الصراع الدولي والتغير المنتظر :
د. خالد ممدوح العزي / الصراع الاقتصادي يتصاعد في كل الدول الكبرى ، وخاصة الاقتصادية منها، والسبب يعود لعدم وجود خطة اقتصادية إنقاذيه شاملة لدى هذه الدول ، بالطبع الشرق الاوسط مكان مفعول به في سياسة هذه الدول ، ومرحلة انتقالية للمعارك الجديدة القادمة في خريطة العالم الدولي الجديد التي تراهن على بناءه بعض الدول ، وبالتالي الروس والصينين شأ من شأ وابا من ابا ، فانهم خرجوا من الشرق الاوسط، وساهموا بدخول امريكا واوروبا على المنطقة ، بسبب تقاعس هذه الدول وعدم تعاملها الجدي مع شعوب دول هذه المنطقة، ووضعهم لعدو وهمي ومجهول لهم ، هو صعود الاسلام السياسي الى السلطة .
فاليوم المعركة القادمة للسيطرة هي معركة اسيا الوسطى وافريقيا…وليست منطقة الدول العربية التي يتم تغير انظمة الحكم فيها تدرجيا . المشكلة العربية وقعت اذا اسيرة لمصالح دولية ، لم تحل ولم تخرج نتائجها بعد، ولن تحل اليوم وخاصة السورية منها . الجميع يحاول انتاج نظام دولي جديد يحاول ان يكون له دور اكبر واكثر فعلية من خلال التمسك بملفات وايجاد تحالفات جديدة ،لطرح او اطلاق دبلوماسية اوسع واكبر، ومن نوع جديد يكون فيها تعدد الاقطاب هو السائد والحاكم . فاوروبا اليوم تعاقب زعمائها واحزابها ،الذين وافقوا على سياسة التقشف، علهم يسيطرون على زمام الازمة الاقتصادية، لكن الشعب قرر معاقبتهم واستبدالهم باليسار . ان نمو اليسار في اوروبا اليوم ، لا خوف منه لأنه ليس هذا اليسار القديم ولا الجديد الجدي والقوي، ولا يتمتع ببرنامج واديولوجية جديدة مميزة ،ولكن سيطرت اليسار اليوم في اوروبا سوف ينمي اليمين المتطرف، وهذا هو الجوع الحقيقي لأوروبا والخطر القاتل لها ،ويذكرنا هذا الوضع بالعام 1930 عندما وصلت النازية في المانيا الى سدة الحكم بواسطة الانتخابات الشعبية وبالطريقة الديمقراطية ، طبعا هذا حال اليمين المتطرف في فرنسا الذي ساهم باسقاط حزب سركوزي مما ساهم بفوز الحزب الاشتراكي ،لكي يتمكن حزب اليمين المتطرف ،من ان يكون هو الحزب المعارض ، الوحيد والقوي والذي يضمن له مستقبل زاهر في فرنسا بظل تأزم الحياة الاقتصادية والاجتماعية ،وهذا وضع اليونان وايطاليا و صربيا الخ . فالانتخابات في الغرب لم تدل عن استقرار في القارة الاروبية او في الغرب بشكل عام ،وانما تدل على ازمة وليدة ولا تحمل اي حلول حقيقية للازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهم، فالغرب سيغرق في المزيد من المشاكل في المرحلة المقبلة.
روسيا والورقة السورية :
تتحمل روسيا ، جزء ليس بسيطا من الكارثة ،فقد تمادت كثيرا في تازمها، ولم يعملوا على ضبط الازمة بل اطلقوا لها العنان، لقد ساهمت بالكارثة الفعلية ،واطلقت زئيرالاسد ،ومدته بالسلاح والمال والمعلومات والحصانة الدولية فرفعت الفيتو ضد العرب لحماية ايران وليس سورية، روسيا عينها على ايران، ولكن التقدير الروسي يمتاز بالغباء وضعف الرؤية فروسيا لازالت حبيسة اوهام قديمه بانها الدولة الثانية الكبرى في العالم . طبعا ان مسرحية تدور السلطة الروسية ، هي مهزلة للشعب الروسي واليوم التداول يتم في حلقة ضيقة ولكن اضحينا امام القيصر الحقيقي في ادارة الملافات الدولية العالقة، وخطابه السياسي هو خارطة طريق من قبله للتعامل مع الملفات السياسية والتي بدأها باشارة واضح للتقارب مع امريكا بلهجة تصعيدية. لروسيا وامريكا مصالح مشتركة في ترتيب وتهدئة العلاقات بينهما من خلال ادارة العلاقات بطريقة جيدة تخدم البلدين ،وايضا كل الملفات العالقة هي محصورة اذا بين موسكو وواشنطن. هناك ملفات كبيرة ومتازمة بين البلدين وهي بحاجة للحل الجيد وبادارة حكيمة ،:”ومنها ملف جورجيا الدرع الصاروخية العلاقات في القوقاز الانسحاب الامريكي من افغانستان في عام 2014 ، مصير ومستقبل حركة طالبان القادمة للسلطة ومدى تاثيرها على دول اسيا السوفياتية ،ملف سوريا ،ملف ايران ،منظمة التجارة العالمية ،الانتخابات الداخلية الروسية والسكوت عن حكم بوتين وعدم دعم المعارضة الروسية بالاضافة الى مشاكل اخرى مفتاح الحل موجود مع واشنطن”، وبالتالي موسكو تعلم بانها لاتستطيع الدخول في حرب “اعلامية او سياسة او عسكرية او دبلوماسية مع واشنطن فالحرب الناعمة ليست لصالح روسيا.
المشهد السياسي العالمي :
فالانتخابات في روسيا ،اسبانيا ،فرنسا ،اليونان واميركا عقدت المشهد السياسي العام .لذلك سوف يينتج تقارب بعد الانتخابات الامريكية القادمة من خلال اعطاء روسيا بعض الامتيازات البسيطة التي تعلنها روسيا نصرا دوليا. ففي فرنسا -المانيا المشكلة الاوروبية الاجتماعية الاقتصاية ومشكل النمو هي مشاكل ذات ابعاد ذاتيه داخلية الى حد ما وكذلك المشكل في روسيا صعود الطبقة المتوسطة وصعوبة تجاهلها وفي اميركا البطالة والتضخم الاقتصادي .فاخر تقرير للتنمية البشرية لايبشر بخير. ان هذا الصراع الدولي لايزال ينظر الى المنطقة العربية على انها مفتعل او مفعول به وليس فاعل .
الربيع العربي لاشك عقد المشهد الدولي الى حد كبير وزاد من اعباء كافة القوى الدولية في البداية كانت المشكلة مع اميركا والان نتيجة قلة الخبرة الدبلومسية روسيا لم تستفد من التغيرات، وجعلت من نفسها طرفا وهي رؤية بنيت على تصور خاطئ اي ان ارتكاب الاخطاء سمة من سمات النظام الروسي.وبالتالي الازمة الاقتصادية العالمية التي يدفع ثمنها الزعماء القدامة في العالم الغربي ،لا يعني ابتعاد دور روسيا عن هذه الازمة، و هي ليست بعيدة عن مدار هذه الازمة العالمية.لكن ذلك لم يحل مشاكل الطرفين لان المشاكل عميقة جدا من الجانب الاقتصادي والسياسي اجتماعي ،بظل صعود واضح لتيارات يمينية ويسارية اكثر تطرفا.المشكلة السياسية لم تحل والجميع يحاول ويعمل على انتاج نظام دولي جديد ، يكون له دور اكبر واكثر فعلية من خلال التمسك بملفات عالقة ،وايجاد تحالفات دولية جديدة ،لطرح او اطلاق دبلوماسية واسعة كما اشارة اليه وكالة وكيكليكس في العام 2010 .
الازمة السورية و الانتخابية العالمية:
الازمة السورية تتراوح اليوم ما بين انتخابات في الصين، ورئيس جديد في ألمانيا، ودخول القيصر بوتين إلى الكرملين مرة أخرى، وخروج ساركوزي من الإليزيه ودخول أولاند والحزب الاشتراكي إلى كرسي الحكم لأول مرة منذ عام 1994، يبدو العالم كله كأنه يتقلب على صفيح ساخن! واليوم هناك حيرة في واشنطن حول الرئيس المقبل، وسخونة في إيران حول الانتخابات التشريعية، وغموض وقلق وخوف في مصر حول شخص الرئيس الآتي من ضمن 13 منافسا. كل ذلك له معنى سواء كنت معه أو ضده، سواء كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، سواء كنت مع ساركوزي أو ضده، سواء كنت إسلاميا أو محافظا أو ليبراليا في الحالة المصرية، لكن الانتخابات الوحيدة التي لا معنى لها، هي الانتخابات البرلمانية في سوريا التي جرت على وقع قنابل المدفعية الثقيلة وطلقات الهاون والنشاط الدموي لشبيحة النظام.وهنا لبد من التوافق مع مقالة ل “رجا طلب في جريدة الرأي الاردنية بتريخ 7 مايو “ايار”2012 تحت عنوان :” مهمة عنان.. إلى متى؟ والتي تتحدث على ذمة كاتبها وذمة الجريدة :” بان المعلومات الاكثر خطورة تتحدث عن صفقة تمت عبر وسيط اميركي – لبناني الاصل بين دمشق وواشنطن واسرائيل وحزب الله بشان تقاسم حصص وكميات من الغاز اللبناني المكتشف مقابل بقاء النظام واطلاق يده في انهاء الثورة الشعبية في سوريا. من ابرز المؤشرات على احتمالية تلك الصفقة هو الفتور الواضح الذي طرأ فجأة على التعاطي الدولي مع الملف السوري وكأنه اصبح ملفا منسيا او في طريقه الى الدخول في حالة النسيان”.
