%D9%81%D8%B1%D9%8A%D8%AF أوكرانيا

المياه في فلسطين بين الحق و الحرب

الدكتور : فريد نعيم المحاريق 

دكتوراه في الاقتصاد الدولي 

فريد أوكرانياتتنوع مصادر المياه في فلسطين بين المصادر السطحية والمصادر الجوفية,  فالأمطار هي المصدر الرئيسي للمياه في فلسطين، وهي التي تغذي الخزان الجوفي والمجاري والأودية والسيول، ويستفاد منها في ري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية خصوصاً البعلية وهي الأراضي التي تسقى بمياه الأمطار. و تمتد فترة سقوط المطر في فلسطين من شهر سبتمر/ أيلول إلى مايو/ أيار، وتبلغ الذروة ما بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وأبريل/ نيسان. يتراوح معدل تساقط الأمطار في الضفة الغربية 700 و100 ملم في منطقة البحر الميت، وما بين 500 – 600 ملمتر في المنحدرات الغربية، وما بين 100 – 450 ملمترا في المنحدرات الشرقية. اما في قطاع غزة فإنها تختلف عن تلك التي في الضفة الغربية، كما أنها متذبذبة من سنة إلى سنة ومن منطقة إلى أخرى. ويتراوح معدل تساقط الأمطار السنوي في غزة ما بين 200 – 900 ملمتر. وتقدر كمية الأمطار السنوية الساقطة على قطاع غزة ما بين 100 – 130 مليون متر مكعب.

اما بالنسبة للمياه الجوفية : هي المورد الرئيسي للمياه في فلسطين ومصدرها مياه الأمطار، فهي عبارة عن الكميات المتسربة من مياه الأمطار إلى التكوينات الجيولوجية في باطن الأرض. وتقدر نسبة مياه الأمطار المتسربة بحوالي 30% من إجمالي الأمطار الساقطة. ويتم الاستفادة من المياه الجوفية عن طريق الآبار الارتوازية أو عن طريق الينابيع الطبيعية. وتقدر كمية المياه العذبة والمتجددة في الخزان الجوفي بحوالي 950 – 1000 مليون متر مكعب، وهو ما يعادل 55% من المياه العذبة في فلسطين.

هناك كثير من العوامل التي ادت الى تناقص المياه في فلسطين منها الطبيعية و منها البشرية و اهم العوامل البشرية هو الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية ة قطاع غزة , فبعد احتلال الضفة الغربية و قطاع غزة عام 1967 اتجهت إسرائيل منذ بداية الاحتلال إلى السيطرة على مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية، واتخذت العديد من القرارات التي تنص على ملكيتها للمياه في فلسطين، منها القرار الصادر بتاريخ 7/6/1997 والذي ينص على أن “كافة المياه الموجودة في الأراضي التي تم احتلالها مجدداً هي ملك لدولة إسرائيل”. وجاء في قرار آخر صدر في 15/8/1967 “منح كامل الصلاحية بالسيطرة على كافة المسائل المتعلقة بالمياه المعنية من قبل المحاكم الإسرائيلية”.

ولم تكتفي اسرائيل بمثل هذه الاجراءات فقط عملت على بناء المستوطنات الإسرائيلية فوق مصادر المياه الفلسطينية، ففي الضفة الغربية مثلا تم بناء 70% من المستوطنات على حوض الخزان الشرقي .و حجز مياه الأودية عن الوصول إلى المناطق الفلسطينية مثلما هو الحال في قطاع غزة. كما تستهلك إسرائيل المياه الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بإفراط دون مراعاة للتوازن المائي بين التغذية السنوية والاستهلاك السنوي، كما تستخدم إسرائيل 85% من المياه في الخزان الجوفي في الضفة الغربية، وهو ما يعادل 483 مليون متر مكعب إضافة إلى 10 ملايين أخرى من مياه قطاع غزة. وتغطي هذه الكميات 25% من احتياجات إسرائيل المائية.

و لم تكتفي اسرائيل بسرقة المياه بل عمدت الى تلويث كثير من المياه الجوفية , تلوث العديد من مصادر المياه، ففي طولكرم لا تتعدى نسبة المياه الناجية من التلوث بالنترات 27%، في حين تنخفض النسبة في قلقيلية إلى 23%. وترتفع معدلات النترات على 50 ملغراما في اللتر في 14% من مياه الآبار. وفي النهاية تصل نسبة المياه الملوثة بالطبقات القلوية إلى 85%.. اما في قطاع غزة لا تتعدى المناطق التي تستخرج منها مياه ذات معدلات كلورايد منخفضة (250 ملغراما في اللتر) عن 45 كيلو مترا مربعا في المناطق الشمالية، وعن 35 كيلو مترا مربعا في المناطق الجنوبية. استمرت السيطرة الإسرائيلية ولم تنته بتغير الوضع السياسي الذي رافق الاعتراف المتبادل ما بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل وبتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ في سبتمبر 1993 (أوسلو 1- غزة- اريحا اولا) انشأ الحكم الذاتي والسلطة الفلسطينية الانتقالية حتى كان العام 1995 والذي بموجبه اعلن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بمؤسساتها القائمة وبالولاية القانونية على كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ماعدا المناطق التي تضم المستوطنات (المنطقة ج) في الضفة الغربية والمناطق التي تشغلها المستوطنات في قطاع غزة قبل الانفصال أحادي الجانب الذي بموجبه اخلت اسرائيل القطاع من المستوطنات في عام 2005.

اعتبرت الاتفاقية المرحلية ممتدة لخمس سنوات خلالها كان من المفترض ان يتم التوصل الى حل عادل وشامل للقضايا الجوهرية للصراع وهي الحدود واللاجئين والمستوطنات والقدس وحقوق المياه. فيما يتعلق بحقوق المياه فقد تم التعامل مع الملف في اتفاقية المرحله الانتقاليه (اوسلو 2) في البند 40 من الملحق الثالث بروتوكول التعاون الاقتصادي للاتفاقية المرحلية والمعنون (المياه والمجاري) والذي بموجبه اعترفت اسرائيل بحقوق المياه الفلسطينية في الضفة الغربية واجلت التفاهم على ذلك الى مفاوضات الوضع النهائي. وبموجب هذا البند حصص للجانب الفلسطيني مامجموعه 118 مليون متر مكعب من المصادر القائمة (الينابيع والابار) في الضفة الغربية وكان من المفترض تمكين الجانب الفلسطيني من حفر ابار تضيف الى مجموع مايتم استخدامه مامقداره 80 مليون متر مكعب اضافية من احواض الضفة الغربية الثلاثه. لم تتمكن السلطة من حفر ابار سوى مجموعة اعطت مايقارب من 30 مليون متر مكعب من اصل 80 مليون متر مكعب كان من المفترض حفرها خلال الفترة الانتقالية الخمس سنوات من عمر الاتفاقية المرحلية وكانت هذه الثلاثين مليونا مترا مكعبا اضافية على حساب الابار والينابيع القائمة . وبالمحصلة كان انتاجية الابار والينابيع 96 مليون متر مكعب حسب احصاء العام 2011.

لم تؤد اتفاقيات أوسلو إلى زيادة الحصة الفلسطينية من الموارد المائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحتى بعد إنشاء سلطة المياه الفلسطينية، وحتى اليوم، كانت سيطرة إسرائيل على الموارد المائية وعلى معظم الأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تُتيح للفلسطينيين إمكانية تُذكر لتنمية قطاع المياه والمرافق الصحية وإنشاء نظم أشد كفاءة لاستخراج المياه وشبكات التوزيع. و لهذه الاسباب فان الضفة الغربية و قطاع غزة تعاني من نقص المياه في منطقة الشرق الاوسط , كما ان تعثر عملية الاسلام و عدم التزام اسرائيل بالاتفاقيات الموقعة فان هذا سيؤدي الى قيام حرب في الشرق الاوسط من اجل المياه   .

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …