فادى عيد/ كان للمشاهد المتناقضة حاليا على الساحة السياسية خاصة بعد توجهات و تحركات العثمانيون الجدد الاخيرة، و ما يحدث داخل البيت العثمانى من تغير لبعض الاسماء و تبادل بعض الكراسى حتى جائت أستقالة هكان فيدان مدير المخابرات التركية التى تغزلت فيه الادارة الامريكية منذ أربعة اشهر بعد أن قالت عنه انه رجل الشرق الاوسط الجديد، ثم تولى أسماعيل حقي أدارة الجهاز لفترة مؤقتة قبل تولى رئيس جديد للجهاز فى منتصف عامنا الحالى و قد يكون فريدون سينيرلي اوغلو السفير التركى السابق بتل ابيب و صاحب ملفات السياسة الخارجية الهامة لاسطنبول هو الرئيس القادم للجهاز الاستخباراتى التركي، ثم زيارة اردوغان الاخيرة للمملكة العربية السعودية قبل الاتفاق بين اسطنبول و واشنطن على أعداد و تدريب جيل جديد من الارهابيين و التمهيد لتفريغه بسوريا و باقى دول المنطقة، بجانب الدعم التركي المباشر للاجنحة العسكرية لجماعة الاخوان بليبيا، كل تلك التحركات الاخيرة و اكثر جعلت البعض يتردد و يحتار فى بوصلة العثمانيون الجدد، خاصة بعد تغليف زيارة أردوغان الاخيرة للسعودية على ان اردوغان سيبحث مع الجانب السعودى تشكيل حلف سني لمواجهه المد الشيعي و قبل أسدال الستار جائت خطبة نتنياهو بالكونجرس الامريكي التى مهد بها الرأى العام العالمى لضرب أيران و كان ذلك أيضا فى الوقت التى كانت تتسائل فيه واشنطن عن من سيسدد فاتورة تلك الحرب المزعومة كما فعلت قبل توجيه ضربتها للعراق أو انشاء التحالف الدولى لمحاربة داعش، و جاء ذلك ايضا فى الوقت الذى كان جون كيري يستكمل اتصالته السرية مع الجانب الايراني حول مشاريعها و توسعاتها بالمنطقة و بعد أن أعتمد البيت الابيض خطة تصدير ما يحدث باليمن الى شرق السعودية بعد عرقنة اليمن .
و لكى نفهم طبيعة و حقيقة التحركات الاخيرة للعثماني اردوغان و الدور الجديد الذى كلفت به اسطنبول و تجلى فى زيارة أردوغان للرياض، علينا أن نعود بالاحداث الى عام 2003م و هو العام الذى حمل منذ بدايته حزب العدالة و التنمية فى سدة المشهد بتركيا، و الغزو الامريكي للعراق و الدور الذى لعبته تركيا فى ذلك الوقت لضمان تدمير العراق و أن لا تقوم لها قائمة مرة أخرى، و بعد أنتهاء الدور التركى بالعراق، كلفت ادارة بوش الابن الخارجية التركية بلعب دور الوسيط للضغط على أدارة الرئيس بشار الاسد للتوقيع على مذكرة شروط الابقاء، بعد أن بائت كل محاولات كولن باول وزير الخارجية الامريكي فى أقناع بشار الاسد للتوقيع على كافة بنود المذكرة بالفشل، فى محاولة من الولايات المتحدة لتحييد سوريا و اخراجها من المعادلة تماما على غرار معاهدة السلام مع مصر و وادى عربة مع الاردن و أوسلو مع فلسطين، و بعد محاولات كثيرة و مزيد من الضغط على سوريا وقع الرئيس بشار الاسد على بندين فقط من الخمس بنود للمذكرة، و هنا جاء تعليق الخارجية الامريكية وقتها بأن سوريا اصبحت خارج الخريطة السياسية المستقبلية للمنطقة، و كلفت الخارجية التركية وقتها بأستكمال المسيرة و بالفعل لم يتأخر وزيري الخارجية على بابا جان ثم أحمد داوود أغلو و لكن جائت محاولاتهم بالفشل أيضا .
و اليوم يتكرر نفس المشهد بتطابق شديد فبعد دعم دول الخليج العربى لمصر و أنحيازها للشعب المصرى و ثورة الثلاثين من يونيو و هو الامر الذى أحبط العديد من مخططات الغرب ضد مصر، الى أن جائت وفاة الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين رحمه الله و اسكنه فسيح جناته و بدئت الولايات المتحدة تنظر لفرصة تنحية السعودية عن دعم مصر حتى جاء الكلام مباشرة و صراحة أثناء لقاء الرئيس الامريكي باراك أوباما بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أطال الله فى عمره، و بعد رفض الملك سلمان بالتدخل فى الشأن المصرى بخصوص التصالح مع جماعة الاخوان الارهابية، كانت الخارجية الامريكية تعيد النظر فى دفاتر الماضى القريب و أتباع نفس منهج الامس بتصدير تركيا لتولى ملف تحييد السعودية عن دعم مصر حتى جائت زيارات متتالية من رجال الدولة التركية الى الرياض بدئت بوزير الداخلية أفكان علاء ثم رئيس اركان الجيش التركي و اكتملت بزيارة رئيس الدولة أردوغان . و أذا كانت المباحثات التركية فى السعودية حول مصر صعبة بحكم موقف الرياض تجاه شقيقتها القاهرة فعلى الاقل تستطيع أسطنبول فى كسب نقاط جديدة فى مشوارها الطويل ضد سوريا مع الرياض، و هى المباحثات التى ناقش التنظيم الدولى لجماعة الاخوان نتائجها فى أجتماعهم يوم 4 مارس بأنقرة بحضور كلا من إبراهيم منير أمين عام التنظيم الدولي، ومحمود حسين أمين عام الجماعة و العديد من القيادات البارزة للتنظيم الارهابي .
فقد يبرز على السطح أن هناك توجه جديد للعثمانيون الجدد و لكن حقيقة الامر أن العراب تتغير أبتسامته فقط دون أن تتغير أهدافه التأمرية، و ما يقوم به العثماني الجديد ليس بغريب عن سلفه العراب القديم عدنان مندريس الذى ضم تركيا لحلف شمال الاطلسى عام 1952م لكي تكون راس حربة ضد الاتحاد السوفيتى، و لم يتاخر لحظة فى ارسال قوات تركية الى كوريا، و جعل تركيا خنجر صهيوني لطعن القومية العربية، كما انة اول من قام بتأييد العدون الثلاثى على مصر عام 1956م، و فى العام التالى رفض مندريس التصويت بالامم المتحدة لاستقلال الشقيقة الجزائر، و تطورت علاقاتة مع الكيانى الصهيوني الوليد بسرعة شديدة فى الوقت الذى ذاق فية العرب المر من عصابتهم، حتى زار مندريس بنفسه تل أبيب عام 1958م و قام بعقد اتفاقيات عسكرية لكى تكون حائط صد ضد نفوذ الزعيم جمال عبد الناصر المتصاعد فى سوريا على حدود تركيا .
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط