عارف ابو حاتم / صراحةً موقف أوكرانيا العدائي من انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية أحرجنا كثيرا، خاصة بعدما كنا نظن أوكرانيا دولة قبائل وتفهم الأصول، وتعرف أن شقيقتها اليمن لديها من البضائع المصنعة محلياً ما يطفح للباب، ولا حل إلا بالانضمام لمنظمة الموالعة.. أقصد التجارة العالمية، من أجل تصريف بضائعنا، وغزو أسواق أوروبا وأمريكا وآسيا، واللي بايفلس منهم مش علينا، احنا نسوق بضاعتنا بالصلاة ع النبي، وبس.
تعرفوا بضاعتنا: التفاح اليمني فيه تشوه خلقي، عمري ما حصلت تفاحة مثل القارورة، وتفاح مثل البطاط إلا باليمن، وفي العالم تفاح أحمر وتفاح أخضر، والتفاح اليمني نصه أحمر ونصه أخضر….. حركااااات.
الرمان والمانجو والموز اليمني، هو الأفضل عربياً إن لم يكن الأفضل عالمياً، لكننا نسوقه بطريقة هي الأسوأ منذ عرف الإنسان الزراعة… بالله عليكم في عاقل يعمل خمسين كيلو رمان داخل كرتون سجارة، ويصدره إلى دبي والرياض، في حين يصل الرمان الهندي – الأقل جودة – كل ست حبات داخل صندوق خشبي أو بلاستيكي، وملفوفة بقرطاس شفاف، تلمع وتفتح النفس.
ونفس السلوك نمارسه مع الموز التهامي والشرعبي، ومع المانجو القادم من مزارع لحج وأبين وتهامة وتعز، والبطيخ “الحبحب” القادم من مأرب وأبين، وكل شيء نقدمه للعالم وهو “زنجبيل بغباره” لا نظافة، ولا سلوك راقي في التعامل، ولا ابتكارات جديدة في التسويق والتوزيع… الحبة البطاط يلتصق بها تراب أكثر من وزنها.. ومصممين أن “الحكمة يمانية”، فين الحكمة هذي اللي مش راضي تخرج من رؤوسنا إلى الواقع.
في اثنين ابتلاهم الله بمتابعة أخبار منظمة التجارة العالمية “أنا واليمن” فالأخيرة قدمت ملف انضمامها للمنظمة قبل أكثر من 12 سنة، وإلى الآن وهي تبرطع، وبعد جلسات مباحثات طويلة ومنفردة تمكنت من إقناع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وكوريا الجنوبية، وبجاه الله.. وكرامة الشاذلي وابن علوان اقتنعت 154 دولة في المنظمة، وبقيت أوكرانيا مثل عجوز خرف، تصدق الطارف.
وأنا منذ سنوات طويلة اتصل أسبوعياً وشهرياً بالأخ العزيز حمود النجار المسؤول اليمني المفاوض في منظمة التجارة بجنيف، كل مرة أسأله: ها لافين وصلت المفاوضات، ها قد إنضمينا وإلا عاده، ما عد ناقص إلا احجز من الفرزة إلى جنيف مباشرة، أسألهم ليش أخروا انضمامنا. الميثاق الداخلي لمنظمة التجارة العالمية وزع الفيمتو أو الفيتو على الأعضاء كلهم، وكل دولة عضو لها حق الفيتو “النقض” ويجب أن توافق الدولة طالبة الانضمام على شروط جميع الدول الأعضاء، وأوكرانيا قدمت شروطا شبه مفضوحة، إذ اشترطت على اليمن اعفاءات جمركية على صادراتها من الحديد لليمن، فكان الأمر مضحكاً وغريباً لدى الدول الأعضاء، لأنها تعرف أن لا تجارة بينية بين اليمن وأوكرانيا غير صفقات سلاح تتم عبر سماسرة ووسطاء، ولا تتم عن طريق الحكومة مباشرة، لأن المسألة فيها عمولات وكموشنات.
إذن سماسرة وتجار السلاح في نظام علي صالح هم أداة الضغط على أوكرانيا حتى تعرقل انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية، وحتى لا يحسب ذلك لحكومة باسندوة، ولوزارة يتولى حقيبتها وزير من حصة المعارضة.
وبمعرفتي البسيطة لا أرحب مطلقاً بهذا الانضمام حتى لا يكون “الحب من طرف واحد” فنحن دولة مستهلكة بامتياز، وليس لدينا ما نصدره غير النفط والغاز والأسماك، فأين وجه الفائدة من الانضمام، أتمنى من المعنيين شرح وتفصيل.
اون لاين