انقلاب “ابيض” داخل الجماعة يهدد بانتهاء مسيرتها بعدد 88عاما على تأسيسها
23 ديسمبر, 2015
ملفات خاصة
خلال 7 أيام فقط تلقت جماعة الإخوان في مصر ضربات قاسية قد تعصف بمستقبل الجماعة وتحولها إلى كيانات صغيرة ومجموعات هشة ضعيفة تنهي مسيرة 88 عاماً هو عمر الجماعة منذ نشأتها في الإسماعيلية أوائل القرن الماضي.
اللطمة الأكثر بروزا واشتعالا خلال الأسبوع الحالي هي الانشقاقات المتوالية والمتصاعدة داخل الجماعة وتحولها لفريقين الأول بقيادة “العواجيز” والشيوخ ويضم محمود عزت نائب المرشد والقائم فعلياً بعمل المرشد بتعليمات من محمد بديع مرشد عام الجماعة المحبوس حالياً على ذمة عدة قضايا، ومعه محمود حسين أمين عام الجماعة ويعاونهما محمد عبد الرحمن المسؤول عن الجماعة في الخارج. أما الفريق الثاني فيتزعمه عضو مكتب الإرشاد محمد كمال الذي يعتبره الشباب بمثابة المرشد حالياً في مصر، والهارب من محاكمات قضائية وهو من محافظة أسيوط جنوب مصر، وتعاونه مجموعة كبيرة من الشباب وقيادات الصف الثاني، ويتولى مسؤولية التنسيق الإعلامي لهم محمد منتصر المتحدث السابق باسم الجماعة.
“انقلاب على منهجية الجماعة”
وقد اعترف طلعت فهمي المتحدث باسم الإخوان المعين من جبهة محمود حسين، بوجود مطالب داخل الجماعة بحل التنظيم وتقسيم الجماعة لفريقين، مؤكداً أن هذا الأمر يعني انتحار الجماعة وتفككها تماماً وهو ما لم ولن تسمح به قيادات الإخوان.
ووصف ما يحدث داخل الجماعة بأنه محاولة للافتئات على الشرعية والمؤسسية داخل الإخوان والانقلاب على تراث ومنهجية الجماعة، مشيرا إلى أن اللجنة الادارية العليا في الداخل برئاسة الدكتور محمد عبد الرحمن- ” الموالي لمحمود عزت ومحمود حسين ” – كلف بأن يكون متحدثاً رسمياً لمكتب الإخوان والتواصل مع وسائل الاعلام.
إلى ذلك، يؤكد فهمي أن أزمة جماعة الإخوان ليست وليدة اللحظة، لكنها تعود إلى عام 2014 حيث قام 8 من أعضاء مكتب الإرشاد بتعيين 6 أفراد من خارج المكتب وتشكيل لجنة للمعاونة ولإدارة الأزمة داخل مصر، عقب فض رابعة والنهضة وغياب قادة الجماعة بعد القبض عليهم والزج بهم في السجون والمحاكمات، ورأت اللجنة أن تجرى انتخابات جديدة داخل جماعة الإخوان ترتب عليها “مكتب إرشاد جديد وسرعان ما قاموا بإعلان تنحية الأمين العام للجماعة الدكتور محمد حسين.
حل مكتب الإخوان المصريين بالخارج
من جهته، قرر محمد عبد الرحمن المرسي مسؤول اللجنة الإدارية العليا لإدارة العمل بالجماعة داخل مصر والموالي لمحمود عزت وفريق الشيوخ إيقاف عدد كبير من الجناح المناوئ، وغالبيتهم من مكتب الإخوان بالخارج وهم الدكتور أحمد عبد الرحمن، وعمرو دراج، ويحيى حامد، وحسين القزاز، وجمال حشمت، وأسامة سليمان، وطاهر عبد المحسن، وأيمن عبد الغني، ومحمد البشلاوي.
ودعا عبد الرحمن أعضاء الجماعة للالتزام ودعم قيادة جماعة الإخوان في مصر ممثلة في المرشد العام محمد بديع ونائبه الدكتور محمود عزت القائم بالأعمال ونوابه في الداخل والخارج ومكتب الإرشاد ومجلس الشوري العام المنتخب في 2010 كما قرر عبد الرحمن حل مكتب الإخوان المصريين بالخارج متهما المكتب بتجاوز صلاحياته، ورفضه لقرارات الجماعة والخروج على مؤسساتها.
اتهامات بالتخلي عن دعم الحراك الثوري
من جانبه، رفض مكتب جماعة الإخوان بالخارج القرار متهما فريق محمود عزت بالتخطيط للانفراد بالإدارة في الداخل والخارج والتخلي عن دعم الحراك الثوري، مؤكدا أنه مستمر في عمله وثورته وهو يتبع منذ إنشائه اللجنة الإدارية العليا بالداخل كمؤسسة وليس تابعاً لفرد، وأنه سيتم تحويل كل من تسبب في هذا العبث للتحقيق والمساءلة في الأطر المؤسسية السليمة.
وأضاف في بيان له لن نتوقف عن أداء دورنا، ولن يمنعنا من يخذلون الثورة من أن ندعمها، فأداء الواجب لن يمنعه قرار متعسف خارج إطار المؤسسية، مضيفا بأن قطار الثورة والتغيير انطلق ولن يرجع خطوة للوراء.
وزاد من حدة المواجهة اعلان أربع قيادات إخوانية استقالتها من مكتب الخارج، وهم المهندس محمد البشلاوي، وعبد الحافظ الصاوي، والمهندس أيمن عبد الغني، وطاهر عبد المحسن رافضة العمل غير المؤسسي المخالف للوائح الجماعة .
واشتعلت تلك الخلافات حينما أعلن مكتب الإخوان المسلمين في لندن إقالة محمد منتصر، من مهمته متحدثًا إعلاميا باسم الجماعة، وتعيين متحدث جديد بدلاً منه هو طلعت فهمي وتلا ذلك قرار لجنة الإدارة بقيادة محمد عبد الرحمن بإعفاء وتجميد عضوية بعض قيادات الجماعة .
أسباب الصراع داخل الإخوان
الخبير والباحث في تاريخ وشؤون الحركات الإسلامية ماهر فرغلي يكشف لـ” العربية. نت ” أسباب الصراع داخل الإخوان ويحدد مصير الجماعة. ويقول إن سبب الصراع الحالي داخل الإخوان يرجع لتباين واختلاف وجهات النظر بشأن مواجهة السلطة الحالية في مصر، ففريق الشيوخ يرى أن لا بديل عن السلمية، حفاظا على تاريخ ومستقبل الجماعة وحماية لها من خطر التفكك والاختفاء نهائياً، بينما يرى فريق الشباب أنه لا بديل عن العنف في مواجهة الدولة للحفاظ على مكاسب الجماعة ووجودها في المشهد السياسي معتبرين أن حمل السلاح في وجه الدولة يعزز موقف الجماعة ويضعها كطرف قوي وفاعل في أي مفاوضات مثلما حدث لمجموعة فجر ليبيا وداعش وغيرها .
فرغلي يؤكد أيضاً أن سبب الأزمة الحالي هو التصلب الأيديولوجي، والجمود التنظيمي الهيكلي للجماعة ويقول إن جماعة الإخوان مثلها مثل أي جماعة لها إطار فكري وهيكل تنظيمي والإطار الفكري للجماعة يمر بمشكلة حقيقية فهو مجموعة من الأطر الفكرية وضعها حسن البنا وأسماها القاعدة الذهبية وتلزم الإخوان بمقولة أنه “يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه ويجتمع بعضنا بعضا فيما اتفقنا عليه”، مضيفا أن هذه الأفكار مضى عليها أكثر من 80عاماً، ولم تمر بمراجعات أو تغييرات تواكب العصر ورحه وهو ما دفع الشباب مرارا للمطالبة بمراجعة وتنقيح هذه الأفكار .
أما الهيكل التنظيمي للجماعة فيقول فرغلي إنه يمر أيضاً بتخبط إداري، فالجماعة قائمة على عدة فروع وأسر ومكاتب منذ 80 عاما ولم تتغير هذه الأطر التنظيمية حتى الآن، ما أصابها بالتصلب والجمود وعدم تجديد شبابها واقتصار القيادة فيها على الشيوخ و”العواجيز”، وهو ما دفع شباب الجماعة للسؤال “إلى متى تظل الجماعة حكرا على هؤلاء الذين أضاعوها وتسببوا في اخراجها من السلطة وملاحقة كافة عناصرها ومقتل بعضهم في اعتصامي رابعة والنهضة ؟ “.
مسؤول التنظيم السري
وقال إن من يقود الجماعة بالداخل شخصية قوية وهو محمد كمال المسؤول عن التنظيم السري داخل الإخوان ويعد من أبرز القيادات الداعية لثورة داخل الجماعة وتغيير أطرها الفكرية والتنظيمية يسانده الشباب وقيادات الصفين الثاني والثالث الذين يؤمنون بضرورة المواجهة مع الدولة، معتبرين أن هذه المواجهة ستكون قاسية نوعاً ما على الجماعة وقد تدفع بشبابها للموت لكنهم يرونها تضحية لابد منها للحفاظ على تواجد الجماعة السياسي .
المال والتأثير الدولي
أما حول تأثير هذه الصراعات على مستقبل الجماعة فيرى الباحث السياسي أن هناك وساطات حالية يقوم بها الداعية يوسف القرضاوي لحل الخلافات وعودة التماسك من جديد للإخوان، وإذا فشلت هذه الوساطات فالصراع سيحسمه من يملك التمويل والتأثير الدولي وهو ما يتميز به جناح الشيوخ وعلى رأسهم محمود عزت ومحمود حسين وفي هذه الحالة ستعود الجماعة موحدة تحت قيادة فريق الشيوخ وسيعود إليها غالبية المنتمين لها دون الحديث مرة أخرى عن تغييرات أو مراجعات.
ويختتم فرغلى بالقول إن الأمر المؤكد هو أنه سيكون لهذا الحسم ضحايا ومن بينهم القيادات المنادية بالتغيير.