مهمة عنان رصاصة الرحمة للسياسة العالمية :
العالم اليوم كله يؤكد على ضرورة نجاح مهمة كوفي عنان ،والسبب الاساسي الذي جمع بين مختلف السياسات العالمية والتوجهات المختلة هو الغيب العلي لعدم الاتفاق على مبادرة سياسية قبلة للتنفيذ من قبل مجلس الامن والشكوت الامريكي على كل جرائم الاسد التي تؤشر على روائح صفقة خاصة بين الغرب والروس ونظام الاسد من خلال ضغط اسرائيلي على حساب استسلام الثورة السورية .هذا الذي يجعل خطة عنان المتق عليها دوليا دون تحديد مهمة التنفيذ وربطها بالية محددة ،اضافة الى غياب اي ضغوط على الاسد عسكريا .
ومن هنا فان فشل المهمة يعني فشل مجلس الامن كليا في ايجاد حل سلمي للازمة السورية وبالتالي العالم ترك سورية ورفع يد المجتمع الدولي عنها وتركها للنظام ليكي يسكت صوتها بقوة القتل والذبح كالخراف .وخاصة ان الازمة السورية التي فقدت اي حل سلمي وعربي ودولي لها بسبب استخدام النظام لقبضة الحديدية الامنية والعسكرية ،وبالتالي هذا الملف الذي استخدمه في فرض مصالحه الخاصة لتحسن شروطه في التفاوض شلت ايضا ي تحسين شروط تفاوضها ،وبالتالي سوف يعمل الشعب السوري في تحصين حاله في مواجهة النظام للدفاع عن نفسه،من خلال الاتجاه نحو التطرف الشعبي السلفي ،وبالتالي امام عجز المجتمع الدولي ي حل الازمة سوف يسمح في تدفق القاتلين الاجانب التي سوف تجتدبهم قضية جديدة لمقاتلين مجهولين وباحتضان الشعب السوري الذين باتوا بامس الحاجة للمساعدة دون النظر من اين هذه المساعدة .وهنا يعيدنا التاريخ الى العام 1993 عندما ترك العالم اهل البوسنة عرضة للقتل والتنكيل الى حيث قدوم المجاهدين العرب والمسلين الى سراييفوا والدفاع عن اهلها وفرض توازن رعب حقيقية ،ادت بالشعب البوسني بالالتفاف نحو هذه الشريحة المدافعة عن الشعب .عندها قرر الغرب الدخول في معركة ضد الصرب والوقوف الى جانب الشعب الاعزل بعد الخوف الفعلي من تدفق المجاهدين الى دولة في جنوب اوروبا .
مابين البوسنة وسورية امن اسرائيل :
واليوم هل سورية سوف تكون البوسنة في الشرق الاوسط بعد 20 عاما من الماساة التي عاشها الشعب البوشناقي ،واليوم يعيشها الشعب السوري بكافة فئته بكل مدنه ونواحيه .
فالعالم بوادي والربيع العربي بوادي اخر ،فلماذا يكون التغير في بلاد العرب غير طبيعي ،فالاسلام ليس بجديد على بلاد العرب لان عمره اكثر من 1400 سنة ،ولكن اسرائيل هي الجديدة ،العالم هو القلق عليها والعدو الوهمي ليس بجديد،لكن الحرية والديقراطية والعدالة الاجتماعية سوف تفرض انظمة جديدة في الدول العربية ، بعيدة عن حماية امن اسرائيل ،فالانظمة العربية الفاشلة الحالية هي شريكة في جريمة اغتصاب دولة فلسطين العربية ،واسرائيل لن تجد افضل من هذه الانظمة الحاكمة في حماية امنها لكونها انظمة دكتاتورية وقمعية .
كاتب إعلامي، ومختص بالإعلام السياسي والدعاية.
[email protected]