%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3 أوكرانيا

القدس تستباح بايادي عربيه.

بقلم فارس مصبح / يبدو أن معظم الأنظمة العربية قد وصلت الى قناعة بأنها تريد الخلاص من القضية الفلسطينية وأعبائها وذيولها . وقد جاء هذا في وقت تميل فيه كل موازين القوة لصالح إسرائيل . ولا يعلم أحد الحكمة من وراء هذا التوجه وهذا التوقيت ، ولكن نتائج هذا القرار سوف تكون في النهاية وخيمة على العرب ، اللذين قد يصحوا يوما ليجدوا أنفسهم يعيشون في ظلال التبعية لإسرائيل خصوصاً وقد حولت إدارة ترمب أمريكا الى ناطق شرس بإسم المصالح الاسرائيلية ومدافعاً عنها دون أي إعتبار للآخرين .إن استخدام العرب لقتال العرب واستخدام الأنظمة العربية لدعم اسرائيل أو التعاون معها ضد الفلسطينيين أو ضد آخرين قد أصبح سياسة علنية تفرضها أمريكا واسرائيل وتقبلها معظم الأنظمة العربية . وقد أدى هذا المسار إلى العمل على إختراع أعداء جدد مثل ايران و أخطار جديدة مثل الحوثيين في اليمن بهدف إبقاء اسرائيل بمعزل عن ذلك التصنيف و إعتبارها حليفاً لبعض الأنظمة العربية في صراعاتها المزعومة تلك ، علماً بأن تصنيف الخطر يجب أن لا يرتبط بالأخطار الموجهة تحديداً ضد هذا النظام العربي أو ذاك ، بل يجب إبقاءه محصوراً بالأخطار الموجهة الى الأوطان و الشعوب . و ضمن إطار هذا التعريف لا يوجد خطر أهم من الخطر الاسرائيلي على الأوطان و الشعوب العربية وعلى مستقبلها. أما أن تقوم الأنظمة بحصر الأخطار بتلك الموجهة اليها أولاً فهو أمر يعكس حالة الانفصام السائدة بين تلك الأنظمة وشعوبها.

لكن شعبنا المناضل لم يرفع الراية البيضاء يوماً، ولم ينكس راية النضال، فخاض على امتداد أكثر من قرن أصعب معارك الدفاع عن وجوده وهويته وكيانه في وجه قوى البطش الصهيوني، وقدم من التضحيات ما لا يقدمه شعب في التاريخ، وما زال يواصل نضاله مسجلا في صفحات تاريخه النضالي المزيد من التضحيات، على درب مسيرة الكفاح المتواصل من أجل استعادة حقوقه الوطنية وفي مقدمتها عودة اللاجئين وفقا للقرار الاممي رقم (194)..فلسطين التاريخية بأكملها تحت الاحتلال ، ولكن رمزية القدس تبقى العلامة الفارقة في القضية الفلسطينية ، اذ لا فرق بين أي مدينة فلسطينية و الأخرى . لا فرق بين يافا وتل أبيب وحيفا ونابلس و رام الله و القدس ، فجميعها مدن فلسطينية . ولكن الاعتراف بشرعية الاحتلال الاسرائيلي للقدس هو اعتراف بتاريخ اليهود و اليهودية المزيف في فلسطين و اعتراف بحق اليهود التاريخي والديني في حائط البراق بإعتباره حائط المبكى كجزء من الهيكل المزعوم ، وفي القدس باعتبارها مدينة يهودية ولليهود أينما كانوا .كما ان عميلة نقل السفارة الأمريكية الى القدس ليست عملية استبدال اليافطة على مبنى القنصلية الأمريكية في القدس وتحويلها الى يافطة بإسم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية . فالخطر الحقيقي هو في مدلولات هذا القرار والذي يعني عملياً اعتراف أمريكا بإن القدس هي عاصمة ما يسمى بدولة اسرائيل و أنها بذلك خارج اطار التصنيف كمنطقة محتلة وبالتالي خارج اطار أي مفاوضات أو تسويات على إفتراض أن هنالك تسوية سلمية . القرار الأمريكي يعني ضمناً الاعتراف بأن القدس مدينة يهودية و لليهود فقط مع بعض المناطق الأثرية مثل المسجد الاقصى وكنيسة القيامة وقبة الصخرة التي ستتحول من أماكن مقدسة للعبادة الى أماكن سياحية تابعة لوزارة السياحة الاسرائيلية .

كما ان نَقْل السفارة الأمريكية الى القدس لا يعني مساحة جغرافية أو عنواناً مقدسياً بقدر ما يعني اعترافاً أمريكياً بشرعية الاحتلال . و أمريكا بذلك تضرب عرض الحائط بكافة القرارات الدولية و تُخضع الشرعية الدولية و القانون الدولي لصالح دولة الاحتلال الاسرائيلي . ومع ذلك يبقى العرب مصرون على إختيار نهج المفاوضات و السلام برعاية أمريكية منفردة ! واذا كان هذا هو واقع حال القيادة الفلسطينية و القيادات العربية فلماذا نتوقع من أمريكا ومن اسرائيل مراعاة الحقوق و المصالح العربية ؟؟ على ماذا سيتفاوض الفلسطينيون الآن ؟ وبعد هذا الاعتراف الأمريكي بشرعية الاحتلال فهل بقي لها دور كوسيط في عملية السلام ؟ وهل بقي هنالك أصلاً من مسار سلمي ؟؟ على السلطة الفلسطينية الآن أن تعيد حساباتها جيداً و تعلن موت مسار السلام و أن تقوم بالتالي بحل نفسها و إرغام الاحتلال على القيام بدوره علنا…فالخطابات المستهلكة وعقد الاجتماعات الشكلية والصريخ على شاشات التلفاز والشكوى لمجلس الامن والتوجه للمنظمات الدولية ولعب دور الضحية، لن يعيد لنا حقوقنا بل اعتقد انها أصبحت معيقه لأنها تجعلنا نشعر بنصر موهوم واصبحت وسيلة للتنفيس عن اوجاعنا وتعزز دور الضحية الذي أصبحت الطبقة السياسية الحالية تتقنه ولا تعرف شئ سواه.

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …