المفتي احمد تميم
سماحة المفتي أحمد تميم

المفتي العام لأوكرانيا يشارك في ندوة دولية بعنوان: فلسطين مابعد وقف إطلاق النار

المفتي العام لأوكرانيا يشارك في ندوة دولية بعنوان: فلسطين مابعد وقف إطلاق النار

أوكرانيا اليوم / كييف/ شارك المفتي العام لمسلمي أوكرانيا الشيخ أحمد تميم بالندوة الدولية التي نظمتها هيئات أكاديمية وحقوقية من ماليزيا وإندونيسيا عبر “زوم” تحت عنوان: “فلسطين: ما بعد وقف إطلاق النار”.

كلمة الشيخ أحمد تميم مفتي أوكرانيا في الندوة الدولية:

الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين. وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، سيدنا محمد سيد المرسلين.

أما بعد؛ يقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعلُ فيها من يُفْسِدُ فيها ويسفِكُ الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون. / الآية ٢٠.

فلله تعالى ملك السماوات والأرض، خلق الملائكة الذين لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وخلق الجن والأنس وجعلهم مخيرين تحت مشيئته، مكلفين، مأمورين بعبادته وإحقاق الحق وزهق الباطل، فقال عز وجل: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.

فكانت الدنيا لأداء العبادة وطاعة الله تعالى إرضاءًا له وكسب الأجر على ذلك. وكان الاستخلاف في الأرض لعمارتها واستثمار خيراتها بلا إفساد، فهي دار للعمل والامتحان وغدًا دار الحساب والبقاء. قال تعالى: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها. وقد نهانا الله تبارك وتعالى عن الإفساد في كثير من الآيات القرءانية وعلى لسان كثير من الرسل الذين نَهٓوا أقوامهم عن الإفساد، كقوله تعالى: ولا تعثوا في الأرض مفسدين.

ومن صور الإفساد في الأرض: الكفر بالله تعالى كالتعطيل والشرك بالله وعبادة غير الله، وكذا الاعتداء على النفس التي حرم الله بالقتل وسفك الدماء، واغتصاب الأرض وسرقة الأموال. وارتكاب سائر المحرمات…

أما التكليف والمسؤولية فمرجعها الرسالة السماوية التي جاء بها رسل الله مع سلامة العقل ووجوب الإيمان بما أنزل الله على رسوله وطاعتُه في ما أمر به. فالله جل جلاله جعل الدين الذي رضيه لعباده واحدًا كما ورد في القرءان الكريم: إن الدين عند الله الإسلام. وقال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. وقال حبيبنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: الأنبياء أخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي.

فالأرض أرض الله تعالى وخير البقاع المساجد واولها بناءً الكعبة وثانيها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله. اما هذه الأرض فلسطين فهي ارض وطأها الأنبياء عبر العصور فمنهم من جاءها وسكن فيها ودفن في ارضها كإبراهيم عليه السلام، ومنهم من ولد فيها ومات فيها كنبي الله يعقوب واسحق عليهما السلام، ومنهم من ولد فيها وخرج منها كإسماعيل عليه السلام، ومنهم من عاد إليها كيوسف وعيسى عليهما السلام، ومنهم من زارها وكان ءاخرهم سيد ولد ءادم وخير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، من جمع الله له الأنبياء وصلى بهم إمامًا في المسجد الأقصى.

وكم من الحروب عبر التاريخ حصلت على هذه الأرض وكم من الأنبياء قتلوا عليها. إنها فلسطين من ارض الشام التي بدعوته ثَلَاثًا قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا. إنها الأرض التي دعا لها نبينا بالبركة قائلا في شامنا. إنها أرض المحشر. أما القدس فهي قلب الشام وإليها أُسري بنبينا الكريم المرسل رحمة للعالمين ومنها كان معراجه الى السماوات السبع صلى الله عليه وعلى اخوانه النبيين وسلم.

دار الزمان وحل ملوك على أرضها مكان ءاخرين، واندثرت مدن وحضارات وظهرت غيرها. وتغيرت الطباع والثقافات وتغيرت الأحوال فسجل التاريخ أيام العدل والسلم والأمان، حيث كان الحكم بشرع الله. وكذا سجل أيام الظلم والفساد، حين كان الجبروت والقهر وسفك الدماء. فسبحان الذي يغير ولا يتغير إنه الله المنزه عن النقصان من الجسمية والحلول في مكان وهو الغني عن العباد وخالق الأجسام الكثيفة واللطيفة والأعراض، كما قال جل جلاله: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

فماذا نقول عن فلسطين اليوم؟ هي فترة من التاريخ خيمت فيها الظلمات وانتشر الفساد وعمّ في الأرض، وقلّٓ الخير في المعمورة. وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال: إذا فسد أهل الشام فقد تُوُدِع منكم. وقال عليه الصلاة والسلام: المتمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر شهيد.

فالذي أقوله باختصار عن وقف إطلاق النار: هل معنى ذلك توقف الظلم وسفك الدماء وحل الأمن والسلم والعدل؟. هل معنى ذلك تحطم حائط العنصرية وتحرر المسجون وزال الاحتلال الغاشم؟. هل تداعت الدول واجتمعت لنصرة المظلوم وإعادة حقه المغتصٓب؟ وماذا ننتظر نتيجة ذلك؟

هل هي المرة الأولى التي يجري فيها الاضطهاد والاحتلال والقصف العشوائي وسفك دماء الأطفال والشيوخ والنساء؟ وكم من مرة كان فيها وقف إطلاق النار ولصالح من؟ هل نسينا ما حصل من مجازر في المائة الماضية من التاريخ وهل اجتمعت الدول حينها، وسارعت في كل مرة لتقول كلمتها بوقف إطلاق النار، وتحقيق الحكم بالعدل وإنهاء الصراع ؟.

الحقيقة المرة تتلخص بأن المحتل بنى حركته وأعد جنده لتحقيق عقيدة فاسدة وهي أن فلسطين أرض الميعاد، وأنه يجمع النخبة من البشر على هذه الأرض، وكان ومازال يطمع كل مرة بالتوسع والاستيطان، واقتطاع المزيد من الأراضي ليحقق حلمه من النيل الى الفرات.

إن الصهاينة مازالوا يزرعون تلك العقيدة الفاسدة في قلوب الحمقى بزعمهم أنهم متدينون ويأمرهم دينهم بما يقومون به. والحق يقال هو الكبر والطمع والجشع الذي توغل في قلوبهم ومع ذلك يُظهرون المسكنة ويستجلبون عطف من في الماضي القريب اضطهدهم في البلاد التي سكنوها وكانوا معهم مواطنين فيها، ونسٓوا المسلمين الذين كانوا في كل مرة يستقبلونهم ويسمحون لهم في العيش بينهم في أمن وسلام.

الذي نريده كمسلمين وأتباع الأنبياء والمرسلين، هو إحقاق الحق ونشر العدل كما تعلمنا من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقام به عباد الله الصالحون عبر التاريخ، من حكام ومحكومين وللمثال وليس الحصر نذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين فتح القدس، والسلطان صلاح الدين الأيوبي الأشعري الذي حرر فلسطين وبر الشام من الصليبيين، والسلطان محمد الفاتح الماتريدي الذي فتح القسطنطينية، وغيرهم الكثير ممن أحقَ الحق ونشر العدل وزهق الباطل.

هذه عقيدتنا ولا نخرج عنها، وعلينا التمسك بنهج أهل السنة والجماعة من أشعرية وماتريدية، بالقول والعمل والصبر عند المحن والشدائد، ولا نحيد عن قول الله تبارك وتعالى القائل في كتابه العزيز: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون.

فلا عز لنا إلا بالإسلام كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنّا أذلة فأعزنا الله بالإسلام فمن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله.

وأختم كلامي بقول الله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلُوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين.

تميم

شاهد أيضاً

الادارة

حفل إفطار رسمي تنظمه الادارة الدينية لمسلمي أوكرانيا بمناسبة شهر رمضان الكريم

أوكرانيا اليوم / كييف/ في 30 مارس 2023، أقيم إفطار رسمي بمناسبة شهر رمضان المبارك …