اوكرانيا: روسيا تفرض شروطها وأوروبا تتراجع…!!!
27 نوفمبر, 2013
أخبار أوكرانيا, الأخبار, مقالات
د.خالد ممدوع العزي/ الازمة الاوكرانية التي بدأت تاخذ شكلها السياسي في اطار التعامل الاقتصادي كان صراع الغاز اولها والتي هددت روسيا اوكرانيا وشعبها ومنتاجاتها وصناعاتها به مما اجبر اوكرانيا على استخدام احتياط الغاز المرسل عن طريق اراضيها الى اوروبا وبيعه في السوق السوداء من اجل تغطية نفقات وحملات انتخابية لبعض المرشحين والقوى النافذة في اوكرانيا مما سبب ازمة ثقة فعلية بين الغرب واوكرانيا لعدم ضمانها للاتفاقيات الدولية التي تربط المرسل بالمتلقي عن طريق جهة ثالتة مما دفع بروسيا اظهار عجز الغرب امام حالة اوكرانيا الفاشلة فسارعت روسيا الى تأمين بديل للغرب من خلال ضخ الغاز عن طريق بيلاروسيا للضغط الكبير على اوكرانيا من ناحية والتفتيش عن طرق بديلة جديدة تضمن لروسيا قوتها الجديدة في مجال الطاقة والغاز ، وتأمين حاجة الغرب المستمرة ،فكان عرض الروس يكمن فيما يلي: –
-محاولة شراء انابيب النفط الغاز الاوكرانية المتجهة الى اوروبا وبذلك تكون اوكرانيا وضعت في افق مسدود امام الغرب والروس من خلال القبول او الرفض.
-النقطة الثانية والتي عمل عليها الروس بناء شراكة بين اوروبا العجوز وروسيا مباشرة في بناء خط الغاز عن طريق بحر الشمال بشراكة المانية والتي تولى رئاسة هذه الشركة رئيس وزراء المانيا السابق “شرودر”.
وبالتالي تكون روسيا اضعفت موقع اوكرانيا كوسيط بينها وبين الغرب .
اضافة الى الدول الاشتراكية السابقة التي كانت تمر خطوط انابيب النفط في ارضها وهذا التحرك الروسي الذي بررته روسيا بانه ياتي من خلال اقتصاد السوق وليس للسياسة اي تاثيرعليه ،لقد فضلت روسيا سعر مرور الغاز في الاراضي الاوروبية حسب التعريفة الدولية عن سعر الغاز الذي تستهلكه اوكرانيا في الداخل المحلي مما إنعكس سلبا على حياة المواطن الاوكراني نتيجة اعتماده على الغاز في الشتاء وفي الصناعة مما دفع بالمواطن تحمل اعباء هذه الفواتير العالية الثمن.
الرد الروسي على الثورة البرتقالية :
بدأت روسيا تفرض حظراً اقتصادياً غير معلن على اوكرانيا نتيجة اعتماد الاسواق الاوكرانية على التصدير الى روسيا فكانت روسيا تضع معاير دولية في علاقتها مع الانتاج الاوكراني من خلال المواصفات للمنتوجات الاوكرانية مما يعيق عملية الاستيراد.
اوكرانيا هي دولة زراعية تعتمد على هذه المصادر بشكل اساسي ولكن تعاني الزراعة بالاساس والثروة الحيوانية في اوكرانيا وخاصة في مناطق تشرنوبيل مكان الانفجار الذي وقع في العام 1986 واثر على اوكرانيا وبيلاروسيا بشكل اساسي،كما اثرت عملية الانفصال بين دول الاتحاد السوفياتي السابق بشكل سلبي على السكان وخاصة في روسيا واوكرانيا نتيجة تشابك العلاقة الاجتماعية والدينية والثقافية والعلمية ونتيجة مئات الاعوام من العيش المشترك قبل الاتحاد السوفياتي وبعد الاتحاد السوفياتي ،مما فرض نوعا جديدا من الجواجز بين البلدين في تبادل التأشيرةفي عملية الدخول والخروج وتقيّد حركة العمالة والتجارة والتعليم الخ .
