خالد
خالد العزي

العلاقات الروسية الأميركية توتر العلاقات بعد الربيع العربي-الجزء الثالث

العلاقات الروسية الأميركية توتر العلاقات بعد الربيع العربي-الجزء الثالث

د.خالد ممدوح العزي / الخلاف حول الملف الإيراني : لقد تبنت روسيا في الفترة الأخيرة سياسة محايدة اتجاه الملف النووي الإيراني ، من خلال الموافقة على مبدأ العقوبات الاقتصادية التي بدأت الولايات المتحدة بالعمل الجاد لإقناع المجتمع الدولي بمن فيهم روسيا بجدية هذه الخطوة التي تبنتها روسيا والصين ،فروسيا التي وافقت على العقوبات الاقتصادية التي تكون بعيدة عن عقوبات ذات أنياب،لكونها ترى إن النظام الإيراني بدأ يدخل نفسه في زجاجة فارغة،نتيجة التعنت والتعجرف،والتصرف مع روسيا حسب مصلحته الخاصة،”استخدام موسكو في الدفاع عنه”،من هنا أحست روسيا بان النظام يناور من اجل انتزاع مكاسب خاصة ،بعد رفضه العرض الذي تقدمت به روسيا، الأول من اجل التخصيب، والعرض الثاني يخصب “اليورانيوم المخصب” في موسكو وثم باريس ،فإيران التي حرمت روسيا من الاستفادة من حل المشكلة الإيرانية على الصعيد الدولي أدركت نفسها بأنها مهانة فعليا من قبل هذا النظام الذي يعاني العديد من المشاكل وحتى الداخلية ،كي لا تظهر نفسها، بأنها تحمي هذا النظام ،على حساب الشعب الإيراني ،اتخذت الخطوات الحيادية ،من خلال الخروج بمخرج أمام الشعب وليس النظام من خلال الاستمرار ببناء مفاعل “البوشهر” دون أن تشملها العقوبات الدولية ،تسليح إيران بالسلاح الدفاعي ، والأمور الاقتصادية الأخرى والتي أطلقت عليها روسيا عقوبات دن أنياب ،لان موسكو تدرك جيدا بان إيران، لاتزال شريكا لروسيا في مناطق حيوية مثل بحر قزوين والقوقاز والجمهوريات الأسيوية الإسلامية،وهذا يعني الحياد الايجابي، اتجاه الشعب والدولة ،وليس مع النظام الحالي .khalid al ezzi2 أوكرانيا

روسيا التي تعتبر إن استقرار النظام في إيران يوفر استقرار حدودي لجمهورياتها المجاورة ، لذلك حاولت طويلا التعامل مع النظام الحالي من اجل الحفاظ على مصالحها الخاصة ،انطلاقا من ذلك لم تعد روسيا ترى أية جدوى في مغازلة النظام الإيراني التي وصفته بعدم ممارسة “سياسة الديموغوجية” هذا التعبير الذي أطلقه الكريملين بعد خطاب احمدي نجاد المتلفاز “بتاريخ 26 أيار”مايو”2010 ، الذي اعتبر فيه بان روسيا سلكت طريق الغرب بدعمها لعدو الشعب الإيراني والأمة الإيرانية ،فعلى روسيا التغير بسياستها وإلا أصبح الشعب الإيراني كله عدوها ، سوف تخسره إلى الأبد ”

فالوزير الروسي “سرغي لافروف”، الذي أعلن في 19 أيار”مايو “2010 ،”من أن بلاده والولايات المتحدة والصين قد توصلت إلى مسودة ،كاملة بشان العقوبات الاقتصادية الموجه ضد إيران سوف تعتمد من اعلي منصة في العالم منصة الأمم المتحدة، ولكن بعد هذا التصريح ،أعلن وزير الطاقة الذرية الروسية “سرغي كرينكو”، بان روسيا ملتزمة بتنفيذ وعدها بتسليم مفاعل “البوشهر”،في نهاية أب” أغسطس” 2011، والذي سيتم العمل بها، وهذا ما يؤكد تحليلنا بالرغم من امتعاض الروس من سياسة النظام ،ولكن روسيا تبقى إلى جانب الشعب من خلال بالرغم من الهتافات التي علت في وسط المتظاهرين الإيرانيين” الموت لروسيا ،وبالرغم من عدم الثقة التي لم يمنحها النظام لروسيا في إعطائها دورا في عملية تبادل “اليورانيوم المخصب أو المنضب ” لحل الملف، فالنظام الذي يبرر ذلك بعدم وفا موسكو بوعودها اتجاه لنحيت تسليم مفاعل”البوشهر”،وإتمام صفقة تزويد إيران بصواريخ أس 300 الدفاعية، لكن وزير الخارجية الروسي الذي علق على اتفاق التخصيب الجديد في 17 أيار “مايو “من هذا العام ، بين “إيران ،تركيا والبرازيل” بأنه مناورة جديدة من قبل النظام الإيراني لكسب الوقت، وبان هذا الاتفاق يسوده كثيرا من الغموض ،نتمنى على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عدم عرقلة الاتفاق ،لكن موقف رئيس وزراء “اورودغان” الذي أرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي في 21 مايو،يقول فيها،”بأن تبادل الوقود المواظب لا يحل مشكلة ملف إيران النووي، وإنما يفتح الطريق نحو الحلول الدبلوماسية”،و هذا الموقف الذي يؤكده الرئيس البرازيلي الذي يستغرب تمسك إيران بالتخصيب على أراضيها بنسبة 20%،لان الاتفاق لم يشمل ولم يناقش هكذا أموار،هذه المواقف الدولية المطروحة،تؤكد حقيقة ما طرحته روسيا التي حمت بدورها إيران من العديد من العقوبات،وهي أدرى بالنظام الحالي وبمناوراته المستمرة لتحقيق أهدافه،ولكن هذه المرة ليس على حساب روسيا ومصالحة الخارجية، من هنا وضعت روسيا نفسها في الحياد الايجابي في معالجة الملف النووي، فهي موافقة مع المجتمع الدولي على السبل الذي يقترحها لحل الأزمة، لذا على صوت النظام الإيراني من خلال الخطاب الحماسي التحريضي الذي تله نجاد على الشعب الإيراني لكونه،عرف بان الروس سحبوا الغطاء الرسمي عنه وهذا ما يضعه هو ونظامه عرضة لتنفيذ أي قرارا يتخذ ضده، من قبل الغرب وأمريكا وهذا يعني العد العكسي لعنجهية احمد نجاد ونظامه .

1 – الملف الخلافي الذي لايزال موضوعه نقطة تجاذب بين الدولتين هو ملف “كوسوفو” الذي وضع على الرف، فبعد وصول إدارة اوباما إلى السلطة ،بالرغم من إن الحزب الديمقراطي” في أخر أيام “بيل كلينتون “،الذي ضرب صربيا عام 1999،وقسمها وشرذمها وسلخ عنها”كوسوفو” وفقا للعديد من الحجج التي قدمت للعالم،والتي قابلتها روسيا بطرح استقلال كل من “ابخازيا، وأوسيتا الشمالية” بعد حربها على جورجيا في أب”أغسطس 2008.

2 – الملف الذي بداء الصراع عليه اليوم هي مناطق أسيا الوسط ذات الوجود الحيوي لروسيا ،والذي ابتدأ، مع انقلاب “قيرغيزستان”، لصالح روسيا، والتي لم تنتهي معالمه، حتى هذه اللحظة ، لان ملف أسيا الوسطى ملف حيوي وضرورة التحدث عنه بالتفصيل .

3 – ملف الطاقة” الطاقة الطبيعية،والطاقة المستحدثة” لان الحرب القادمة والتي ابتدأت معالمها ترتسم مع بداية الألفية الثالثة،من اجل الطاقة والتي يسيطر عليها في المستقبل، روسيا التي استطاعت أن تفرض نفسها،على المجتمع الدولي، قوى عظمة في مجال الطاقة بسب سيطرتها على مواقع الطاقة ومصادرها الطبيعية .

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم أمام هذه المجابهة النقدية العلانية الروسية للسياسة الأميركية، والتي أصبحت تشكل عائقا بوجهها في كافة المناطق العالمية ، فهل تستمر روسيا بهذه المنهجية النقدية، دون التحول إلى مجابهة علنية من خلال توجه سياسي جديد للدولة البوتينية ؟ وهل تكون إستراتيجية رئيس روسيا الجديد “ديمتري ميدفيدف” من العام 2008 إلى العام 2012 هي نفس المنهجية النقدية البوتينية لأمريكا، في متابعة لإستراتيجية مبرمجة لهذه السياسية في خط مستقيم من قبل كل سياسيين الكريملين . ليتحول النقد إلى حرب باردة جديدة؟والتي ابتدأت معركتها على ضوء الاعتراف الأمريكي باستقلال كوسوفو، ونشر الدرع الصاروخية في أوروبا ومحاولة أمريكيا” والتي استبدلت حاليا بنشر صواريخ باتريوت في بولندا” ، ادخل كل من أوكرانيا وجورجيا إلى منظمة دول حلف الناتو ؟؟؟ لكن الرد الروسي الذي آتى سريعا على هذه المواضيع من موسكو من خلال كلمة “الرئيس السابق بوتين ” الناقدة، والمعبرة في اجتماع قمة روسيا- الناتو المنعقدة في نيسان،ابريل من العام 2009 في رومانيا ؟؟؟ فهل تستمر المعركة الدبلوماسية لاحقا، أما طرح خطوات أخرى متحركة ، لتكون الرد الفعلي على هذه المشاكل.

إذا بانتظار خطوات موسكو المستقبلية التي باتت تظهر نتائجها الفعلية على الصعيد الدولي.

الدبلوماسية الروسية الجديدة في الشرق الأوسط قبل الثورات العربية:

من هنا نرى زيارة الرئيس الروسي “ميدفيديف” إلى سورية في 11 أيار”مايو” الماضي،” دمشق ومن ثم إلى أنقرة” ، هذه الزيارة أتت في إطار، استكمال خطة التفاهم الروسي الأميركي ومن ضمنها” ملف الشرق الأوسط “والحاجة الأميركية للدور الروسي في بلورة صورة واضحة من قبل حلفاء موسكو في المنطقة، من اجل متابعة خط قطار تسوية، عملية السلام العربية –الإسرائيلية وخاصة بظل التصعيد الإسرائيلي الموجه باتجاه سورية بعد صفقة “صواريخ السكود “الروسية التي زودت سورية، بها حزب الله في لبنان .

“ميدفيديف”الذي أتى إلى سورية، ليؤكد بأن سورية هي تحت الحماية الروسية وممنوع مسها، من خلال التهويل الإسرائيلي نحوها وغير مسموح بضربها، وخاصة بعد تصريح باراك الأخير الذي قال” بأنه سوف يعيد سورية إلى العصر الحجري” فهذا غير مقبول،محاولة روسية جديدة بإعادة إحياء التفاوض، الإسرائيلي – السوري حول الجولان المحتل ،ومن اجل إحياء عملية السلام العربية الإسرائيلية،إضافة إلى الشيء المهم هو إعادة التقارب العربي الروسي،الرسمي،مع الدول العربية والإسلامية الذي بداء يغيب عنها الدور الأميركي، “ميدفيديف “الذي أكد بأنه يستطيع التكلم مع الدول العربية وحتى المعارضات العربية الرسمية، المتواجدة في البرلمانات” من خلال اللقاء بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية الفلسطينية،بحضور الرئيس السوري الرئيس بشار الأسد شخصيا، “فاللقاء بمشعل لا يعني الاعتراف،بالحركة أو عدم الاعتراف لان موسكو أول دولة أوروبية وعالمية، استقبلت مشعل عندها وتم دعمه ماليا، عام 2005 ، ولكن كانت هناك شروط طرحتها موسكو والكريملين على حركة حماس من اجل إدخالها في المجتمع الدولي، كن حركة حماس لم تعمل بتعليمات موسكو،وموسكو نفسها لم تغير شروطها حتى اليوم ،بالرغم من اللقاء الذي جمع روسيا وحماس وسورية، لان اللقاء،جاء حسب التوجه الروسي وليس حسب فهم البعض بأن روسيا قادمة إلى الشرق الأوسط لبناء أحلاف عسكرية أو جبهات ،تعيد للبعض أحلام الماضي في فترة الحرب الباردة ،لا احد يستطيع ادخل روسيا في أي وهم عسكري خاص ،لان الإستراتجية الروسية الحالية هو حل الخلافات والنزعات الحالية ،العالقة بينهم وبين الأمريكان،من اجل اخذ موقع لروسيا في المنطقة ،لان مصالح روسيا أغلى واقوي من أي حلم محلي لأي شخص أو قائد عربي أو إسلامي،لذلك نرى بان روسيا القادمة إلى الشرق الأوسط، ليس على محاربة الأمريكان أو الخلف معهم ،وإنما الفرصة اليوم تسمح لروسيا بلعب هذا الدور نتيجة للحاجة الأمريكية الماسة لهذا الدور الروسي. السياسة الروسية الحالية:

اختلف الوضع الحالي الذي انعكس صداه الفعلي على سياسة الدولتين من خلال الانقلاب الشعبي الذي سيطر على القارة السابعة والتغير الجذري الذي يعم الدول العربية من خلال الربيع العربي الذي عصف بدول كاملة كانت تحكم في المنطقة ،فأمريكا التي واكبة سير التغير العربي من خلال تغير مواقفها السريعة لجهة الشارع الذي سيطر على مجرى الامور وفرض نفسه على الجميع اضطرت امريكا بتغير سياستها الكاملة من خلال الاصطفاف وراء هذا التغير والاعتراف به لحماية مصالحها الخاصة ،عكس روسيا التي رات بهذا التغير هو عملية استخباراتية غربية تريد التغير وفقا لمصالحها الحالية واعتبار الاسلام السياسي هو شريك للغرب في هذا الربيع وبالتالي وضعت ثقتها بالأنظمة الحالية الدكتاتورية التي رات فيها هي الحامية لمصالحها الخاصة بغض النظر عن تصرفات هذه الدول القمعية والدكتاتورية وقتلها لشعوبها، فالمصلحة الروسية كانت فوق كل اعتبار ،هذا الاختلاف في التوجه والتفكير بين البلدين ادى الى تصعيد المواقف السياسية بينهما نتيجة الاختلاف على عدة مواضع لاتزال عالقة بين القطبين من اهمها نشر الدرع الصاروخية في اوروبا ،عدم تحريك ملف الحكم في روسيا فترة بوتين السابقة منظمة التجارة العالمية ملف ايران النووي ،ملف جورجيا ونظام ساكشفيلي ، ملف سورية ونظام الاسد ،مصالح روسيا الاقتصادية في الشرق الاوسط ،الانسحاب الامريكي من افغانستان وسيطرة طالبان مجددا على الحياة السياسية فيها .كل هذا التصعيد الاعلامي والسجالات الكلامية تأتي اليوم بحالة من التوتر السياسي التي تعيشه البلدين في ظل اعقاب انتخابات رئيسية سوف تشهدها روسيا في العام القادم من خلال وصول الرئيس بوتين للرئاسة ،والصراع الذي تعيشه واشنطن من اجل اعادة انتخاب الرئيس الحالي اوباما لولاية ثانية، سوف يبقى الوضع كما هو عليه بين البلدين بحالة من تأزم سياسي من اجل كسب النقاط سياسية الداخلية للمرشحين ،وبعدها سوف تعود الامور الى مجاريها والعمل الى تامين حلول لكل المواضيع العالقة ،و خاصة بان امريكا مجبرة حاليا للتنازل عن ملفات مقابل الاستمرار باستخدام المجال الجوي الروسي في تامين الامداد لأفغانستان.

يبقى الانتظار الى نهاية العام 2012 ،لكي تتبدل السلطات في كلا البلدين وتود الحياة الهادئة للبحث عن حلول للملفات المتأزمة والذي يلعب فيها الطرفين دورا رياديا.

أوكرانيا اليوم

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …