5555 أوكرانيا

المؤتمر الدولي: موسكو.. واشنطن تقطيع وقت أم إعادة تموضع وتقاسم نفوذ؟

د. خالد ممدوح العزي / في مقابلة أجرتها صحيفة “روسيسكايا غازيتا” مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتاريخ 20 أيار 2013 قال: “لا أحد يمكنه أن يفرض على روسيا ويحدد لها تاريخ 5555 أوكرانياعقد مؤتمر دولي بالشأن السوري وخصوصاً أن روسيا تحاول إشراك دول الجوار في هذا المؤتمر وتحديداً السعودية وإيران.
لكن هذا التلكؤ الروسي في تحديد موعد عقد المؤتمر الدولي لحل الإزمة السورية، والتي سعت روسيا لعقده سريعاً، إنما ما فرض على روسيا العمل على التأخير لعقده هو انتظار النتائج العسكرية على جبهة القصير ودرعا التي تشهد معارك كسر عظم نظراً لإهميتهما الجغرافية والسياسية كورقة في عملية التفاوض القادمة بين روسيا وأميركا.
روسيا تحاول فرض أمر واقع أثناء اللقاء القادم بين بوتين أوباما في 6 حزيران القادم ومن ثم فرض بنود أساسية في مؤتمر جنيف 2، موسكو تحاول الذهاب الى المؤتمر الدولي بشروط واسعة تفرضها على المعارضة السورية والتي تقوم على إبقاء الأسد في السلطة حتى عام 2014 كرئيس كامل الصلاحية، ومن دون النقاش بهيكلية الجيش وتركيبة الأجهزة الأمنية، بذلك تفرض روسيا معادلة عمل عليها الأسد منذ اندلاع الثورة “الأسد أو الدم”، روسيا تحاول إعطاء فرصة جديدة للنظام من خلال استخدامه للملف الأمني والعسكري فالدمار والقتل هما شروط حسم المعركة.
لقد وضعت روسيا سقفاً سياسياً لعملية التحاور من خلال الانتصارات العسكرية التي وعد النظام بها وخاصة في جبهة القصير.
صقور الكرملين يحاولون الدخول في المعادلة الدولية الجديدة من باب القوة العسكرية والقدرة المالية للحفاظ على الجيوسياسة الروسية الحديثة لأن عملية احتلال العاصمة الجورجية “تبيليسي” عام 2008 كانت البداية في العربدة الجديدة في حلبة الصراع الدولية.
إن العملية العسكرية على مدينة القصير والتي يشنها النظام مع حلفائه، ما كانت لتتم لولا الإشارة الروسية، والتي تحاول من خلالها إجبار المعارضة السورية على الاستسلام لشروط موسكو التي فرضت نفسها على العالم بكونها تملك مفتاح حل الأزمة السورية وبتواطؤ أميركي.
فالروس مارسوا هكذا عمليات في حربهم القديمة وفي الحرب الجديدة التي افتتحتها في العملية المشهورة ضد مدينة غروزني ليلة عيد رأس السنة عام 1994 ودمرت المدينة مما أجبر المقاتلين والسكان على الخروج منها بواسطة أنابيب الصرف الصحي بعد صمود بطولي بوجه آلة الحرب الروسية. وأيضاً كررتها ضد جورجيا.
الروس يعلمون جيداً بأن أي سيطرة لقوات النظام السوري، لا يمكن أن تتم الا بالتدمير الكامل للمدن من أجل السيطرة عليها، كما حدث في مدن وقرى إقليم الشيشان.
أثناء زيارة وزير المخابرات الروسية مخيائيل فرفتكوف الى سورية العام الماضي كانت إشارته واضحة لذلك والذي عبر عنها بسؤاله للقيادة السورية، متى يمكنه تناول الغذاء في حمص.
وحمص هي المنطقة التي تعوم على بحر من الغاز، إضافة لكونها تمنع إقامة شريط أو جيب علوي في داخل الدولة السورية مرتبط بلبنان البقاعي، والساحل السوري ذي اللون العلوي, لبناء الكانتون الطائفي ريثما يتم التوصل الى تسوية بعد أن فشل الروس في تحقيقها طوال الفترة السابقة.
مشكلة المؤتمر الدولي
المشكلة ليست في توقيت المؤتمر أو مكان انعقاده، لأن عقد مؤتمر دولي أمر غير صعب… الصعوبة تكمن في الاتفاق على المشاركين فيه، وعلى جدول أعماله وسبل إلزام أطراف الأزمة بتنفيذ مقرراته…
لمجرد التفكير بعقد مؤتمر دولي بين روسيا وأميركا يعتبر العديد من المحللين بأن ضوابط حل الأزمة بدأت بالحلحلة في سورية وأنهت حربها المتصاعدة، لكن مع تطور المعارك في القصير يثبت بأن الأزمة بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة، فالدعوة للمؤتمر جاءت بطريقة غامضة وخلافية أبرزتها السجالات على منابر الجمعية العامة للأمم المتحدة عند التصويت على تمثيل الائتلاف الوطني السوري، فعلت صرخات روسيا التي عارضت قرارات الجمعية، والاتفاق الشكلي على عقد مؤتمر نهاية الشعر مكمل لمؤتمر جنيف الأول والذي يؤكد على بنوده الخلافية والتي لم يتم تنفيذ أي بند منها. فهل البلدان يحاولان الالتفاف على المعارضة وثورة الشعب الثائر طوال العامين.
إن التفاهم الأميركي- الروسي الجديد على عقد مؤتمر دولي يبرز سريعاً للأذهان سؤال هل هذا الاتفاق سوف يؤدي الى تقاسم النفوذ في سورية، من خلال إصرار الطرفين الحفاظ على وحدة الاراضي السورية والعمل على الحل السياسي من دون قيد أو شرط، وعلى ماذا الاتفاق بالاصل، فالاتفاق الروسي – الأميركي يقع ضمن تقسيم المنطقة على اسس مذهبيه وعرقيه التي تشجع على الحرب السنية الشعية من خلال شرعنتها الدولية وخاصة بظل القرار الايراني الذي يصر على اقامة هلال نفوذ شيعي يمتد من افغانستان حتى لبنان، ولذلك دخلت ايران المعركة مباشرة في سورية والتي اعتبرتها طهران معركتها وخط دفاعها الأخير.
فالمجزرة الأخيرة التي وقعت في قرية البيضا في بانياس تؤكد عملية التطهير العرقي الذي يقوم به النظام السوري في الوقت الذي تعمل روسيا على رعاية محور “الممانعة” والتي توفر له السلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي. فإيران التي تقود الحرب في سورية لا يمكنها دفع فاتورة هذه الحرب الباهظة مالياً ومعنوياً وسياسياً لولا مساعدة روسيا. لقد أصبح موقف روسيا تجاه الأزمة السورية مثيراً ومدهشاً للغاية وللاستغراب بكل معايير الكلمة.
بالرغم من أن الدول العالمية تنظر للأزمة السورية وحلها من خلال مصالحها الخاصة وليس من معاناة ومأساة الشعب السوري، لكن مأزق هذه الدول أنها لم تعد تتحكم بالأزمة السورية لأنها ارتبطت بدول المحاور والتي فرضت نفسها على حلولها.
ولم تعد مفهومة تمسك روسيا بالأسد وإصرارها على دعم نظام الاسد رغم الخسائر التي تسبب على المديين القريب والبعيد، لأن الخيارات الروسية أصبحت غير مقبولة في التسويق والعرض، فالمعارضة لم تعد تثق بروسيا حيث تتمسك بالحوار السياسي والتفاوض مع إبقاء الأسد في السلطة.
روسيا لا تعترف بالمعارضة السورية ولا تريد أن تعترف بها بل حاولت أن تعاقبها وتصفها بالمعارضة المأجورة، بالرغم من ادعائها في بعض الاحيان بان روسيا لا يهمها الاشخاص بل الشعب السوري وبالتالي هو الذي يقرر مصيره لكنها تحاول الإصرار على أن بشار الأسد هو جزء أساسي في أي حل ولا يمكن القبول بتنحيه، وهنا تكمن الازدواجية في الخطاب السياسي الروسي الذي يتم فيه تقاسم الأدوار فهذا يعني بأن الروس ذاهبون بالتشدد أكثر فأكثر بالملف السوري والذي يتم احتجازه رهينة من قبل صقور الكرملين من أجل تحقيق مكاسب مالية واقتصادية وبسط نفوذ جيو-سياسي على حساب الشعب السوري.
فالملفات العالقة كثيرة بين الروس والأميركيين. فالروس يحاولون إجراء الصفقة الكبيرة أثناء لقاء بوتين أوباما لذلك لا وجود لأي تصور روسي علني لما تريده روسيا للافراج عن الملف السوري.
بوتين ذاهب الى اللعب على شعور القوميين الروس من خلال العودة الى الحلم القيصري القديم بأن روسيا امبراطورية كبرى ذات نفوذ دولي، وهو يحاول إعادة التاريخ الى الوراء في انتزاع ما خسرته روسيا أثناء انحلال الاتحاد السوفياتي وعودتها الى الساحة الدولية كقطب عالمي.

كاتب صحافي وباحث مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

شاهد أيضاً

عدنان

رحيل الدكتور عدنان كيوان.. والجالية السورية في كييف تنعى الفقيد

عمت حالة من الحزن والتسليم بقضاء الله وقدره أوساط الجالية السورية والعربية والإسلامية في أوكرانيا …