المشاكل العالقة بين روسيا واواكرانيا :
من الاشكاليات التي تعتبرها روسيا مهمة :
– اللغة الروسية التي لم تعطها اوكرانيا اي وجه قانوني كما الجمهوريات السابقة باعتبارها لغة اساسية الى جانب اللغة الام ،
-مشكلة الاقليات الروسية والحاملين للجوازات الروسية الذين يعشون في اوكرانيا وتتعامل معهم اوكرانيا على انهم اجانب و يجب تبديل جوازاتهم للاوكرانية،
-المدارس التي منع فيها الروس من تلقي التدريس باللغة الروسية ،
-منع الاعلام من البث باللغة الروسية ومحاولة بث للقنوات الروسية ولكن بعد ترجمتها للاوكرانية ،
-منع التوظيق لكل حامل شهادة بحال لم يتكلم الاوكرانية.
-مشكلة التصنيع الحربي التي تعتبر اوكرانيا هي المالك والوريث لكل المصانع السوفياتية الحربية والعسكرية وهذا مايدخل اوكرانيا بمشكلة فعلية مع روسيا في محاولة لفتح اسواق جديدة لها مع دول لا ترغب روسيا في التعامل معها وتقرض عليها روسيا حصارا .
مثلا اوكرانيا تزود باكستان بالدبابات حاليا وكذلك السر الثاني هو ” تزو د اوكرانيا بالسلاح للمعارضة السورية الذي يتم شراءه من خلال تزويدها بالغاز القطري الذي يشكل ازمة فعلية لروسيا .
-مركز اسطول البحر الاسود الذي تحاول روسيا ان يكون اسطولها التاريخي المقيم في مدينة سيفاستوبول ان يتم توقيع عقد دائم بينهما لمدة 99 عام ،لان هذه المدينة بالاصل روسية وتم اعطاءها مع جزيرة القرم الى اوكرانيا الاشتراكية وسكانها روس تحاول روسيا ان تتفاهم مع اوكرانيا عليها وكذلك محاولة تقسيم المياه الاقليمة بين اوكرانيا وروسيا في البحر الاسود
-مشكلة جزيرة القرم والتي تعتبرها روسيا وشعبها من حقها وتم اهدائها الى اوكرانيا عندما كانت دولة واحدة ولكن اليوم اوكرانيا ليست صديقة فاهل هذه الجزيرة التي تملك نظام حكم ذاتي تهدد بحال الابتعاد عن روسيا سوف يطالب سكانها بالخروج من اوكرانيا ،وطبعا لاتزال روسيا تدفع للسكان معاش تقاعدي واموال تساعدهم على البقاء في ظل الانهيار الاقتصادي .
تعتبر اوكرانيا المنتجع السياحي للروس الذين يهدورون اموالا كثيرة تساعد الدخل المحلي على الاستمرار
فروسيا حاليا تتكلم مع اوكرانيا بلهجة الاخ الاكبر ولغة المصالح والدائن للمدين بسبب حالة روسيا الاقتصادية فهي لا تمد اوكرانيا بأية قروض مالية، و تحاول اوكرانيا الحصول عليها من الغرب ، روسيا تضع دفتر شروطها لادخالها ضمن اتفاق الشراكة الجمركية لاعادة الابن الضال الى سيطرة الاهل التي تعيد اوكرانيا مع الغرب من خلال اذن روسي مسبق ” قطع ومحاصرة كل القوى التي لا ترغب روسيا في التعامل معها مثل عدم مساعدة للمتمردين الشيشان استخدام اوكرانيا للعبور الشخصي والمالي والاعلامي وكذلك الجورجيين والبلونيين واليوم المعارضة السورية وتحديد علاقتها بدول الخليج العربي. ووفقا لسياسة روسيا الخاصة التي لا تريد لاوكرانيا السيادة والعلاقة الجيدة معها تحاول منعها بكل الوسائل الذهاب نحو اوروبا بالرغم من ان توقيع الشراكة الاوروبية -الاوكرانية بتاريخ 28 \11\2013 سوف تفشل روسيا في محاولة للتقرب من خلال وسائلها العديدة والقوية والتي يمكنها الضغط والضغط بقوة على اوكرانيا للعودة الى فلكها الجيو-سياسيي.
لكن من المؤكد بان اتفاق الشراكة بين اوروبا وأوكرانيا لن يتم توقيعه وهذا ما بات واضحا من خلال تصريح الساسة الاوكران و الاعلام الرسمي والخاص . لقد كان متوقعا توقيع الاتفاقية في قمة “فيلينوس العاصمة اللتوانية” في 27-28 نوفمبر 2013 بعد ان كانت الاتفاقية مطلبا قوميا وشعبيا اوكرانيا.لكن الشروط الغربية القاسية التي وضعت على اوكرانيا والتهديد الروسي دفعا كييف للهروب من وضع البصمات الاخيرة على اتفاق الشراكة .
فالسؤال الذي يطرح نفسه اليوم بقوة ما الذي اجبر كييف على التلكؤ والهروب من التوقيع على الاتفاقية ،وما هي بنود قمة بوتين -يانوكوفيتش التي عقدت في موسكو بتاريخ 11 نوفمبر 2013 ، وماهية الوعود التي قطعها الروس على انفسهم امام الاوكران ودفعهم للهروب من توقيع الاتفاقية ،فهل موسكو قررت سد ميزان العجز الاوكراني ،وهل رضخ الغرب لتهديد موسكو، وكيف سيكون رد الرئيس الاوكراني بحال حدوث ميدان جديد وانتفاضة شعبية ضده ،على كل هذه الاسئلة المشروعة يمكن لكييف وحدها الاجابة السريعة عليها .
اوكرانيا المتارجحة بين روسيا والغرب :
بمعنى انه لا يمكن ان تسير اوكرانيا بطريقها كدولة مستقلة وبناء علاقة شراكة بينها وبين الدول الاخرى من ناحية وبينها وبين روسيا من ناحية اخرى . امريكا بعيدة جدا عنها اضافة الى غياب التأييد السياسي وضعف الاستثمارات الاقتصادية وغياب النمو التجاري مع اوروبا. اضافة الى ان اوكرانيا تعاني من بالتالي:
– وجود رئيس ضعيف وغير مقبول سياسيا لا في الداخل ولا في اوروبا ولا روسيا.
-وكذلك الكتل السياسية والاحزاب الاوكرانية لكونها ضعيفة ، الحالة الاقتصادية في تدهور مستمر،
-غياب الراسمال الروسي والاسثتمارات الروسية،
-ضعف التبادل الاقتصادي والتجاري مع روسيا.
بالرغم الزيارة الاخيرة التي قام بهارئيس اوكرانيا فكتور يانوكوفيتش الى بولونيا محاولا الرد على الازمة المتصاعدة بينه وبين روسيا من خلال تامين احتضان بولوني لاوكرانيا كورقة يحاول الرئيس الاوكراني استخدامها بوجه روسيا والاتحاد الاوروبي نظرا لعلاقة بولونيا بالولايات المتحدة ولسوء العلاقة التي تسيطر على علاقة بولونيا بروسيا ولان بولندا قدمت الخدمات الكبيرة والكثيرة لاوكرانيا في ايام الثورة البرتقالية وكانت تهدف لتشكيل حلف اوروبي جديد في وسط اوروبا مع اوكرانيا الجديدة مدعوما من امريكا وليس لبروكسل السلطة عليه ويمارس العداء التاريخي لروسيا.
الحاجة ام الاختراع في السياسة الروسية :
لكن مع قدوم فصل الشتاء وتزايد الحاجة للغاز وازديادالطلب عليه لانتاج المواد الاستهلاكية الصناعية تبدأ روسيا بالضغط من خلال استخدام العصا وهذه السياسة التي تمارسها روسيا ضد اوكرانيا سياسة” العصا والجزرة اي الترغيب والترهيب”. هذا يعني بان اوكرانيا عاجلا ام اجلا سوف تعود للحضن الروسي لسببين: لان الحليف الامريكي بعيد والذي يمكن ان يضمن تحرك اوكرانيا الحليف الاوروبي معني بعدم تدهور العلاقة مع روسيا وبالتالي هو لا يريد ان تكون امريكا قوة فاعلة في اوروبة والمثل الصاخب كان بولندا.
كاتب وباحث مختص بالشؤون الروسية ودول الكمنولث .