتش عن حليف وصديق جديد غير امريكا ! فالرئيس الروسي في رسالته الذي وجهها للبرلمان الروسي حدد فيها نقاط خارجية عدة ابرزها كانت تكز على وضع روسيا الاقتصادي القوي الذي يساعدها على لعب أي دور سياسي قادم على المستوى الدولي اضافة لتأكيده على حق ايران في امتلاك النووي السلمي ولكن شرط ضمان امن اسرائيل في انا واحد،  ومن هنا نرى التوافق الامريكي الروسي على العديد من الملفات العالمية التي تشبه دعوة امريكية لروسيا بان تكون لاعبانا دوليا ولكن من الدرجة الثانية الى جانب امريكا.طبعا هذا التوافق الذي يأتي  من خلال التوافق على امن اسرائيل فوق كل اعتبار ،ضرب التطرف الارهابي المدعوم من الاسلام السني ،التصالح مع الاسلام الشيعي ودعمه مقابل التطرف السني ،تقاسم النفوذ في المنطقة وفقا لمصالح الدولتين وهذا التوافق الذي يؤسس الى شراكة جديدة في الشرق الاوسط بد اتفاق سيكس-بيكو وربما ما تحاول انتاجه امريكا مع روسيا في الاصرار على اتفاق جنيف-2.

فأمريكا التي تنسحب من الشرق الاوسط بعد الاخفاقات الكبيرة التي تلقتها  وتحاول التمدد الى مناطق جيدة بسبب اهمية هذه المناطق الاقتصادية ،تحاول ان تنهي هذه الملفات التي ارهقتها المادي والسياسي ، وبالتالي السماح لروسيا في الدخول الى صلب هذه الملفات قد يساعد امريكا ويخفف من حدث التوتر والتصلب بين القطبين فاستخدام روسيا في مناطق معينة يساعد امريكا بالتوصل لحل من هذه الملفات بأقل خسائر والخروج منها منتصرة ما حال الكيماوي السوري والنووي الايراني والأزمة السورية والأفغانية ،فروسيا الطامحة الى لعب دور دولي تدخل مستنقع الشرق الاوسط وتدفع الثمن لاحقا بدلا عن امريكا التي تتهرب من ذلك .

برأيكم كيف ستنتهي ازمة اوكرانيا ؟؟؟

فالمشكلة الاوكرانية لن تطول كثيرا وخاصة بعد الحصول على القرض الروسي المالي الكبير وتحديد شراء الغاز اضافة الى اتفاقيات اقتصادية اخرى ستساعد الحكومة من القيام  بعدة مبادرات لكي تمص النقمة الشعبية وكذلك الغرب لن يتدخل لأنه هو من سلم اوكرانيا دون اية معارك لروسيا حفاظا على مصالحه الخاصة المرتبطة مع موسكو. فلا زيارة” اشتون” المبعوثة الاوروبية ولا “فيكتوريا يولاند”  المبعوثة الامريكية  ولا النائب الامريكي ” جون ماكين”،   ولا تصريحات الرئيس  يانوكوفيتش جميعها لا تنهي الاشكال الحالي فالمعارضة التي تلقت ضربة سريعة تحاول ان تركز وجودها من اجل الانتخابات القادمة في العام 2015 التي بدأتها مبكرة.

ولبد من القول بان روسيا انتصرت على الغرب وفرضت شروطها  على اوكرانيا  وهذه الحالة كما كان الوضع قائما في عام 2005 حين انتصرت الثورة البرتقالية  وربح الغرب وخسرت روسيا اللعبة  السياسية لكن اغطاء المعارضة الاوكرانية وتقاتلها وتلكؤ الغرب في احتضان اوكرانيا قد اوصل البلاد الى هذه الحالة . فروسيا المعنية بهذا الامر من خلال تقديم تسهيلات سريعة بسعر الغاز وقروض مالية اضافة لعدم التدخل في الازمة الداخلية ومنع الحكومة من ممارسة التعنت السياسي مع المتظاهرين قد يمتص الغضب ويعيد الناس الى بيوتها وأماكن عملها.

فالموضوع الاوكراني  معقد جدا بظل الصراع العالمي ولعبة الامم التي تفرض نفسها على العديد من الدول التي تسلب استقلالها وديمقراطيتها وحريتها نتيجة السيطرة عليها من بعض الدول الكبرى التي تتحكم بمقاليد السياسة لهذه الدول التي تجعلها تابعة لها سياسيا واقتصاديا .وبظل التنافس الدولي على التحكم بصناعة القرار والسيطرة الجيو-سياسية واقتصادية  تبقى اوكرانيا كما حال غيرها من الدول التي تتحمل هذه الغطرسة الدولية وصراع الكبار على ارض الصغار.

 

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …