%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF أوكرانيا

المثقف ودوره في ظل المتغيرات التاريخية

فؤاد خشيش/ مما لا شك فيه في ظل التطورات والمتغيرات التي تحصل في المنطقة على كل الصعد، وبخاصة في ظل تنامي الحركات فؤاد أوكرانياالاوصولية على اختلاف مشاربها، بدأت كل هذه المتغيرات تعيد اليوم تعريف دور المثقف العربي في التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي الذي يفرض نفسه على المنطقة وشعوبها، مبينا في الوقت ذاته جدلية العلاقة بين المثقف والسلطة، وايضاً طرحت اشكالية ما يسمى النخب السياسية والثقافية وغياب دورها في المجريات الحاصلة على اعتبار ان التاريخ يبيّن انه كان لهذه النخب دوراً كبيراً في قيادة المجتمع وبالاخص المدني نحو رحاب الحرية والتعبير  والديموقراطية وبخاصة في مرحلة التحرر الوطني والاستقلال في مراحل كثيرة من القرن الماضي والشواهد كثيرة على ذلك . اما اليوم السؤال المطروح وبشكل جدي على هذه النخب وعلى ما يبدو انها تركت او تهربت من تمثيل دورها التاريخي في ظل المتغيرات التي تحصل واكتفت بالتنظير الكلامي عبر شاشات التلفزة او عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذي هو بكل الاحوال  لن يكون ذا فائدة او تأثير .

 وفي هذا الاطار، يعتبر يرى الإعلامي والباحث الأكاديمي المعروف خالد الحروب ان “المثقف العضوي منتمٍ إلى مجتمعه وطبقته بلا تردد، ومدافع لا يهدأ عن مصالحها، وأحياناً كثيرة يقوده ذلك الدفاع إلى العماء عن عيوبها وفشلها الداخلي، لكنه يبرر ذلك بتقديم التناقض الرئيسي على التناقضات الثانوية، تاركاً العفن يأكل في عمق التكوين الإنساني والجماعي والفردي للمجتمعات”.  ويتابع ” ان الثورات العربية قدمت نوعين آخرين من الفاعلين الثوريين: الشباب والإعلام الاجتماعي. كل من هؤلاء الفاعلين مندفع للتغيير وفضح الفساد وكشف ما يُراد له أن يظل بعيداً من عيون الناس، لكن في الوقت ذاته غير منخرط في مشروع أيديولوجي محدد القسمات. بهذا المعنى فقد دفعت الثورات العربية الناجحة وغير الناجحة، وفي ذرى فوراناتها، جدل السياسة والأيديولوجيا إلى أمدية صحية كبيرة، مقدمة تسيّس الشرائح الشبابية ووسائل إعلامها على أيديولوجيا المثقفين العضويين والشرائح الحزبية المؤدلجة والموغلة في الماضي، عمرياً وعقلياً… ولم نعد أمام الصورة الكلاسيكية للمثقف الذي يظنه الناس ممتلكاً الحقيقة حتى ولو كرر إعلاناته بخلاف ذلك، ولم يعد هذا المثقف المصدر الأساسي للمعرفة أو المعلومة أو منطلق التحريض والتعبئة. الشرائح الشبابية والإعلام المعولم احتلت هذه المكان باقتدار. كل ما صار يتمناه مثقف اليوم الغرامشي والعضوي أن تتاح له دقائق عدة على شاشات هذه الفضائية أو تلك كي يخاطب “الجماهير”. بيد أن المثقف العضوي بتنويعاته، الجادة أو الشعبوية، المدافع عن قضايا الشعب، ليس هو المثقف الوحيد الموجود في ساحة الثورة، أي ثورة. فهناك قائمة طويلة لأنواع أخرى من المثقفين وهم مثقفو السلطة والوضع القائم. هؤلاء يحتاجون أيضاً إلى إعادة نظر في مواقعهم وتنظيراتهم في ضوء الثورات العربية الحديثة. مثقفو السلطة (وهم غير الأبواق الإعلامية والصحافية الهشّة الثقافة والعمق)، وجدوا أنفسهم في موقع صعب أيضاً. فهم بحكم ثقافتهم ودرايتهم التاريخية والعميقة يدركون حتمية التغيرات الواقعة في المنطقة العربية، ويدركون الفرق الجوهري بين العلاج الحقيقي والمسكن الموقت. والأهم من ذلك كله أن رزمة المسوغات التي كان جدلهم يقوم عليها لتسويغ الأمر القائم والانحياز للديكتاتوريات قد استنفدت أغراضها”.

لقد بدا جلياً ان المتغيرات الراهنة قد خلخلت ان لم نقل فضحت المثقف العربي وعرَته اقله ازاء الجرائم المخيفة التي تحصل بحق الانسان في العالم العربي، وكشفت اكثر ان النخب الثقافية عاجزة عن اتخاذ اي موقف لسبب ان الكثير من هذه النخب له ارتباطات ام مع النظام الحاكم او السلطة التي تؤمن له ديمومة استمراره(مال ، مركز في اجهزة السلطة …) ، او عاش ازدواجية الانتماء، وهلمجرا…

الانتفاضات العربية التي حصلت ولا تزال تداعيتها الجنينية تنبض حالمة بالتغيير الجدي تدعو بشكل جدي ما تبقى من النخب المثقفة الى لعب دورها الحقيقي في هذه الانتفاضات ، لا التنظير من علوَ، وان تدلي بدلوها من على كل المنابر المتاحة امامها وان تكون فعلاَ  لا قولاً الى جانب شعوبها المنتفضة على الديكتاتوريات، لكون ايضا الانتفاضات قامت من اجل الحرية والحقيقة والعدالة والديموقراطية الحقة والكرامة والخبز والعلم وايضاَ من اجل الدفاع عن الثقافة والمثقفين وضد الاغتيال والسجون .. من هنا واجب على المثقف ان يكون في مقدمة عمليات التغيير، لا ليأتي فيما بعد ويركب الموجة ..

لقد تبين ان الانتفاضات العربية قد اظهرت فعلاً عجز المثقف وتقاعسه عن التفاعل مع ما يحصل لكون بات فاقداَ للبوصلة بسبب تطور سرعة الاحداث التي لم يكن يتوقعها الا في احلامه ورواياته المتخيلة، ولكن الواقع كان اقوى واسرع، ولكي لا يكون المثقف موضع اتهام ،عليه ان يكون جريئاً في اعلان الموقف الحق مما يحصل، والا ما الفائدة بعدئذ..

صحافي

دكتور في تاريخ العلاقات الدولية

شاهد أيضاً

عدنان

رحيل الدكتور عدنان كيوان.. والجالية السورية في كييف تنعى الفقيد

عمت حالة من الحزن والتسليم بقضاء الله وقدره أوساط الجالية السورية والعربية والإسلامية في أوكرانيا …