%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84 %D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A أوكرانيا

الصراع في نهاياته مع العمال الكردستاني

الكاتب: مراد يتكين .

العمال الكردستاني أوكرانياعندما يصرح أحد صقور تنظيم حزب العمال الكردستاني بعد ثلاثين عام من الصراع المسلح الذي أودى بحياة اربعين الف شخص بأنه لا يريد بعد الأن متابعة حمل السلاح وقد حان الوقت للقول لا للحرب التي لم توصلهم إلى أي نتيجة ، فهذا يعني بأننا قد وصلنا إلى نقطة عقد سلام دائم ومن ناحية أخرى سيعطي دافعاً قوياً لحزب الشعوب الديمقراطية في الانتخابات النيابية المقبلة  .

فقد اهتمت وسائل الإعلام الألمانية باعتذار جميل باييك -أحد مؤسسيي حزب العمال الكردستاني إلى جانب عبد الله أوجلان- من ألمانيا، وذلك في تصريحات خص بها قناة WDR  الألمانية، ومن الطبيعي أنْ تهتم وسائل الإعلام الألمانية بهذا الجزء من تصريحاته .

في الحقيقة ما قاله باييك بحق ألمانيا لا يمكن تجاهله أيضا، لأنّ حزب العمال الكردستاني حوّل ألمانيا لجبهة صراع ثانية بعد تركيا وذلك لتواجد مئات الآلاف من الأكراد من أصول تركية في ألمانيا، فقد انتشرت الأحداث في ألمانيا بدءا بالمسيرات الاحتجاجية وأعمال العنف، إلى دعوة الأكراد هناك للانضمام لحزب العمال الكردستاني في الجبال، ومرورا بجمع الأموال من رجال أعمال أتراك وأكراد في ألمانيا، ولهذا وضعت ألمانيا حزب العمال الكردستاني على قوائم الإرهاب .

لكن مع اعتذار جميل باييك من الشعب الألماني بقوله “باسم حزب العمال الكردستاني نعتذر من الشعب الألماني، كما نعدكم أنْ لا تتكرر مثل هذه الأحداث مرة أخرى”، هل ستُزيل ألمانيا حزب العمال الكردستاني من قوائم الإرهاب بعد هذا الاعتذار؟ سنرى .

دعونا ننتقل للحديث عن التصريحات التي تهمنا بالدرجة الأولى، حيث قال :”لا يسعى حزب العمال الكردستاني بعد الآن لتأسيس دولة كردية مستقلة، فهو يسعى لأنْ يكون له صوت سياسي مسموع. نحن لا نريد محاربة تركيا بعد الآن، نقول كفى، فمن خلال الحرب لم نصل نحن ولا الدولة التركية لأي من أهدافنا .”

هذه الكلمات خرجت من أبرز وأهم قيادات حزب العمال الكردستاني، لهذا فإنّ هذه التصريحات تعطينا الأمل بصورة فعلية لإنهاء حالة الصراع المستمر منذ ما يربو عن ثلاثين عاما والذي تسبب بمقتل وزهق أرواح الآلاف .

تعتبر تصريحات جميل باييك بمثابة الرد على نداء عبد الله أوجلان الذي أطلقه من سجن إمرالي خلال عيد النوروز المنصرم، فقد طلب اردوغان من قبل أنْ يجتمع حزب العمال الكردستاني بأعضائه ليعقد مؤتمرا يُعلن فيه إنهاء “الكفاح المسلح.”

لا يوجد معلومة واضحة أمام الجمهور فيما إذا كان حزب العمال الكردستاني قد عقد مؤتمره الخاص أم لا، لكن عندما يقول قائد عسكري قاد الحرب لمدة تربو عن ثلاثين عاما “كفى”، فأعتقد أنّ ذلك يعني أننا وصلنا لنقطة اللاعودة على طريق عملية السلام والمصالحة الوطنية .

لو رجعنا إلى أرشيف تصريحات رئيس الجمهورية طيب اردوغان عندما كان رئيسا للوزراء، وتحديدا في عام 2008، بعدما قام بترفيع قائد القوات البرية ليصبح رئيس الأركان، نجد أنه قال “لن نصل إلى نتيجة باستخدام القوة العسكرية فقط .”

في عام 2005-2006 حصل رئيس جهاز الاستخبارات آنذاك إمره تانير على الضوء الأخضر من حكومة العدالة والتنمية من أجل فتح أبواب التفاوض مع الأكراد، إلا أنّ المجلس الأمن القومي التركي رفض هذا القرار وأوقف هذه الخطوة، لكن عندما استلم هاكان فيدان زمام جهاز الاستخبارات قام بهذه الخطوة عام    2012.

ما أريد قوله هنا، هو كما أنّ الدولة التركية اقتنعت بعدم جدوى الحل العسكري منذ سنوات، اقتنع على ما يبدو الآن حزب العمال الكردستاني وتوصل إلى نفس النتيجة، وهذا ما كان واضحا من خلال رؤية عبد الله أوجلان منذ مدة، وتصريحات باييك إضافة لإثبات هذه الحقيقة .

هناك أهمية في التوقيت أيضا لتصريحات جميل باييك، فانتقال حديث حزب العمال الكردستاني من مبدأ “وإلا سنبدأ الحرب من جديد” إلى مبدأ “نريد حلا سياسيا بدل الحرب”، في هذا التوقيت بالذات، سيُعطي قوة إضافية لممثل الأكراد السياسي حزب الشعوب الديمقراطي لكي يتجاوز نسبة الحسم 10% خلال الانتخابات المقبلة .

وذلك لأن حزب الشعوب الديمقراطي وصل إلى مرتبة شجاعته وقوته لدخول الانتخابات كحزب، متحديا نسبة الحسم، من خلال أسلوبه السياسي وانتقاله للدفاع عن الحق والحرية من خلال السياسة والطريق الديمقراطي .

لن يغيّر مزاج الناخب التركي أو الكردي الذي يستعد للتصويت لحزب الشعوب الديمقراطي خلال انتخابات 7 حزيران، إلا عودة حزب العمال الكردستاني مجددا إلى أعمال العنف، فما دام الحزب بعيدا عن ذلك ويتمسك بالحل السياسي، سيبقى انعكاس ذلك إيجابيا على الأصوات التي سيحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي .

تصريحات باييك وتضميناته بعدم عودتهم لأعمال العنف في ألمانيا، وقوله “نحن لن نقوم بهذا، ومن يقوم بأعمال عنف بقرار فردي ليس منا ولا نعترف به”، فكأنه يريد من ألمانيا أنْ تكون “العين الثالثة” والطرف الثالث لحفظ الاتفاق بين الأكراد والدولة التركية .

ارتفاع نجمة حزب الشعوب الديمقراطي خلال الانتخابات المقبلة، يعني انطفاء نجمة حزب العمال الكردستاني، لكن ذلك لا يعني أنّ حزب العمال الكردستاني قد انهزم، وإنما يعني أنّ الحزب أصبح يتحضر للدخول لمرحلة تحوّل تاريخية ستصب في مصلحة جميع الأطراف ..

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …