طارق غريب/ هل نحن غير قادرين على الخروج الامن من اعتصامنا داخل عقولنا المهجورة ؟ !
الايمان بفكرة دنيوية قد تكون قد تكونت في مراحل التاريخ والتطور الطبيعي الذي يحياه الانسان – منذ أن خلق الله ” ادم ” وأسكنه الجنة , ولكنه لم يكن قادراً على الاحتفاظ بالمكانة والمكان الذي أولاهما له الله سبحانه وتعالى – قد تكون راسخة في تلافيف عقل الانسان وقد يكون غير قادر على التخلي عنها ؟ !
” لكن ” ! مفردة غريبة جداً يلجأ إليها الانسان عندما يُريد أن يمدح عمل قام به غيره , ولكنه ليس لديه رغبة داخلية كاملة لاتمام هذا المدح , فيطلق على الاخر كلمة ” لكن ” لكي يقلل من أية اعمال قد يكون الاخر قد قام بها , حتى وإن كانت تلك الأعمال أو التصرفات تُعد في مجملها جليلة وتستحق الاحترام والتبجيل .
نلكنن لكي لا نُعطي الاخر حقه الكامل في المديح والاثناء على عمله الذي قام به , وقد يكون هذا العمل لم يسبقه إليه غيره , و ” لكن ” تاتي لتبرر مكنون اعتصامنا داخل عقولنا المهجورة التي لا نترك لها العنان لتنطلق وتمدح وتحترم وتُجل وتثني على أعمال الاخرين الذين انفردوا بها , ولم يكن لنا شرف القيام بها , فقد يكون الاخر قد سبقنا بالتضحية بكل غالي ونفيس حتى التضحية بالنفس والروح والراحة , لكي يتركنا ننعم بالحياة !
فبدلاً من أن نقدم واجب الاحترام لهذا المانح لنا كل شئ حتى روحه , نجدنا ننتقد دوراً قام به من أجلنا بادعاء أنه قام بواجبه وفقط , ولا نسأل أنفسنا , ماذا لو أنه لم يقم بواجبه , ماذا سيكون حالنا ؟ ماذا لو لم يُضحي من أجلنا , ماذا سيكون حالنا ؟
هل القيام بالواجب على أكمل وجه في واقعة معينة مجرد عمل عادي يقوم به المنوط به القيام به , دون كلمة عرفان بالجميل أو الاعلان عن التقدير ؟ هل نحن قادرون على القيام بما قام به ؟ هل نحن على استعداد للتضحية كما ضحى ؟ هل نحن ناكرين للجميل إلى هذه الدرجة ؟ هل نحن نرجسيين إلى هذه الدرجة ؟
أما أن الأوان أن نُعطي لكل ذي حق حقه ؟ أما أن الأوان أن نعترف بالجميل ؟ أن نشكر كل من يستحق الشكر ؟ أن نحترم كل من هو جدير بالاحترام ؟
علينا أن نواجه أنفسنا , وأن نتخلى على الكِبر والخيلاء , وأن نكُف عن الاثناء على أنفسنا لمجرد أننا نقوم بتفاهات ليس لها قيمة , وأن نحرر عقولنا من المفاهيم التي يتم حشرها في عقولنا , والأوهام التي يتم وضعها أمام مُخيلاتنا لنظل طيلة حياتنا نحلم بها !
إن محاولتك أن تُحقق حلمك الشخصي شيئاً مقبول شريطة أن تكون ” بتحلم على قدك ” , , يعني احلم كما تشاء حلمك الشخصي , أما الاحلام الجمعية فانها لا تتحقق إلا اذا كُنا جادين بالفعل في أحلامنا الجمعية , وقادرين على تحقيقها سوياً , عندما يقوم كل منا بدوره في منظومة , وليس العمل بشكل عشوائي تسابقي لتحقيق حلم نُعلن أنه جمعي وللجميع , ولكننا نعمل بالطريقة التي تؤدي بنا إلى الفشل الدائم , لأننا للأسف نعتصم غالبية سنين عُمرنا داخل عقولنا المهجورة التي لا نجرؤ على الخروج منها لنرى أنفسنا من خارجها !