الصرع والتقدم العلمي The epilepsy and scientific development
د. مسار مسلم صالح الغرابي
الصرع احد اضطرابات الجهاز العصبي المزمنة والذي لا يعدو كونه نشاطا دماغيا فائضا عن العادة يؤدي الى شد عضلي وعصبي كبير يظهر للعيان على هيئه نوبات متكررة ومتفاوتة الشده من شخص لأخر ولفترات زمنية متفاوتة ، تستمر في حالات خاصه وتستوجب عندئذ التدخل السريع لإنقاذ المصاب بحقنه وريدية بعقار الديزيبام Diazepam .
ان اكثر اصابات الصرع حدوثا هي في الولايات المتحدة الأمريكية و كانت هناك قوانين صارمه بحق الاشخاص المصابين بالصرع تحد من حركتهم ودخولهم الى صالات العروض السينمائية والمسرحية فضلا عن بعض المطاعم . ولعل مشوار استرداد حقوق المصابين بالصرع استغرق سنوات لتصدر بعدها سله من القرارات والتوجيهات المتعلقة بالصرع ونشر التوعية الكاملة عنه وضرورة التعامل المسؤول من جميع النواحي وعدم التضييق النفسي على المصابين لكي يتعايشوا بشكل طبيعي مع حالتهم وبدون ان يساهم المجتمع في زيادتها واستفحالها .
اسباب الصرع :- ان اغلب النظريات التي تعنى بالصرع ترجح العوامل الوراثية (اكتشف حديثا ان ما يقارب ال خمسمائة جين مسؤول عن حدوث الصرع) ، وبنسب اقل العوامل المكتسبة هذا فظلا عن ان نصف الحالات لا يعرف المسبب الفعلي لها , لذلاك لا يقتصر العلاج على ازاله المسبب فقط (ان وجد ! ) , بل يتعداه الى الحد من نوبات التشنج والسيطرة عليها .
ولا ننسى ان هنالك عوامل اخرى تعتبر اسبابا لنوبات التشنج كالتسمم بالرصاص Lead poisoning ، التهاب السحايا الدماغية Meningitis ، سرطان الدماغ Brain tumor.
التشخيص :- ان تشخيص الصرع يرجع في الاساس الى المدة الزمنية التي تستغرقها نوبات التشنج فهناك نوبات تكون صامته ولاتكاد تلحظ في حين ان هنالك نوبات واضحة وقد تطول كما اسلفنا وهنا نود ان نشير الى ان اخطر انواع الصرع هو الصرع المسمى status epileptic والذي قد يؤدي الى الموت ان لم يسعف المصاب بسرعة. وفي حالات معينه يلجئ الى استخدام جهاز التخطيط الدماغي EEG للكشف عن اي ضرر محتمل في الدماغ او اي ورم خاصه لو احتمل الاخصائي وجود ذلك . والاسلوب الشائع والمتعارف عليه حقيقة في تشخيص الصرع هو التاريخ المرضي History of disease ومايمكن ان يخبروا به اهل المصاب عن الحالة ومميزاتها وتصرفات المريض منذ بداية النوبة وحتى انتهائها ليبقى بعد ذلك تحديد نوع الصرع واسلوب العلاج المناسب من واجب الطبيب بعد الحكم النهائي على الحالة .
السيطرة والعلاج :- بعد ان تم التشخيص النهائي للحالة نصل الى طريقه العلاج والسيطرة ولكي نحدد العلاج المناسب لابد ان نفهم ميكانيكيه حدوث المرض وعليه فأن فهم ميكانيكيه حدوث النوبات العصبية Seizer قد ساعد كثيرا في ايجاد العلاج المسيطر اذ تعزى اغلب النوبات الى زياده نسبه الكالسيوم والصوديوم وانخفاض معدل المركب الكيميائي الكلوماتيت والGABA وعليه فان اي مركب يستخدم في العلاج اذا ما قلل او اغلق مستقبلات الصوديوم والكالسيوم سيساهم في الحد من النوبات seizures وبالمثل فان العقار الذي يساهم في زياده معدل تكون الكلوماتيت والGABA سيحد وسيسيطر على نوبات الصرع . وعلى هذا الاساس صنعت العديد من العقاقير كمجموعة الفينتوين Phenytoin (لا ينصح به للنساء الحوامل )، كارباميزابيم Carbamazepine (له اثار جانبيه كثيره منها فقر الدم), باربيجيوريت Barbiturates , فالبرك اسد والصوديوم فالبريت Valporic acid and Sodium valproate .وعقار اليثوسكسمايد Ethosuximide المستخدم خاصه مع صرع الصغار Petit mal epileptic.
عقاقير جديدة :-
هنالك انواع جديده من العقاقير التي تستخدم كعلاج مكمل مع العلاجات السابقة وحسب التدرج العلاجي ، منها :- فيكابا ترين Vigabatrin ,لاما ترجين Lamatrigine , فيلباماتي Felbamate , كاباپينتين Gabapentin ,تياكابين Tiagbine , پريكابلين Pregabalin .توبيرامات Topiramatr. يستطيع المريض ان يتناولها بعد سؤال الطبيب المعالج .
هذه اغلب العقاقير التي اكتشفت حديثا وحصلت على اجازات التسويق مع العلم ان قسم منها لا تعرف ميكانيكية عملة ولكنه يقود الى تقليل والحد من نوبه الصرع .
ان التدرج الصحيح في علاج الصرع والاستمرار على اخذ العلاج المنتظم وبالوقت المحدد لة اهمية كبيرة في السيطرة وعلاج هذا المرض كما تؤكد البحوث التي اجريت على المرضى اذ كانت النتيجة هي ان في ما معدلة ال ١٠٠٪ في ٧٠ من الحالات التي خضعت لعناية خاصة وعلاج منتظم تم شفائها نهائيا من الصرع. وهذا يعطي حافز لأولئك الذين يعانون من الصرع ولا يجدون مغزى من استخدامهم اليومي للعقار والملل الذي يعتريهم.
علاج الحالات المستعصية :-
ان الحالات التي لا تستجيب للأدوية ولم يحصل معها أي تقدم سواء في السيطرة او الحد من نوبات الصرع المتكررة فالتدخل الجراحي يبقى هو الحل الامثل واستخدام الأجهزة التقنية الطبية الحديثة في العلاج خاصة تقنيه تحفيز الدماغ العميق(DBS) Deep Brain Stimulation. وهي من احدث الطرق في السيطرة التامة علي الصرع سبقتها تقنيه ال Vagal Nerve Stimulation (VNS) والتي استخدمت بشكل خاص في علاج حالات الاكتئاب المستعصية وحالات الصرع الجزئي partial-onset epilepsy وحازت التقنية على اجازه التسويق بشكل رسمي عام 2005. تتلخص تقنية DBS بأرسال شحنات كهربائية الى منطقه في الدماغ بالتزامن مع حصول نوبه الصرع او على اوقات معينة فيحدث تعادل في الشحنتين الصادرة والمتولدة فتتلاشه النوبة. وقد حصلت الموافقة على استخدامه بشكل رسمي سنه 2002 واثبت نجاحا مميزا في علاج مرض الباركنسون Parkinson او ما يعرف ب الشلل الرعاشي.
ايفانوا فرانكوفسك -اوكرانيا