%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%84 أوكرانيا

الهزائم والانتصارات ليست صدفة وليست قدراً.

نائل أبو مروان / يتابع العرب والعالم بذهول «الانتصارات الكاسحة» لجيش الدولة الإسلامية (داعش) في نائل أوكرانياسورية والعراق وكردستان العراق، واكتساحه لمساحات واسعة من مدن كبرى مثل الموصل وتكريت والحسكة ودير الزور وقواعد عسكرية مهمة، بل إن قواته تقاتل في غوطة دمشق وغربي بغداد وقرب أربيل.

هذا الجيش الظلامي، المشكّل من غلاة التكفيريين، حصل على معظم تسليحه مما استولى عليه من قواعد ومعسكرات في سورية والعراق، وتمويله من بنوك الدولة والخاصة التي استولى عليها في المدن التي اكتسحها، ولاشك أن هناك علامات استفهام كبيرة بشأن الصعود السريع لداعش، ما يستوجب تحليله من قبل أخصائيين، وهو ما يتم أساساً من قبل مراكز البحوث الغربية. لكن الوجه الآخر لانتصارات جيش داعش، رغم وحشيتها وانحطاطها باستهداف المدنيين من مسلمين ومسيحيين وأقليات دينية وعرقية أخرى، هو الهزائم المنكرة للجيوش الثلاثة (السوري والعراقي والكردي)، بل الاستسلام المخزي لعشرات الآلاف من قوات الجيش العراقي دون قتال، وانسحابات عشوائية للقوات السورية والعراقية والكردية، في وجه هجمات «داعش»، بحيث لم تكن هناك معارك حقيقية. على ماذا يدل ذلك؟ هناك دلالات عديدة، ومنها ، ومن أهمها العقيدة العسكرية للجيوش العربية ، وهو أن عدوها في الداخل، أي الشعب والمعارضة، وليس العدو الخارجي «إسرائيل» أو غيرها. وعلى ذلك تترتب أمور عديدة تدخل في صلب تركيبة هذه الجيوش وإعدادها، وانتشارها واحترافيتها. إن العقيدة العسكرية للجيوش العربية هي المحافظة على النظام الحاكم،,ولحزب ألحاكم وبالطبع يتبدل هذا النظام الحاكم في ضوء الانقلابات وغيرها. والنظام الحاكم ليس هو الدولة الوطنية المستقرة، التي لا تتأثر بتغير في الحزب أو الائتلاف الحاكم كما في الدول الديمقراطية، بل النظام العربي الحاكم هو مجموعة ائتلاف مصالح ذاتية هدفها سرق كل شيء في ألبلد.ولأعلان أنه يحمي ألبلد ويحمي ألشعب، وهو يحتكر السلطة والثروة، . ولحماية ألحزب وزعماء ألحزب ألذين طلبوا من ألمستعمر ولمحتل ألعون لهم في سرقة ألبلد ، فإنه لا بد من تأمين أجهزة الأمن والمخابرات بل لابد من ضمان القوات المسلحة عقيدةً وتركيباً ومهماتٍ لحماية. مصالح من يعتبرون أنفسهم حزب حاكم. ويتم التحكم في بنية القوات المسلحة من خلال كبار الضباط والأركان، . وهؤلاء في معظمهم ليسوا بأحسن الكفاءات؛ فالولاء هو الأساس، ثم أن التوجه ليس لبناء قوات ذات قدرة هجومية، وإنما المهم وجود قوات برية متمركزة داخل المدن الكبرى وخصوصاً العاصمة، لمواجهة أي تحرك شعبي ضد النظام. وبالفعل فقد استنفرت هذه القوات وخاضت قتالاً طويلاً أو سريعاً ضد خصوم وهم شعبه كما جرى في عدة بلدان عربية . وحتى في هذه المهمة فشلت هذه الجيوش أحياناً وتفكّكت سريعاً بفعل الطابع اللامبدئي للتجنيد والترقية، كما حدث في دول عربيه ويحدث إلى حدٍّ ما في اليمن وغيرها، رغم أنها تواجه قوات غير نظامية أضعف منها عدةً وعدداً. هذا وغيره هو ما يفسّر التراجع السريع لقوات ألجيوش ألعربيه التي أطنب الحديث في قدراتها الخارقة. إنها جيوش لا تتبنى عقيدة وطنية، وتركيبتها ليست وطنية شاملة، وقياداتها ليست كفوءة. وليست وطنيه علينا اليوم أن نقف وقفه صدق، فالهزائم والانتصارات ليست صدفة وليست قدراً.

كاتب وناشط فلسطيني

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …