خاص لموقع بيلاروسيا اليوم واوكرانيا اليوم
تحيق :د.خالد ممدوح العزي
الضاحية الجنوبية لبيروت الكبرى ، تعيش فيها اليوم 410 عائلة،من عائلات الزاوج المختلط بين الروسيات “السوفياتيات ” واللبنانين ، هذا رقم ليس ضئيلا ، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الضاحية تأتي في المرتبة الثالثة في اجتذاب هؤلاء النساء الاجنبيات. هذا الإحصاء البسيط الذي أجراه مركز “الترويكا للدراسات” لم يكن احد يتصور كم هو العدد الفعلي سابقا لهذه العائلات كما اخبرنا مدير المركز” .
-“اسكندر منصور الكفوري” مدير مركز الترويكا للدراسات ” يقول:” أن العدد الذي وثقناه من خلال مركزنا يصل الى 2409 من العائلات ذات الزواج المختلط المنتشر في كافة لبنان ، فالضاحية تأتي بالمركز الثالث بعد الجنوب والشمال.
بالطبع هذا الرقم يبقى تقريبيا لبعض الشيء كما يشير الكفوري ، إذ لا يمكن حصر هؤلاء تماما لان بعضهم لا يسجل في السفارة .
-لينا اسعد السيدة الأوكرانية المتزوجة من لبناني تقول:” السبب الاساسي في عدم الحصر هو بسيط جدا لانهم لايذهبون لتسجيل انفسهم في السفارة و بحسب محدثتنا بالعامية المكسرة “ما ألهن خلاق”.
الروس والتأقلم مع عادات الضاحية :
ليس مهما ان يكون الرقم دقيقا لعدد العائلات ،بل المهم انه ليس رقما صغيرا في ضاحية بيروت الجنوبية التي تختبر الاختلاط حديثا ،وهي التي يصعب عليها في حالات معينة تقبل هذاالوقع الجديد .ومع ذلك لم يعد وجودهن محصورا بقصة مكان لجأوا إليه . لقد أصبح اسمه مجتمع المتكلمين باللغة الروسية وهن يقدرون على إعطائه بقدر ما اخذوا ويأخذون من المجتمع الذي حلوا فيه على حين غفلة مواطنون وليس عابرات، لقد نقلوا إليه شيئا من العادات والتقاليد الدارجة أصلا في بلادهم.
لكن هذا الاندماج لن يجعلهن يتقبلن “المساوىء” رغم السنين التي قضوها في لبنان .ثمة حدود للكذب ،للتحايل ،للحزن ،وهو ما “لا يعرفه اللبناني”.
– لودميلا شريم طبية الاسنان الروسية تقول :” “قد تنصهرن القادمات الروسيات داخل مجتمع الضاحية ،لاكن ثمة مالا يذوب وهي تلك الأنواع من المشاعر والاحسيس التي قدمت معهن ،ولوتعودت البعض منهن على هذا المجتمع ، لكن البعض لم يتقبله والبعض الاخر مجبرن على التقبل والتأقلم .
وإن بات لبنان لهن الوطن البديل عن البلد السابق، الذي اسمه الاتحاد السوفياتي.
ومن خلال بعض الاطلالت على حياة مجموعة صغيرة من بلاد القياصرة التي كان نصيبهم العيش في الضاحية الجنوبية من خلال بعض العينات المشتركة التي اجبرت العيش والتأقلم في حياة وتقاليد هذا البلد المختلف بعاداته وتقليده وتصرفاته :
لودميلا شريم تقول :”الزوج هو المساعد الأول للزوجة الأجنبية و التي لم تحسب الشابة الروسية القادمة يوما بأنها سوف تحمل كنية شريم وتصبح كنه في لبنان وتعيش في ضاحية بيروت الجنوبية وتعاني من السكن واللغة في إنا معا،لكونها حلت ضيفة دائما على هذه المنطقة والعائلة وتبدأ بترتيب حياتها من جديد في وسط بيئة تختلف كليا عن البيئة والحياة التي عاشت وتربة بظلها.
– لودا التي لم تكن تتقن لغة الإشارة ،او لغة بديلة عن الروسية، تقول لنا بأنها كان من الصعب عليها تعلم اللغة العربية التي لاتزال تصعب عليها نطق بعض حروفها ،لو لم يساعدها زوجها لكنت تركت كل شيء ورحلت ،وهي تشدد على مساعدة الزوج للزوجة الغريبة ،مشيرة” إلى إن أكثر 30% من الروسيات ينفصلن عن أزواجهن بسبب لا مبالاتهم” وتضيف بعربي على روسي “اذا كان رجال ما بتساعد المرأة لااجنبية ،أكيد بدها ترجع ،انتو جبتهو لهون بدكم تساعدوها”.”
لكن اليوم للعيد كما يقلن مر القطوع وباتت العربية كما الروسية التي نقلتها الى طفليها علي ودانيال.إما اليوم بالنسبة إلى لودميلا شريم لقد حققت انجازين اللغة والاستقلالية في بيت وعمل في عيادة خاصة ، فأضحت الحياة أفضل بكثير من السابق
التقاليد اللبنانية :
لاتزال الروسية غير متأقلمة بالعديد من العادات التي ينتهجها اللبنانيين في حياتهم وتصرفاتهم ،يؤكد الجميع على انهن نجحنا بالمزج مابين التقاليد الروسية واللبنانية لان الحياة طويلة في لبنان وعلينا ان نعيشها كما هي ،كل هذا التعود لكن المعاناة لا تنتهي هنا وتبدأ من الأرصفة والحدائق العامة التي تغيب في الضاحية مقارنتا بمناطق ثانية وليس بروسيا، والتي تكون أسهل من المعاناة اليومية التي لم يستطيعوا بلعها أبدا وهي الكذب ،والمدارس والمأتم اللبنانية الطويلة لكنهم تأقلمن فيها بسبب الأولاد.
الحب اقوى من الحرب:
لينا اسعد التي اتخذت القرار النهائي البقاء في لبنان فهناك في روسيا ما عاد الكثير لجدبها للعودة ، إلا الوالد والأشقاء هكذا قررت البقاء لينا اسعد السيدة الأوكرانية زوجة المهندس اللبناني البقاء في لبنان جانب زوجها وأولادها، لقد أتت إلي لبنان بعد انتهاء الحرب الطويلة عام 1992 لتعيش في منطقة الشياح التي ترفع عنها غبر الحرب التي استمرت 15 عام من الدمار والخراب المنتشرة في كل مكان ولكنها بقت وعاشت فترتها الأولى مع أهل زوجها كباقي الروسيات القادمات للعيش في لبنان ،لقد عاشت بين الشياح ومنطقة الجاموس، دون الذهاب الى حديقة من اجل العاب الأولاد فيها قاصدة المنطقة الشرقية من بيروت للتنزه في الحديقة أو “الاكفا برك “. إما اليوم يختلف الوضع وقلة المعاناة التي عشتها في السابق.
اليوم الضاحية تطورت نحو الأفضل،الحدائق والملاعب والقهاوي وكل شيء حديث أصبح موجود في الضاحية .
الحبل في لبنان… وروسيا :
السر في لبنان لا يشبه السر في روسيا ،يذكروا لنا مثالا عل ذلك “خبر الحبل ” كم من العائلات ستعرف بخبر امرأة حامل:” العائلة الصغيرة ،الأكبر والأكبر حتى الضيعة “،… “وربما السرفيس والناطور”، السر في لبنان مشاع أو ابن 24 ساعة ،كل شيء يختلف عن روسيا ، الأسرار والمواعيد والزيارات ، في روسيا الحبيب لا ينتظر حبيبته أكثر من 7 دقائق فالوقت من ذهب ونحنا نعرف قيمة الوقت ،عكس لبنان الذي يعتبر كل شيء غدا …غدا ،” متى غدا بعد فترة “
التضحية و البقاء في المنزل لاجل الاولاد :
مدام سمور: التي اختارت البقاء في البيت لأجل أولادها الثلاثة عكس باقي الروسيات اللواتي لا يتحملن “عيشة ربات المنازل ورفضت العمل في مهنتها الأساسية ، مفضلة خدمت الأولاد والزوج عل الذهب الى حقل العمل الذي يلهيها عن واجبتها البيتية والزوجية ،لقد ضحت بكل شيء، من اجل الأولاد بقيت في البيت أجادت العربية بسهولة والعادات اللبنانية والطبخ وتحضير الواجبات اللبنانية المميزة.
طبقة مختلفة في المجتمع اللبناني :
عائلة البعلبكي هذه العائلة تعيش في ضاحية بيروت الشمالية في “منطقة غاليري سمعان” طبيبة وزوجة طبيب يعملان سويا وتختلف حياتها عن الأخريات لجهة العيش والتأقلم في الحياة اللبنانية “وحياة الضاحية البيروتية “.
نتاليا بعلبكي تقول :” بأنها من طبقة اجتماعية مثقفة جدا ولذلك تهتم كثيرا بان يكون أصدقائها من ذات الطبقة، يفكرون ويتصرفون ويعشون مثلها ،هي تهتم برفاهية وثقافة أطفالها،مثلا ابنها يعزف على الغيتار وابنتها على البيانو وهي تعزف على البيانو كل عصر من كل يوم ، ففي الأعطال تتنوع نشطات العائلة بين مسرح وسهر في مطعم والسفر في بعض الأحيان إلى روسيا، بعلبكي تشير بان صداقتها محصورة في الروسيات واللبنانيات للعمل فقط.
عذاب الانتظار في لبنان :
جانا اسعدالمرآة التي لم يعد يربطها بلبنان إلا أطفالها، لان زوجها بعد 20 سنة من العيش المشترك قرر طردها من البيت الزوجي بسبب اعتراضها الاخلاقي على زوج طفلتها البالغة من العمر 13 سنة الذي قرر والدها تزوجها الى رجل ثري جدا رميت الزوجة في الخارج لا مطلقة ولا معلقة لأنها رفضت المال ،فكان عقابها من زوجها بعد عشرة زوجية دامت 20 عاما ،لم يطلقها خوفا من ان تتزوج غيره ، عرضه الوحيد ، هو الطلاق مع الرحيل دون عودة ، تندب حظها وتقول والأولاد كيف يمكن تركهم …لقد عادت جانا الى كنيتها الأساسية بروتونا ،لتعيش اليوم وحيدة في منطقة الحدث وتعمل في مصنع للخياطة “مهنتها الأساسية التي عملت بها طوال حياتها “في منطقة تلة الخيط لتعمل من اجل أولادها ،التي تعد الأيام من اجل إن تلتقي بهم ل 3 ساعات في الاسبوع في بيت عمهم .
جانا تقول بان زوجها تغير منذ عودتنا إلى الى لبنان وأصبح قاسي ويتعامل معي بقسوة ومنعني من العمل من خلال قوله لا يوجد في مجتمعتنا نساء تعمل وعملت في البيت ممارسة مهنتي التي أحببتها .
لكن الذي صبرني ويصبرني على تحمل هذا العذاب والجحيم، والذي يمنعني من العودة إلى وطني هم أولادي لذلك أضحي وانتظر لأجلهم . تروي جانا بان النقطة الفارقة في حياتنا ، كانت عندما كنت أمارس رياضة” اليوغا “فاتهموني بالبوذية.
على هذا الأساس طلقوها وحرموها من أولادها وحقوقها الشرعية ،كونهم لا يعرفون حقوق أتباع البوذية أبدا ،تركت البقاع قادمة إلى الضاحية الجنوبية ،والتي تنتظر كالسجينة المحكوم عليها بالمؤبد لقد انتهت 20 سنة وبقيت 15 سنة .فهي ليست الأخير والكثيرات غيرها يمارسن الانتظار بسب أزواجهن
مسلم شعيتو” الباحث في مركز الترويك يقول بان :” بان 30 % من المطلقات هن من الجيل الرابع لان كل 10 سنوات يأتي جيل ويوجد في لبنان 50 امرأة مطلقة في الضاحية الجنوبية حسب إحصائيات المركز ،فالسبب الذي يجعل هذا العدد يرتفع ،فان الإجابة التلقائية تعود بالأصل إلى تغير الزوج في تعامله وتركيبته الشخصية التي عيشتها الروسية في فترة الإقامة في بلدها وليس تغير العادات او الظروف والحياة الاجتماعية ولكن التغير الجذري في تركيبة شخصية الرجل اللبناني الذي يسبب الى نشؤ الخلف مما يسبب الطلاق وكذلك تدخل الاهل وخاصة العائلات المحافظة والمتزمتة دينيا .
خالد ممدوح العزي